سورة آل عمران | حـ 364 | آية 14 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 364 | آية 14 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه، مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر حقيقة قد خلق الكون عليها: زين للناس حب الشهوات، حتى صارت هذه الحقيقة عنوانا على حياة الناس وأن الناس قد زين لها حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا وهذه حقيقة أخرى ومتاع الحياة الدنيا ليس محرما
في ذاته وإنما نظم الله طريقة التعامل معه فأباح الزواج بين الرجل والمرأة وجعله من سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم واحترم الأسرة دون أن يقدسها فهناك بعض الأديان قد قدست الأسرة بحيث أنه لا طلاق على الإطلاق ولا تعدد بين الزوجات ولكن في الإسلام هناك طلاق وهناك تعدد ولذلك فالأسرة ليست مقدسة لكنها محترمة فهناك افتراق بين القداسة والاحترام نظم العلاقة بيننا وبين الأبناء فأمر الوالدين بالإحسان وبالتربية
الحسنة وحسن التربية للأبناء حتى أنه أمر بالعدل بينهم حتى في الحنان والتبسم والعطاء وأمر الأبناء باحترام الوالدين وببرهما وجعل بر الوالدين هو التطبيق الحقيقي للتوحيد فجعله وقرنه دائما بالتوحيد وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا وهكذا والنبي صلى الله عليه وسلم يتحدث عن أكبر الكبائر والموبقات فيقول الشرك بالله وعقوق الوالدين دائما يقرن ربنا ورسوله بين التوحيد وهو عقيدة في القلب وبين بر الوالدين وهو سلوك في العمل فنظم
العلاقة بيننا وبين الوالدين وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما هذه علاقة ماذا وصاحبهما في الدنيا معروفا هذه بقية العلاقة يصبح إذا واضحا الأمر في مدى الحب بين الآباء والأبناء وجعل من أبنائنا فتنة ومن أزواجنا فتنة وجعل هناك حبا للأزواج وللأبناء وهكذا إلى آخره، لكنه أخبر عن حب الله في كلام طويل إذا ما جلسنا فيه وحللناه وجدنا أن الله لم يحرم هذه المتعة وإنما هذبها،
والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة فلم يحرم ربنا الغنى لكنه وضع نظاما للتعامل معها فحرم الربا والغش والتدليس وأكل أموال الناس بالباطل والرشوة وأمر بالزكاة والصدقة والإنفاق في سبيل الله وجاء بنظام النفقات التي ينفق فيها الرجل على أهله وأسرته وجعلها واجبة عليه وأتى بنظام المهور يدفعها الرجل للمرأة تقوم المرأة بتربية هذه الأسرة ورعايتها والعناية بها ويقوم الرجل بالإنفاق على ذلك كله وجعل هناك ميراثا في نظام دقيق تحدثت عنه سورة النساء حتى
يتم تفتيت الثروة وتفتيت الثروة أولى من تكديسها ولهذا منهج ولحرمة الربا طريق ولحل الربا طريق ويمكن أن يتمتع الإنسان بتكديس الأموال ويتمتع بالربا لكنه يمكن أيضا أن يعمر الأرض بحرمة الربا وأن يعمر الأرض تفتت الثروة فاختار الله لنا تحريم الربا وتفتيت الثروة، وهذا لا يعني فشل الأنظمة التي قامت على الربا وتكديس الثروة، ولكن يعني أن المسألة برمتها والنظام بأكمله لا يصلح إلا بهذا، لا يصلحه إلا هذا ولا يجوز فيه إلا هذا، ألا
يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، هذا مهم حل الربا وتكدس الثروة بالبنيان وهذا يهتم بالإنسان، هذا يهتم بالظاهر وهذا يهتم بالباطن، هذا يهتم بالحال وهذا يهتم بالحال والمآل، هذا يهتم بالشخص وهذا الآخر الذي نحن فيه حرمة الربا ومنع التكدس يهتم بالقضايا والأفكار فيتخلص الإنسان من نفسه ويعلم أن هناك يوما آخر سنعود فيه إلى الله لنقف بين يديه سبحانه وتعالى فهناك نظامان، بعض الناس يقولون هذا نظام سيدمر، لا أبدا، هذا نظام موجود أيضا
بحيث يحل الربا وأن يكدس الثروة وسيفعل شيئا، لكن هذا الشيء في النهاية مختلط الترتيب في أولوياته، فيها أنهم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة غافلون، أنهم يبنون المصانع ويتقوون بالقوة وإذا بهذه القوة تدمر البشرية وتستعمل في غير مراد الله من خلقه ولذلك فهم يسبحون ضد تيار الكون وهؤلاء الذين حرموا الربا وقسموا الثروة بالميراث يسيرون مع تيار الكون ويذكرون الله ويسجدون له كما يذكر الكون ربه ويسجد له والخيل المسومة هناك أيضا غنى من نوع آخر وهو الاتصال
بالحيوان والاتصال بالحيوان غير الاتصال بالغنى، هذا هو الشيء الذهب والفضة، حتى الثقافة تجد الذي عنده خيل هذا أكثر ارتباطا بالطبيعة التي خلقها الله من أولئك المترفين الذين عندهم أموال لكن ليس عندهم أصول، واضح جدا الغنى هذا من الغنى هذا والأنعام والحرث هذا مجال آخر إذن الذي هو الحرث الذي هو الزراعة، كل نوع من أنواع الغنى تحدث الله عنه ويحتاج إلى دراسات مستفيضة وإلى لقاء آخر. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة
الله وبركاته.