سورة آل عمران | حـ 377 | آية 24 - 25 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 377 | آية 24 - 25 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى عن أولئك الذين أوتوا نصيبا من الكتاب ولكنهم لم يكونوا من الراسخين في العلم واتبعوا أوهامهم وأفكارهم دون أن يتبعوا الحقائق وإذا ما دعوا إلى كتاب الله فإنهم يفرون منه فرارا، يقول ربنا في شأنهم: ذلك يعني هذه الحالة من اتباعهم لجزء من الكتاب وكفرهم بجزء منه "أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا"، يقول ذلك بأنهم
قالوا "لن تمسنا النار إلا أياما معدودات"، العلة الاستهانة والجهل، فالولد المستهين يقول لهم: هذا أنتم هكذا ستدخلون النار، فقال له: وما يعني أن ندخل فنشتوي فيها قليلا ثم نخرج؟ سنقعد فيها يومين أو ثلاثة، أو أربعة وبعد ذلك سنخرج لندخل الجنة. ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار، وهم متأكدون جدا، و"لن" هذه تأتي للتأكيد أي لن معدودات معدودة وهذه معدودات يعني ماذا جمع المؤنث
يفيد القلة بخلاف جمع التكثير فيفيد الكثرة فمعدودات يعني شيء بسيط هكذا عدوا واحد اثنين ثلاثة أربعة خمسة فهؤلاء جهلوا أشياء كثيرة هكذا والجهل ولد عندهم استهانة هذه لفحة النار من بعيد على فترة خمسمائة سنة تحرق الإنسان فتبقى هذه النار كيف تبدو هذا عذاب الله يدل على غضبه ونحن قد غضب الله وما قدروا الله حق قدره ذلك بأنهم قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون يظل يكذب على نفسه حتى صدقها
علة موجودة في البشر وموجودة إلى يومنا هذا يفضل الفرد منهم أن يأخذ كلمة من هنا وكلمة من هنا وكلمة من هنا ويكون في ذهنه أي صورة كاذبة لا علاقة لها بالواقع، ثم بعد ذلك يصدق نفسه ويبني على هذا الافتراء كل حياته وكثير من الذين يقولون عن أنفسهم نحن مثقفون تجد فيهم هذه العلة قطعة من الصحيفة من هنا وقطعة من صحيفة أخرى هنا ويسمع كلمة من هنا ويتخيل من عقله تخيلات أخرى ويبني على هذه الصورة وإذا تكلمت وقلت له يا أخي هذه أوهام لا حقائق لها يقول لك لا وأنا عالم أنا مثقف أنا لست يعني لست صاحب علم أكاديمي هكذا
أنا مثقف، ماذا؟ أنت ضال، أنت لست مثقفا، أنت ضال هكذا لأنك تبني بأوهام وليس بحقائق، بأهواء ورغبات وتخيلات. يقول لك ما هو؟ الإنسان محترم ويجب أن تكون هناك حرية للفكر وحرية للتفكير، فأنا أفكر وأبني على فكري هذا، ويجب أن تكون هناك حرية. طيب، اجعل فكرك نظيفا، اجعل إنه يفكر مبنيا على حقائق وليس مبنيا على أوهام ورغبات وشهوات، والفرق بين التفكير المستقيم والتفكير غير المستقيم أن هذا مبني على حقائق وعلى علم وذاك مبني على هواء وعلى خيال، فهو عين العقلية الخرافية التي أنت نفسك تقول لا تستخدم
العقل الخرافي، فأنت وقعت فيما حذرت منه، انتبه لا فائدة وغرهم في دينهم أي فيما يعتقدون ما كانوا يفترون أي ما كانوا يكذبون من أوهام وأكاذيب يبنون عليها صرح فكرهم غير المستقيم فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه يوم حقيقي إذن أي سيفاجأ في يوم القيامة أن انتهت الإشارات وذهبت العبارات ولم تبق إلا ركائز الواقع إذن وكل الفكر الذي يفكر فيه هذا المسكين لأنه كان يتوهم أنه سيضيع ولن يبقى
شيء لا ريب فيه ولكن لا شيء لأنه حي وقد وفيت كل نفس ما كسبت وما هو بظلام للعبيد واليوم لا يظلمون فماذا سيفعل في هذا الوقت إذن سيكشف الله عنه غطاءه فبصرك اليوم حديد فانظر ما الذي حدث، ماذا سيفعل المسكين؟ أما الذي رتب الأمور ترتيبا علميا واقعيا حقيقيا فإنه لا يتوه في هذه المتاهات، هذا كون يدل على وجود الله وهذا كتاب ينطق بالحق وهو من عند الله ودلائل الإعجاز فيه واضحة، تجد الأطفال يحفظونه، تجد غير العرب يحفظونه، تجد يحفظونه وهم لا يفهمونه ليس هناك نص مقدس
هكذا حفظه ربنا وجعله الأخير الذي أيده الله لنبيه أيده تجده مؤيدا فيقول أنا أترك فيكم عترتي أهل بيتي فلما مات أهل بيتك جميعا في حياتك ما الذي يجعلك تتجرأ هكذا إذ ليس هذا من عندي بل من عند ربنا وما لي فأهل بيته يملؤون الأرض عندما تأتون لزيارتي هنا في القبر، ومن الذي قال لك إن قبرك سيبقى؟ فربما تقتل في معركة فإذا بقبره يبقى ويظهر ويبقى ظاهرا يعلمه المسلم وغير المسلم إلى يوم الدين. الله! ما هذا؟ هذا مؤيد يا إخواننا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.