سورة آل عمران | حـ 379 | 25 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 379 | 25 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا لقد انتهينا من البقرة فنحن الآن في آل عمران في آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى "فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه" يعني كيف بنا جمعنا من أنكر اليوم الآخر فصار حقا ما سيرونه بأعينهم ليوم لا ريب فيه، فيبقى لا ريب فيه هذه يمكن أن تكون عائدة علينا نحن هنا أي اجعلوه لا ريب فيه عندكم لأهميته، وقد تكون عائدة على نفسه أي أنه حينئذ
سيكون لا ريب فيه، والإيمان باليوم الآخر من أركان ولذلك نحن نحمل لا ريب فيه على أنه لا شك فيه عندكم عند المؤمنين، وإنما فيه ريب عند غير المؤمنين. فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه في الحقيقة ونفس الأمر وعند المؤمنين في هذا اليوم وهو يوم الحقيقة، فإنه أيضا هو يوم العدل وهناك علاقة بين الحقيقة وبين العدل. فالعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه، هذا هو العدل أن تعطي كل ذي
حق حقه. الحقيقة إذن ما الذي أعلمك أنه صاحب حق؟ إذن الحقيقة هي في الحقيقة أنه صاحب حق، وما الذي أعلمك أن هذا ليس بصاحب حق؟ إذن البحث عن الحقيقة، فعرفت في الحقيقة أنه هذا ليس عرفت ذلك استطعت أن تعدل، وإذا لم تستطع ذلك وتعرف ذلك فإنك لا تستطيع أن تعدل. يبقى العدل ومعرفة الحقيقة سواء، لكي تبقى عادلا لا بد أن تعرف الحقيقة. أمرنا بالعدل يعني أمرنا بمعرفة الحقيقة، أمرنا بمعرفة الحقيقة فقد أمرنا
في نفس الوقت بالعدل. لما عرفت الحقيقة فكن عادلا لأنك لو حدت بعد ما عرفت الحقيقة عن أن تعطي كل ذي حق حقه فقد ظلمت إذن هذا يوم تتحقق فيه هذه الصفة ووفيت كل نفس ما كسبت أي لا ظلم اليوم أي في عدل ووفيت كل نفس ما كسبت إذن إذا ما دام وفيت كل نفس ما كسبت فهو يوم الحقيقة في صفتين هنا نأخذهما من "ووفيت كل نفس ما
كسبت" يبقى من أسس التفسير وأنت تفسر كلام الله أن ترى اللوازم يعني تقعد تفكر هكذا لأن نحن كثيرا ما لا نفكر تتخيل أن اليوم هذا تعطى كل نفس ما كسبت يبقى هذا يستلزم ماذا يستلزم أن أنا ما كسبت كل نفس يكون فيه معرفة وأن هذه المعرفة دقيقة أم غير دقيقة، وما دام لا يوجد ظلم، يقول بعدها وهم لا يظلمون، فتكون دقيقة. فلما تعطى كل نفس ما كسبت أيكون ذلك عدلا أم لا؟ يكون عدلا. هذا نوع من أنواع التفسير وهو أن تنظر في اللوازم. أن ترى لوازمه الآية ما فيها كلمة عدل، ما فيها
كلمة حق، ما فيها كلمة حقيقة، ما فيها كلمة عدل، ما فيها كلمة وهكذا. فما الذي جاء بك إلى أن تتصور هكذا؟ طبق كيف توفى كل نفس ما كسبت بالمعرفة، إذن لا بد أن تكون هذه المعرفة مهمة، هذه ممدوحة أم مذمومة تكون ممدوحة فتكون المعرفة من صفات المدح والدقة لمعرفة الحقيقة لا تكون معرفة معماة هكذا فتكون هذه الدقة مطلوبة أم غير مطلوبة وبعد الدقة يكون هناك عدل أم يكون هناك ظلم وتعنت فيكون هناك عدل فإذا طبقت العدل تكون نيتك سيئة أم حسنة فيكون هناك إخلاص للنية مع حسنها وتقعد
تفكر في الآية "فكيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه" فإذا أزال الشك والريب عن هذا اليوم فهو يوم مهم في حياتنا هذه لأنه يؤثر في سلوكنا لأننا إذا تذكرناه أحجمنا عن الشر وأقدمنا على الخير فإذن هذا اليوم ليس يوما مخيفا بل هو يوم دافع لنا في سلوكنا إلى الصراط المستقيم، دافع لنا كي لا يقول كل من يسمع كلمة الموت "لا تذكر هذا الأمر"، كيف لا يذكر هذا الأمر؟ ألست تريد أن تلقى ربك؟ يا أخي فأل الله وليس فألك اتف من فمك، لماذا
أتفل من فمي حسنا، ألا نجعل الدنيا قذرة عندما تتكلم من فمك، ماذا تقول من فمك؟ هذا تأمل في اليوم الآخر، لا تخف منه، اجعله دافعا لك لعمارة الحياة، لفعل الخير، للامتناع عن الشر. متى يكون كذلك؟ إذا كان يقينا لا ريب فيه. حسنا، وماذا يعلمنا اليوم الآخر؟ أن نكون عارفين. أن نكون أصحاب بحث عن الحق والحقيقة، أن نكون عادلين، أن نكون لنا النوايا الخيرة والحسنة. أين هذا؟ هذا الكلام غير موجود؟ لا، موجود ها هو "لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت
وهم لا يظلمون" هذا يصف يومه سبحانه وتعالى، وأنتم لا بد أن تتعبدوا بأخلاق الله. هذه هي الحكاية، فإذا "كيف إذا جمعناهم ليوم لا ريب فيه ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"، كيف تتحول آيات الله إلى هداية بالتفكر بالتدبر؟ ما رأيك؟ هذه الآية يمكن أن تقرأها مائة مرة وانتهى، معلومة واحدة تأخذ منها أن هناك يوما آخر، لا، هذه ليست مصنوعة لذلك، مصنوعة لكي تؤثر في سلوككم في الحياة الدنيا وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته