سورة آل عمران | حـ 398 | 42-43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 398 | 42-43 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يذكر سيدة نساء العالمين السيدة مريم عليها السلام: وإذ قالت الملائكة يا مريم. ولم يذكر ربنا سبحانه وتعالى اسم امرأة قط في كتابة إلا مريم وفي هذا تشريف غاية في التشريف وفيه إشارة إلى أنها ليست صاحبة له لأن العرب
كانت تكني زوجتها فيعلم المشركون من العرب أن مريم ليست زوجة للرب كما كان يشيعه مشركو العرب، السيدة مريم عبدة من عباد الله اصطفاها الله سبحانه وتعالى وجعلها محلا لمعجزة كونية في إنجاب السيد المسيح عليه السلام يبقى عبدا مكرما مصطفى مختارا، ولذلك قال "قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد". ليس له سبحانه وتعالى صاحبة
ولا ولد، فهو منزه عن الصاحبة وعن الولد وعن الزوجة وعن الميلاد، وفي هذا إشارة إلى ذلك أن هذه المرأة الجليلة عالية القدر تشريفا لها من ناحية ولفتا للنظر بهذا الكون على عادة العرب من ناحية أخرى، وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، اصطفاك كلمة اصطفاك تبقى رقم واحد هكذا هي متعلقة
بذاتها دون مقارنة فهي في ذاتها من المصطفين الأخيار في ذاتها لا توجد مقارنة بينها وبين أحد من النساء وطهرك فهنا قد طهرها ظاهرا وباطنا وبعد ذلك واصطفاك على نساء العالمين فيكون فيها مقارنة فيكون الاصطفاء الأول بدون مقارنة والاصطفاء الثاني مع المقارنة فربنا سبحانه وتعالى اصطفاك في ذاتك واصطفاك من جنسك
أي هذان نوعان مختلفان من الاصطفاء في هذا الوجود تكون أنت من المصطفين، سواء كان هناك عالم أم لم يكن، أنت في ذاتك كذلك مصطفى. حسنا ولنفترض أنه جاء العالم، فيمكن أن يكون أحد من هذا العالم أفضل مني، أنا كنت جيدا وحلوا عندما كنت وحيدا، الذي هو عندما يدخلون في الانتخابات وينجح بالتزكية، لماذا بالتزكية هو وحده، فماذا لو جاء أناس آخرون وتقدموا، فهل تراه سينجح أم لا؟ الأمر سواء حسب الأحوال. ما رأيك إذن؟ إنك لو كنت وحدك فأنت في المقدمة، ولو كنت بين الناس فستكون الأول أيضا، إذن فأنت مختارة،
من النخبة، أي من الاصطفاء الإلهي. اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين، أتعلم لو أن البشر كانوا يعملون في هذا الأمر ماذا كانوا سيقولون؟ إن الله اصطفاك واصطفاك على نساء العالمين، إن الله اصطفاك واصطفاك على نساء العالمين، أي اصطفاك في ذاتك واصطفاك على نساء العالمين عند المنافسة، عند وجود الآخرين، لكن كلام الله إن الله واصطفاك على نساء العالمين وطهرك، هذه صفة إضافية مجنحة تدل
على علة الاصطفاء الأول وعلى علة الاصطفاء الثاني. لو قال إن الله اصطفاك واصطفاك يعني كلاما مكررا تشعر هكذا أن فيه ثقلا لأنه إنما لما جئنا نكرر قام ووضع في الوصف العلة الخاصة بهذا الاصطفاء، العلة التي تأتي عندما نقول لماذا إن الله اصطفاك لماذا لأنه طهرك وطهرك لماذا لأنه اصطفاك على نساء العالمين فهذا يكون علة مجنحة يعني ماذا يعني لها جناح للتي قبلها ولها
جناح للتي بعدها أن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين مع هذا الاصطفاء جاء التكليف، فدلنا الله على أن كل تشريف يشرفه يأتي معه تكليف يكلفه، وهي قاعدة جليلة سنلتقي في المرة القادمة عليها إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.