سورة آل عمران | حـ 404 | 55-57 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون فجعل الحساب يوم الحساب وهذه الآية لم تنسخ لأنه يخبر عن المستقبل والأخبار ليس فيها نسخ وإنما النسخ في الأحكام تخفيفا أو تشديدا قال فأما الذين كفروا فأما الذين كفروا فاعذبهم عذابا شديدا في الدنيا والآخرة، يبقى في يوم القيامة وفي الحياة
الدنيا وما لهم من ناصرين. وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم والله لا يحب الظالمين. وهذا من بيان العدل أن الله سبحانه وتعالى يجعل عقابا ويجعل ثوابا، فأما الذين كفروا فلهم العقاب وأما الذين آمنوا فلهم الثواب. الذين كفروا هم في عذاب في الدنيا، وإذا سألت أحدهم لقال لك إني في جهنم في الدنيا. هو لا يؤمن بجهنم التي هي في الآخرة
لأنه في ضيق الكفر. تصور إنسانا يتألم فلا يستطيع أن يقول يا رب، تصور هكذا بكلمة يا رب تجعل الإنسان لديه أمل، تصور إنسانا ليس لديه أمل، تصور شخصا لا يقول يا رب، فماذا تفعل به إذن؟ كيف تفهم هذه النفسية؟ يتألم فتسود الدنيا في وجهه. المؤمن يتألم ثم يقول يا رب، فيبقى لسانه ذكرا، ويبقى قد أخذ حسنة، ويعلم أن هذا الألم من خلق الله، وعنده
أمل في أن الذي أمرضه سوف يشفيه. فيبقى لديه أمل فيأخذ ثوابا لأنه أحسن الظن بالله والمؤمن هذا هو عندما يرى الألم ويقول يا رب ولديه أمل فيبقى لديه صبر والصبر هذا سيأخذ عليه ثوابا حتى الشوكة التي تشوك المؤمن يقول لك عجيب أمر المؤمن إن أمره كله له خير إذا أصابته ضراء صبر وإذا أصابته سراء اللهم إن لم تكن هناك فائدة من شيء كهذا، الباب مفتوح يقولون اعتدوا، ألا
تملون؟ ضربناكم بالقنابل تقولون يا رب، تركناكم تزرعون وتقلعون وتتمتعون بخير الأرض تقولون يا رب الحمد لله، ثم عجيب أمر المؤمن إن أمره كله له خير في السراء والضراء، هذا هو الحال عندما ترى المقارنة بين والذين آمنوا تجد أن هؤلاء في عذاب في الدنيا ولا يستطيع أحدهم أن يخرج من جهنم التي أحاط نفسه بها لأنه لا يؤمن بالله وعندما تأتي لتقول له قل يا رب يقول لك رب يعني ماذا وما شأني أين الرب يعني أوهام فابق في الذي أنت فيه وليس أوهاما ابق في ذلك الحال فابق
في ضيقك وابق في جهلك فهو جاهل لا يرضى أن يعرف الحقيقة وأن الله أظهر من المخلوقات لأنه هو الذي خلقها فهو أظهر منها فهو الظاهر والباطن لأنه لا تدركه الأبصار فأبصارنا لا تدركه سبحانه وتعالى وبعد ذلك ختم الآية فقال والله لا يحب الظالمين هذه هي الصفات التي إذا تتبعتها في القرآن الكريم لله سبحانه وتعالى فيما يحب ولا يحب، فالله لا يحب الظالمين، لا يحب الكافرين، لا يحب المفسدين، لا يحب المسرفين، إنه لا يحب المسرفين، لا يحب الفساد في الأرض، لا
يحب... تتبع هكذا في ما لا يحب وتتبع في ما ويحب المتوكلين ويحب وهكذا حتى النهاية، هذه الصفات تجد روحك ترسم منهجا أن هذا يحبه الله وهذا لا يحبه الله، منهج حياة، منهج أخلاق، فالكلمة البسيطة هذه التي أخذت أربع كلمات "الله لا يحب الظالمين" تريد أن تضيف لها الواو "والله لا يحب الظالمين" فتصبح خمسة أي بعدد الأصابع يداك تبني عليهما الحياة لأن العدل أساس الملك فلو
أن فيه عدلا بين الناس لاستقر الأمن واستقر الحال بين الناس في الظلم، ظلمات يوم القيامة، إن الله يستجيب للمظلوم ولو كان كافرا ولو كان كافرا لأنه مظلوم، أنا قلت للمظلوم لا للظالم، الظالم ربنا يستجيب عليه إن الله يستجيب للمظلوم ولو كان كافرا، دعوة المظلوم مستجابة عند الله ولو كان كافرا. حسنا والظالم؟ الظالم ستنزل عليه الدعوة، فالظلم ظلمات يوم القيامة، والظلمات يوم
القيامة هذه أمر صعب جدا. هذا يوم القيامة الشمس قريبة من رؤوس العباد، فكيف تكون ظلمة؟ تصور إذن ظلاما دخلت فيه، لا بل اتركه. الظلام فيه ما في عدم الرؤية، الظلام فيه تخبط، الظلام فيه أنك على غير هداية، ولذلك فالظلم ظلمات يوم القيامة. وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم، ثوابهم سيصل إليهم تماما، والله لا يحب الظالمين. فاللهم اجعلنا ممن لا يظلمون أنفسهم ولا يظلمون الناس، وإلى لقاء آخر نستودعكم
الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته