سورة آل عمران | حـ 417 | 66 - 68 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم والله يعلم وأنتم لا تعلمون". إذا علمنا أن ندعو إلى الحوار وأن يكون بين المتحاورين مشترك وأن نراعي الأدلة ونراعي في الأدلة المقررات العقلية كما ذكرنا في حلقات سابقة،
ثم يعلمنا هنا أننا لا نتحدث بما لا نعرف وأن المنهج العلمي الرصين يتلخص في قوله تعالى "ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان لديهم مسؤولية ولذلك يجب علينا أن نقف عندما نعلم وأن نطلب ما لا نعلم وأن يكون طلب الحق غاية نريد أن نصل إلى الحق فيجب أن يكون ذلك بحسن نية وتوجه ولا نتحدث بما لا نعرف مصيبة
البشر أنهم يأتون بمعلومة ثم يكملون من أذهانهم من أهوائهم من انطباعاتهم لا تريد أن تكون قويا ابق مع الحق كما هو حينئذ ستكون منصفا عادلا فإذا كنت قويا عالما منصفا عادلا يعني يا هناءة فأنت على الحق وهناك دلالة استقلالية في الآية ما الدلالة الاستقلالية هذه قلنا كلمة تصلح لأن تكون مبدأ تصلح لأن تكون عنوانا تصلح لأن تكون مستعملة في معناها في كل شيء في حياة الإنسان تقول
ماذا والله يعلم وأنتم لا تعلمون هو هنا قالها في جدال ديني وحوار بيننا وبين الآخر هذا هو السياق لكن الدلالة الاستقلالية الخاصة بها تعمل ماذا ترفعها فتصبح في كل شيء في هذه الحياة نقول الله أعلم ولذلك التراث هذا ليس كلاما عابرا، بل كان منهجا بعد أن يتكلم ويقول ويبين العلم يقول والله أعلم، أتلاحظ؟ انظر "والله يعلم وأنتم لا تعلمون إلا بتعليمه"، "واتقوا
الله ويعلمكم الله"، "وقل رب زدني علما"، "وفوق كل ذي علم عليم"، "والله عليم". إذن هذه ينبغي أن ننتبه إليها كثيرا من ناحية الدلالة. الاستقلالية لهذه الآية تنفعنا في حياتنا كلها وتؤدي إلى الاعتراف بالظنية، الاعتراف بالاجتهاد ومدى خطئه، التبرؤ من الحول والقوة وإسناد الحول والقوة لله، التواضع ومعرفة أن ما عندنا من علم
فبفضل الله علينا وأن العلم منسوب في فضله إليه سبحانه وتعالى وليس من حولنا وقوتنا وتحصيلنا وكسبنا وإنما هو من فضل الله وحده لا شريك له وتظل تكتشف منها أشياء وأشياء كذلك، فكلما تأملت كلما اتضح لك، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، وستصطدم معها وأنت تظلم أحدا ثم يتبين لك الحق فتقول سبحان الله، والله يعلم وأنتم لا تعلمون، وتكون فاتحة خير لك في التوبة. وفاتحة خير لك في الحسن في حسن الظن بالناس وفاتحة خير لك في أن تعتذر لأخيك سبعين عذرا فإذا لم تجد قلت لعله له عذر وأنا لا أعلم وتفتح
لك من الخير ما الله به عليم والله يعلم وأنتم لا تعلمون لها معنى في الآيات لكن هو فرد من أفراد معانيها الاستقلالية الواسعة الكبيرة لا ينقض بعضها بعضا بالبطلان بل يضيف بعضها إلى بعض سعة معنى يؤخذ من هداية كتاب الله سبحانه وتعالى وهو معجز فتنبه فإنه يخفى على كثير من الناس ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم متوهم ليس ضروريا أن يكون علما يعني غير ذلك تتوهمون أنه علم ولماذا سماه علما لأنهم يعني يعتقدون فيه وفي صحته فسماه أنه علم من قبيل الصورة فلم
تحاجون فيما ليس لكم به علم على الإطلاق لا ظنا ولا قطعا لا وهما ولا صورة ولا حقيقة والله يعلم وأنتم لا تعلمون ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا إذن نحن من أولاد إبراهيم ومتمسكون جدا بسيدنا إبراهيم وسيدنا إبراهيم هو الذي بنى لنا الكعبة التي نتوجه إليها كقبلة وسيدنا إبراهيم هو أبو النبي جده الكبير وسيدنا
إبراهيم هو الذي سمانا المسلمين من قبل وسيدنا إبراهيم وهكذا والله ولي المؤمنين يبقى أولى الناس أفعل تفضيل يقتضي المشاركة بإبراهيم الذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا هؤلاء هم أولى الناس بإبراهيم أنت إبراهيمي قال لي نعم معترف بإبراهيم وأنت قال لي وأنا أيضا معترف بإبراهيم فلماذا لا تأتي حتى تكونوا يجب أن تؤمنوا أن إبراهيم كان مسلما، إبراهيم كان مسلما، هذا سيحدث فرقا كبيرا، هذا لا علاقة له بصدق محمد، هذه قضية مستقلة أن إبراهيم كان مسلما، راجعوا فستجدون أن إبراهيم كان مسلما، ستندهشون
من هذه المراجعة، بعد أن تندهشوا الله سبحانه وتعالى يهدينا وإياكم إلى سواء السبيل، يبقى لنا كلام آخر أن إبراهيم كان مسلما نعم ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين، فالحمد لله رب العالمين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.