سورة آل عمران | حـ 428 | 80-81 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 428 | 80-81 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر الحقائق للبشر من أجل التفكير المستقيم والخروج عن التفكير المنحرف: "ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً". هذه حقيقة. أن الله سبحانه وتعالى وأن عباده المرسلين لم يأمروا الناس أن يتخذوا النبيين أرباباً من دون الله ولا الملائكة أرباباً من دون الله، لأن العبد عبد والرب رب، وهناك
فارق بين المخلوق والخالق. ولذلك فلما قال: ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً. لي من دون الله ثناها وقال ولا يأمركم، يبقى لا يأمركم عائدة على المرسلين وعلى البشر الذي أوحى الله إليه، وبالتالي على الله، فإن الله أيضاً لا يأمر أبداً في شرعه أن نتخذ الملائكة ولا أن نتخذ النبيين أرباباً من دون الله. الفرق بين الملائكة والبشر في هذا المقام هو أن الملائكة معصومة عن الخطأ وأنهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون
ما يؤمرون، فهم لا يقعون في المعاصي وبأصل خلقتهم هم على طاعة دائمة، ولذلك ورد أن الملائكة منهم راكع أبداً ومنهم ساجد أبداً ومنهم قائم أبداً ومنهم ذاكر أبداً، وهكذا إذاً فهو في حالة طاعة يبقى لا يقع. في المعصية وبأصل خِلقته هو على طاعة أبداً بالخلقة هكذا، فتبقى الدقائق والثواني التي تمر عليه وهو في طاعة، فيعتقد الناس فيهم العصمة
من الزلل ومن الخطأ، وإذا كان كذلك يقدسونه، وإن قدسوه فإنهم ينزهونه، فإن نزهوه فإن ذلك يقرب من أن يؤلهوه، ولذلك عبد الناس الملائكة حتى أن بعض يقول الدارسون أن الآلهة الكثيرة التي كان يعبدها اليونانيون هي في حقيقة الأمر في أوصافها ملائكة، فهناك إله للعدل، وهناك إله للمطر، وهناك إله للرياح، وهناك إله للسماء، وهناك إله للخصب، وهناك إله للجمال، وهناك إله للحب، وهناك إله للحرب، أي ملائكة، فحولوا الملائكة إلى آلهة، ولا
يأمركم أن تتخذوا. الملائكة يعني الملائكة تقدَّموا هنا لما فيهم من تنزُّه ولما فيهم من بُعد عن المعصية والقيام بالطاعة ولأنهم بذلك أقرب إلى الطهر الذي طلب الله الناس بموجبه من اللهو والنبيين، النبيين من البشر لكنهم أيضاً على حالة طيبة من السيرة الحميدة من الفطنة والذكاء من الأصل الطيب من العمل الصالح وأيضاً. هم في حالة عصمة وأيضاً هم في حالة تبليغ للوحي فهم لا يخطئون وحينئذٍ يُقَدَّسون وحينئذٍ فإنهم يُنَزَّهون وحينئذٍ يكون ذلك أقرب إلى التأليه.
فيقول لهم لا يوجد فرق بين التقديس وهو مباح، فنحترم الملائكة وحتى نقول هكذا سيدنا جبريل لما نزل على سيدنا محمد، ونحترم النبيين ونقول سيدنا ولكن. لا يصل ذلك إلى حد التأليه، ما كان ذلك أبداً لأن الرب رب والعبد عبد. هناك رحمن وهناك أكوان، الملائكة والنبيون من أين هم؟ من الأكوان، والرحمن ليس متعدداً، هو واحد أحد فرد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، فلا يمكن أن يلخبطكم ويقول. إن الخلط الذي يحدث بين الرحمن وبين الأكوان هو خلط بشري
وفكر غير مستقيم. أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون؟ هذا كفر، والكفر يأتي من أين؟ من تحطيم قضية الكون وخلقه. فقد كان الله ولم يكن شيء معه، ثم أراد أن يُعرف فخلق الخلق وتجلى عليه، فالله عليم فتجلى على. الكون بعلمه وحكيم فتجلى على الكون بحكمته وجميل فتجلى على الكون بجماله وقدير فترى القدرة وراء كل شيء وهو واحد أحد فترى ذلك وفي كل شيء له آية تدل على أنه واحد. إذاً، فقضية هذا الخلق أن الله خلق ليتجلى
عليه لا ليحل فيه ولا ليتحد معه ولا لأن. تقول أن الملائكة أو النبيين أو غير ذلك من الشجر أو الحجر أو المضر أو الشمس أو النجوم أو الكواكب آلهة، هذا لا يصح، فقد حدث هنا خلط بين الخالق والمخلوق، وبذلك قضيت على القضية الأساسية وهي أن الرب رب والعبد عبد، وأن هناك تكليفاً قد صدر من ربنا لهذا العبد، افعل ولا. تفعل وأن الله سبحانه وتعالى باقٍ وأنه بخلاف الحوادث وأنه وأنه وأنه إلى آخر ما هنالك من صفات الله التي بيّنها عن نفسه في القرآن الكريم وأمرنا بالإيمان بها وسماها لكمالها وتمامها وعلو شأنها بالأسماء هي في الحقيقة صفات
هو الله لكن صفاته أيه الرحمن والرحيم والقدير المريد هذه الصفات سُمِّيَت بالأسماء لماذا؟ لأنها تنصرف إليه سبحانه عند إطلاقها. واحد منا رحيم، لكن من هو الرحيم؟ الله. فانتقلت من دائرة الصفات إلى دائرة الأسماء. ولذلك، فجلَّ جلال الله ولا نعبد إلا إياه. والحمد لله الذي جعلنا مسلمين. وإلى لقاء آخر، أستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.