سورة آل عمران | حـ 434 | 87 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 434 | 87 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى في شأن أولئك الذين ظلموا أنفسهم وكفروا بعد إيمانهم واتخذوا التفكير المعوج مكان التفكير المستقيم، أولئك الناس الذين فعلوا هكذا وأربكوا أنفسهم وضلوا. على نفسها جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. لعنة الله، الله خارج الأكوان خالق الأكوان.
الملائكة، الملائكة من عالم الغيب لا يراها الإنسان ولا يستحضرها ولا يتفاهم معها، تنزل بالوحي تنزل بالحفظ لكنها من عالم الغيب. الناس أجمعين من عالم الشهادة، إذاً فهؤلاء متروضون من عالم الشهادة بلعن. الناس لهم ومن عالم الغيب القريب ومن عالم غيب الغيب سبحانه وتعالى ما هو ربنا يسمونه غيب الغيب لأنه لا تدرك الأبصار وهو يدرك الأبصار فيسمونه غيب الغيب. فالغيب والشهادة
تطرد هؤلاء. إذاً ماذا يبقى لهم؟ يبقى لا دين ولا دنيا، لا دنيا ولا آخرة، لا روح ولا. جسد لماذا لانخراء لخروجهم عن منهج الله سبحانه وتعالى، أولئك جزاؤهم يكون هذا في مقابل التفكير المنحرف المعوج غير المستقيم الذي ارتد عن الإيمان، والذي ظلم نفسه، والذي خرج عن حد الحياة، أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وهذه الآية تبين لي الحقيقة وتمنعني من
الخطأ وتدفعني إلى الصواب ثلاث أمور، هذه ليست بيان حقيقة فقط، "أولئك جزاؤهم" يعطينا خبراً، يعني هو خبر وخبر صادق وهو بيان للحقيقة، لكن في الوقت نفسه أنا عندما أقرؤها أحافظ على إيماني، فهي مانعة تمنعني من الدخول في دائرة أولئك الذين كفروا بعد إيمانهم، وهي دافعة لأولئك الذين فعلوا هذا أن يتوبوا. إلى الله كيف هي دافعة، نقول لهم: لماذا
فعلت هذا؟ يقول: فعلته من أجل تحصيل الدنيا. نقول له: حسناً، لكن هذا لا تُحصَّل به الدنيا، بل سيحصل به كدر وسيحصل به طرد وسيحصل به تخالف واختلاف بينك وبين الكون. فأين السعادة التي تحصّلها أو المنفعة أو المصلحة؟ ما من فائدة إذا فهم هذه الحقيقة، ولعل الله أن يفتح عليه بفهمه إذا كان قد كتب عليه قبول توبته، والله قد فتح لنا أبواب التوبة حتى لو فعل الإنسان ما فعل. "يا ابن آدم، لو جئتني بقراب الأرض ذنوباً ثم جئتني تائباً لغفرت لك". فإذا
أراد الله ذلك نوَّر بصيرة. هذا فكانت الآية التي تبيّن له أنه حتى ما سعى إليه من تحصيل الدنيا لا يحصّله، فيكون ذلك دافعاً له لأن يعود إلى الإيمان. فهذه الآية تبيّن حقيقة وهي مانعة دافعة، وأحياناً يحبون أن يجعلوا الأمر متوازناً، فتبيين هذه الحقائق يصبح بمثابة رفع الحجاب عن الحقائق، فيقول الآية. رافعةٌ مانعةٌ دافعةٌ، وليتك تحفظ هذه الثلاثة لكي تتأمل بها كل آية ذكرت الحقائق، فهي
لا تذكر الحقيقة فحسب، بل تدفعك إلى شيء أو تمنعك من شيء أو تدفعك وتمنعك معًا، فتكون رافعةً مانعةً دافعةً. اقرأ القرآن هكذا، لا بد عليك أن تقرأ القرآن وأنت منتبه إلى أنه ليس فقط لبيان الحقائق، عندما يقول لك "والله غفور رحيم"، لا تأخذها هكذا لأن هذه حقيقة، وما هي إلا حقيقة رفعت عنا غشاوة أن الله منتقم فقط. فقال لي: "لا، إن الله غفور، الله رحيم. إياك أن تعتقد أن الله ينتقم فقط هكذا وجبار فقط، بل إن في ذلك جمال هذه رافعة". حسناً، يعني... أنا الله غفور رحيم يعني تب، فهي تدفعك إلى التوبة. أنا
الله غفور رحيم تعني استحِ، واحذر أن تقترف الذنوب لأنه سبحانه واسع غفور رحيم يقدم لك كل هذا الخير، فكن على حياء من الله. والحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وهكذا يجب عليك أن تكون حييًا. مع الله تكون هذه رافعة دافعة مانعة، فاللهم افتح علينا فتوح العارفين بك ويسر لنا أمورنا يا أرحم الراحمين. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.