سورة آل عمران | حـ 436 | 90-92 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون. فتح الباب ورغب في أن يتوب الإنسان من ردته ويعود مرة أخرى فعاد بعضهم ولم يكن مخلصا
في عودته ثم بعد ذلك ارتد مرة ثانية أن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لم يرجع مرة ثانية بل قال أيضا أنا أخطأت مرة ثانية وثالثة ورابعة لا بل ازداد كفرا انتهى الأمر هو ارتضى لنفسه هذا إلى أن مات تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون فهنا ترهيب شديد وإظهار للجلال بعد الجمال حتى تستقيم أحوال الناس، كثير من الناس يستغل جمال الله فيذكره الله بجلاله ذلك يخوف الله به عباده
يا عبادي فاتقون ويحذركم الله نفسه يبقى لا بد علينا أن نفهم أنه أثناء الترهيب لا بد هناك من خوف وإنه أثناء الترهيب لا بد هناك من رجاء، فلما نسمع آيات الخوف نرجو رحمة الله، ولما نسمع آيات الرجاء نخاف غضب الله سبحانه وتعالى. إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم، هذه لن تقبل توبتهم، هنا الآية قالت "لن" لنفي المستقبل، لنفي المستقبل وليس للتأبيد. قال "لن" لنفي المستقبل،
قال: طيب، افترض أن واحدا أيضا من هؤلاء أراد أن يتوب مرة أخرى، فهل سيقبل الله توبته؟ لكن هذا يقول لن تقبل توبته. أجل، قال "لن" لنفي المستقبل، يعني المستقبل القريب هكذا، لن تقبل توبته لو تابوا، فالله سبحانه وتعالى لا يقبل توبته، وبعد ذلك يتوب ويصر على القول بأنني مخطئ جدا، قم فاقبله، وأولئك هم الضالون الذين يحتاجون إلى أن يرجعوا إلى هداية الله إلى الصراط المستقيم، إن الذين كفروا انظر إذن هذه الحالة بينت الكلام، يعني واحد آمن ثم كفر
ثم آمن فقبله الله، وأمامه أمر من اثنين إما أن يستمر في الإيمان وإما يكفر مرة أخرى كفرا فإن كفر يطالب بالإيمان مرة ثالثة فإذا آمن كان بخير فإذا ازداد كفرا تصبح توبته صعبة يجب أن يتوب بسرعة ويتوب توبة شديدة ومستمرة ونصوحا ومتبوعة بالعمل الصالح وهكذا لأنه يتلاعب فحسب آمن حسنا وتاب مرة أخرى هل ستقبل أم لا تقبل قال تقبل قال ما الدليل على ذلك؟ قال قوله تعالى "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار" هذه هي النهاية إذن. أما الذين كفروا ولم يموتوا وهم كفار، الذين كانوا ضالين منذ قليل في الآية التي قبلها، قال أما هؤلاء لو آمنوا مرة
أخرى. فلماذا قال ليس مرة أخرى؟ أليس هذا هو بلاغة فقد كبيرة هذا يتعامل مع واحد يتلاعب، ولذلك حذره التحذير الشديد وأراد بعد ذلك أن يفتح له مرة أخرى بطريقة غير مباشرة فقد هذه المرة لأن نفسيته كذلك، نفسيته يخاف ما لا يخجل فهم، قال له ماذا؟ قال له أن الذين كفروا وماتوا وهم كفار يعني معناه ماذا؟ معناه كما أن التوبة مفتوحة لك قبل أن تموت، فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا يوم القيامة، فإذا مات ابن آدم انتهى عمله وانتهى كل شيء ووصلنا إلى
النهاية، ولو افتدى به ولو وجد حينئذ ذهبا فأين سيجده؟ أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين، لا يوجد شيء لا ناصر، كله سيفر يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه، ولا ناصر من الأحباء، من الأصدقاء، من الأبناء، من كل أحد، ولا ناصر، ستحشر فردا، ويأتي إلينا يوم القيامة، يعني هكذا فردا وحده، هكذا هو قائم بنفسه، لن تنالوا البر حتى وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم
يبقى إذن أهم الإصلاح المنفعة المتعدية هؤلاء الناس الذين مروا بهذه التجربة المريرة من الكفر ثم الإيمان ثم الكفر ثم الإيمان تجربة مريرة لأن كلما انتقل من شيء إلى شيء عانى في نفسه معاناة شديدة فماذا يفعل فربنا سبحانه وتعالى أرشدنا إلى الإنفاق، نعم هذا يعني أن الإنفاق شيء عال جدا، ولماذا هو كذلك؟ لأن فيه منفعة متعدية، فهو ليس مثل الصلاة أو الذكر أو الدعاء أو قراءة القرآن أو الحج أو غيرها، هذه أمور قاصرة تنفع نفسك وتزكي قلبك وتهدئ بالك
وتصلح حالك، كلها راجعة إليك لكن الإنفاق هذه تقوم بغيرك تقوم بالآخرين لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وهي موزونة على ميزان العروض وله سبحانه الله تتلوها ما تجدوها شعرا ولا شيئا لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون هي لكي تتوزن ستصبح تحبون سهلة تحبون زيادة إن هان ماض ستحصل على شيء لن تنالوا البر أنفقوا مما تحبون لا إله إلا الله كلام نور في الكلام وبيان أن المتكلم هو الله فالحمد لله الذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله فاللهم افتح علينا فتوح العارفين بك وعلمنا مرادك من كتابك والحمد لله رب العالمين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة السلام عليكم