سورة آل عمران | حـ 443 | 97-99 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يصف بيته العتيق الذي وضع إبراهيم قواعده ورفعها: فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا، أي آمنا من دخل فيه. كما ذكرنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ولم يقل ولله على المسلمين أتباع النبي المصطفى بل قال ولله على الناس فدل
ذلك على أن حج البيت قد طولبت به البشرية كلها فلبى من لبى وأبى من أبى، طيب كيف يحج شخص غير مسلم إلى البيت العتيق يسلم، ما هو كيف يصلي أحد؟ يتوضأ، طيب وإذا لم يتوضأ فلا تنفعه صلاة، طيب واحد لا بد أن يصل إلى البيت العتيق إذا استطاع إليه سبيلا، الشروط ما هي؟ الشروط أن يكون مسلما لأنه ممنوع دخول مكة لغير المسلمين، طيب
ماذا يفعل هو الآن؟ واحد من البشر ويريد أن يسلم يعني يبقى بيسموا بقى الإسلام علمنا شيئا جديدا أن الإسلام شرط أصبح شرطا مثل الوضوء ما هو شرط ما هو الوضوء شرط استقبال القبلة شرط الاستطاعة شرط كل هذه شروط فلنفترض أنني وجدت نفسي في مكة ولم تكن لدي استطاعة أن أنتقل إلى مكة ولكنني وجدت نفسي في مكة بأي وسيلة كانت، طائرة اضطرت للهبوط الاضطراري في مكة وأنا كنت من ركاب هذه الطائرة، إذن سأحج، هكذا هو الأمر، ما دمت قد استطعت، وإن لم يكن معي مال، ففي الفقه نظرية تسمى نظرية الشروط،
فقيل لك إن هناك شروط وجوب وهناك شروط صحة فشروط الوجوب ما هي؟ يعني متى تكون أنت من طائفة الناس الذين وجبت عليهم هذه الفريضة، رقم واحد الإسلام، وما هي شروط الوجوب الأخرى؟ قال من شروط الوجوب العقل، إذ ليس من المعقول أن نكلف مجنونا، وما هي الشروط الأخرى للوجوب؟ هل الذكورة من شروط الوجوب؟ لا، لأنه يحج البيت والمرأة هل الكبر البلوغ من شروط الوجوب أبدا لأنه يحج البيت الكبير والصغير والصبي
وتحتسب له حجة لكنها لا تسقط حجة الإسلام الفريضة فعلى ذلك أصبح عندنا شيء يسمى الشروط وأصبحت الشروط نوعين شروط وجوب وشروط صحة الوضوء واستقبال القبلة وستر العورة هذا كله من شروط صحة الصلاة لكن الصلاة تجب على من؟ تجب على المسلم، فيكون هذا ماذا؟ الإسلام هذا شرط وجوب وليس شرط صحة. حسنا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين، الله هذا أيضا يتكلم بالعموم. حسنا والذي لا يرضى أن يدخل في الإسلام فلا يذهب إلى البيت الحرام لفقد شرط الوجوب، فربنا غني عن العالمين المسلمين وعن غير المسلمين وعن
من في الأرض جميعا لأنه هو رب العالمين نحتاج إليه ولا يحتاج إلينا ويبقى هنا فيه معنى جليل وهو أن المسلمين جزء لا يتجزأ من العالمين وأن الله لما خاطب العالمين فالمسلم يعرف أن غير المسلم مخاطب أيضا يبقى إذن الخطاب موجه من الله رب العالمين للعالمين آمن من آمن وكفر من كفر أسلم من أسلم وامتنع من امتنع لكن الله هذه قضية تتعلق بعالمية الإسلام أن الإسلام لما جاء لم يخاطب العرب وحدهم ولا الرجال وحدهم ولا البالغين وحدهم بل خاطب
العالمين ولذلك يقال لك من خصائص دين الإسلام العالمية الإسلام آت من أين ومن كل شيء تقريبا يمكننا أن نقف عنده ونقول ها هو، وهذه تدل على عالمية الإسلام وهذه واحدة من الآيات ها هي، ربنا يقول ومن كفر فإن الله غني عن العالمين، ليس عن المسلمين ولا عن العصاة ولا عن أحد من الناس دون سواه، بل غني ومعنى هذا أن الخطاب عام ومعنى هذا أن المخاطبين جميع البشر بغض النظر عن الزمان وبغض النظر عن المكان وبغض النظر عن الأشخاص وبغض النظر عن الأحوال يبقى مطلقا
قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون ليس في العقيدة التي استقرت في كتاب موسى وفي كتاب عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أن الله يعلم كل شيء ولا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وأنه عليم بذات الصدور، نعم كلهم يؤمنون بهذا وإذا كان الأمر كذلك فلا بد لنا من استحضار عظمة الله سبحانه وتعالى، قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات والله شاهد على ما تعملون كما هو متفق عليه بيننا وبينكم، فتبقى هذه دعوة للإنسان
أن يتحرر من طلب الجاه وأن يتحرر من الهوى وأن يتحرر من الجهالة وأن يتحرر ويجعل نيته خالصة لله، فإذا فعل ذلك فهو في مأمن لأن الله أراده كذلك ففعل، فهو يدعو الإنسان ويقول له فانتبه واجعل النية خالصة لله واتركها على الله ولا تدع شيئا يمنعك من الإيمان بالله قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا ومن آمن فليؤمن بجميع الرسل وليؤمن بالوصايا التي أنزلها الله على موسى وليؤمن بالعقيدة الصحيحة التي بينها الله في كتبه
جميعها لماذا تحزنون لماذا تصدونه عن هذا وأنتم شهداء والشهادة الخاصة بهم من أين تأتي شهداء جمع شهيد تأتي من الكتب المنزلة التي آمنوا بها وما الله بغافل عما تعملون انتبهوا ربنا سبحانه وتعالى لا يغفل عما تعملون فاتقوا الله واعبدوه مخلصين له الدين فلو فعلتم ذلك لنجوتم ولو خالط إيمانكم بشيء من عدم الإخلاص فسوف تحاسبون، فإن الله لا يغفل عما تعملون، وإلى لقاء آخر نستودعكم
الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.