سورة آل عمران | حـ 448 | 103 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يظهر لنا معجزة تمت ولا يلتفت إليها كثير من الناس، ويربط هذه المعجزة بالتكليف ويربطها بالتشريف ويبين للأمة المحمدية أنها متى التزمت بذلك التكليف فإنه وهو لا يخلف وعده يشرفها ذلك التشريف معجزة بكل
معنى الكلمة يلخصها أحدهم وهو يصف الصحابة الكرام الذين زهدوا في الدنيا ومتاعها بأنهم حفاة عراة خرجوا ليغزوا العالم هذا كلام بعض المستشرقين الذين لا يعرفون قراءة التاريخ قراءة تربطه برب العالمين وإنما بمقياس المصالح والمنافع وقد رأى في ذلك أيضا أعجوبة، أناس ضعاف ليس لديهم من الخبرة والحكمة وتاريخ الحروب الدولية شيء، ثم إنهم لا يقبلون الظلم، ثم
إنهم يخرجون من أجل قضية يعرفونها، هذه القضية لا تتعلق بالمصالح ولا بالمنافع ولا بالشهوات التي زينت للناس وإنما من أجل أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن عبادة الناس إلى عبادة رب الناس كما يقول ربعي بن عامر لكسرى وهو يدخل عليه وربعي بدوي لم يكن غنيا ولا ثريا ولا أرستقراطيا ولا كسرويا ولا قيصريا وإنما كان قلبه معلقا بالله فلما دخل على كسرى لم يهب ولم يهب إيوانه وإنما دخل عليه فقال له هذه العبارات إنما جئنا لنخرج الناس
من الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ومن عبادة الناس إلى عبادة رب الناس يقول ربنا في هذه الآيات التي تلفتنا إلى المعجزة وتلفتنا إلى التكليف وتلفتنا إلى التشريف واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا فإذا نحن قطعنا فاعتصمنا بحبل الله جميعا ولم نتفرق كنا في محل نظر الله سبحانه وتعالى فيؤلف بين قلوبنا ويمكننا في الأرض فإذا مكننا في الأرض نقيم الصلاة الذين إن مكناهم في الأرض لم يحتلوا الناس ويمتصوا دماءهم وينقلوها إلى بلادهم لكي يبنوا الصروح ما هذا أقاموا
الصلاة وآتوا الزكاة وآتوا الزكاة وآتوا الزكاة إذا فعل الخير لنفسه وفعل الخير لغيره هذا هو مقتضيات التمكين واعتصموا بحبل الله جميعا تكليف ولا تفرقوا تكليف اعتصموا أمر ولا تفرقوا نهي والتكليف هو الأمر والنهي واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء هذه معجزة جاهلية جهلاء أمة ضاربة سلوكيات فاضحة فرقة ما بعدها فرقة فيأتي رجل واحد
هو سيد الخلق حقيقة فيجمع بين أولئك جميعا أو كان في حوله وقوته أن يفعلها بشر فالله يلفتنا إلى المعجزة فيقول إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته ليس بحول محمد وقوته والله هذا القرآن ليس من عند محمد لأن لو كان من عنده لكان قال لهم خلقت فيكم البطولة خلقت فيكم المجد خلقت فيكم العزة خلقت فيكم الكرامة أنا الذي جعلتكم هكذا ولكنه تبرأ من حوله وقوته ونسب الأمر لصاحبه سبحانه وتعالى لو
كان هذا الذي فعله محمد لكان مجد نفسه ولكن هكذا هو ليس له ذكر إطلاقا هكذا نعم لأن الحقيقة أنه لا حول ولا قوة إلا بالله، إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم، هذه معجزة ليست في يد أحد ولم يخلق محمد صلى الله عليه وسلم في أمته شيئا لا عزة ولا كرامة، إنما الذي خلق هو الله والذي هدى هو الله، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من فالذي خلق الهداية في قلوب الناس هو الله فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا معجزة وكنتم على شفا حفرة
من النار جهنم ترونها في الدنيا قبل الآخرة هناك جهنم في الدنيا وهناك جهنم في الآخرة كنتم على شفا هذه وعلى شفا هذه وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون، الله تهتدون كيف؟ إلى ماذا؟ إلى العقيدة الصحيحة في نسبة الأشياء إلى مسببها، إلى العقيدة الصحيحة في تنفيذ الأوامر والانتهاء عن النواهي، تهتدون إلى العقيدة الصحيحة في طاعة الله وطاعة رسول الله، وكنتم
على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها، عبس وذبيان حاربوا بعضهم قضوا على بعض حتى قال لهم الرجل تداركتما عبس وذبيان بعدما تفانوا، يعني أهلكوا بعضهم، دفنوا ودفنوا الاثنان كانا على شفا حفرة من النار فأنقذهما الله منها، وإذا بنا نرى جيلا من الناس هو نفسه الذي كان يفعل هذا يحب إخوانه ويضحي في سبيلهم، وإلى لقاء آخر. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته