سورة آل عمران | حـ 456 | 112 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 456 | 112 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى "ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس". الله يتحدث عن طائفة من البشر تتصف بصفات معينة، أول الصفات أنهم لا يؤمنون بالله وثاني هذه الصفات أنهم لا يأتمرون بينهم بمعروف وثالث هذه الصفات أنهم لا يتناهون فيما بينهم عن منكر لأنه شرف الأمة المحمدية بهذه الصفات الثلاث كنتم خير أمة
أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله حسنا والذي ليس كذلك لا يؤمن بالله ولا يؤمن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتاركين الأمر هكذا في انفلات، الله يصفهم وقال ضربت عليهم الذلة. الله خلق الإنسان عزيزا وخلقه في أحسن تقويم، لكنه مع ذلك رده أسفل سافلين واستثنى من هذا الرد الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقال والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وبعد ذلك عملوا أمرين وتواصوا بالحق
وتواصوا بالصبر على ذلك الحق أي تواصوا فيما بينهم بالحق ينصح بعضهم بعضا وبعد ذلك يصبرون على الحق هذا لأن الحق يحتاج إلى صبر والتواصي يحتاج إلى صبر فلن تعمل أن تسير على الحق فقط بل تصبر على التواصي بذلك الحق حتى تكون صلى الله عليه وسلم كان عمله دائما أخرجه البخاري وقال أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، حسنا ضربت عليهم الذلة نعم يبقى لعدم هذه الأمور الثلاثة ضربت عليهم الذلة لأنهم
لم يدخلوا في دور عزة المؤمن، ضربت عليهم الذلة لأنهم لم يؤمنوا بالله ولم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن منكر ضربت عليهم الذلة لأنهم خافوا من كل شيء والمؤمن يخاف ربه ولا يخاف سواه لن يضروكم إلا أذى فقال ضربت عليهم الذلة ربنا سبحانه وتعالى يتوعد من نصره بالعزة أن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ووعد الذين يحيدون عن طريقه بالذلة
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على أعزة على الكافرين والله ولكن سبحانه قرر حقيقة أنه يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فهنا ضرب عليهم الذلة لأنهم حادوا عن طريقه أينما ثقفوا حيثما وجدتموهم أذلة هذا ربنا ينبئنا عما في نفوسهم إذا ما حادوا عن الطريق أنهم يخافون من كل شيء ولذلك تجدهم يكرهون ذكر الموت خائفين مما
بعد الموت، وإذا ذكرت الموت وذكرت أنه يعني شيئا كأننا سننتقل من حياة إلى حياة يقولون لك: الله أنتم تكرهون الحياة أم ماذا؟ لا، نحن نحب هذه ونحب تلك، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب لم نقل ربنا آتنا في الآخرة ولا تجعل لنا في الدنيا من خلاق، لا بل قلنا هنا وهناك نريد الاثنين، فلنستعن قليلا بفضل الله وفي وجه الله، أما هذا فهو خائف ولا يريد أن يذكر الموت هذا إطلاقا فليس معه، ولكنه يخدع نفسه ويقول أنه عزيز إلا بحبل
من الله، ربنا آتاه شيئا من المال، ربنا آتاه شيئا من الجاه، ربنا آتاه شيئا من السلطة، ربنا آتاه شيئا من المعرفة والعلم، ربنا آتاه أي شيء من نعم الله، صحة مثلا، فهذا بحبل من الله وحبل من الناس إن وجد أحدا يحتمي به، حسنا وكل هذا ما هو؟ كل هذا زائل وكل هذا ليس حقيقة وإنما كل هذا من نعم الله ولا بد أن نتعامل مع كل هذا على أنه من نعم الله وندعو: اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا. انظر إلى دعوة الصالحين، ليس اللهم لا تجعل الدنيا في أيدينا لا، نحن نريد الدنيا في أيدينا من سلطة ومن مال ومن صحة ومن علم ومن كل شيء، كل شيء نريده، وأعدوا لهم ما استطعتم من
قوة ومن رباط الخيل، كل شيء يقول لك العلم هذا قوة، نعم أنا أريد العلم والمال قوة عصب الحياة، أنا أريد المال وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كان في مكة لم يؤسس دولة، ولما جاءت الأموال وأصبح في المدينة بنيت الدولة، فيكون صحيحا أن المال عصب الحياة، ولكنه ليس في قلوبنا، وإنما نستعمله لله ونعمر به الأرض ونزكي به النفس ونعبد به ربنا إلا بحبل من الله كالنعم والمنن من الناس وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله، فاستمع إذن، باءوا يعني دخلوا في غضب الله منغمسين في غضب الله، ولذلك تجد الإنسان في يوم يحاول أن يتوب أو هكذا يقول لك هذا أنا في
جهنم وأريد أن أخرج منها، فتقول له فلماذا لا تخرج، فيقول لك لست قادرا، الله يحول بين المرء وقلبه وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته