سورة آل عمران | حـ 462 | 113-115 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يصف بعض أهل الكتاب بعد أن نعى على بعضهم من أنهم يفسقون عن أمر الله ومن أنهم يكذبون بالأنبياء أو يقتلونهم أراد أن يعلمنا الإنصاف فقال ليسوا سواء ليس كلهم يفعلون ذلك إذا فالله سبحانه وتعالى في كتابه عندما يتحدث عن غير المسلمين فإنه يعلمنا أولا إنصافا ويعلمنا أيضا الحقيقة الواقعية أن الناس ليسوا سواء فلا كلهم أشرار ولا كلهم أخيار وإنما
هو ينعى على الشر وينكره ويأمر بالمعروف والخير ويؤيده ويمدحه سبحانه وتعالى فكل ما كان فيه ذم لأحد فإنما لا نقصد به شخصه ولا نقصد به طائفته وإنما نقصد الشر الذي هو فيه وإننا لا نريد ذلك الشر وإذا مدحنا فإننا نمدح لا شخصا ولا طائفة وإنما نمدح الخير الذي هو فيه وإننا نمدح ذلك الخير والأمر الآخر هو أن كل ما أوجهه إلى أهل الكتاب إنما هو في الحقيقة موجه إلينا فيجب علينا أن نبتعد الشر ولا نكون كأولئك الذين وقعوا فيه ويجب علينا أن نتحلى بالخير وأن نكون مثل الذين فعلوا فقال ليسوا
سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين يبقى إنصاف إذن وعدل وتعليم وإرشاد، ثم قال كل هذا أخذناه في حلقة سابقة، وما يفعلوا من خير فلن يكفروه، لن يضيع عليهم. حسنا وهذا الكلام هم فقط الذين ما يفعلوا من خير فلن يكفروه؟ ما نحن أيضا الذين ستعمل يا أخانا أنت وهو من خير لن تكفره عند الله، وما ما يفعلونه من خير فلن يكفروه،
وما يفعلونه يظهر من الكلام أنه يفعله، هذه عائدة على أهل الكتاب الذين ليسوا سواء، الذين هم من طائفة الخير، قال لك لا، وما يفعله يعني كل الناس الذين يفعلون الخير سواء كانوا من أهل الكتاب أو كانوا من أهل الإسلام، وهذا يقول ماذا كذلك فإننا أهل كتاب ما دمنا لدينا قرآن فنحن أهل كتاب فلماذا يتضايق من ذكر أهل الكتاب لأننا أهل كتاب أي لدينا تكليف ولدينا التزام ولدينا نبي ولدينا شعائر ولدينا نيات ولدينا ذلك فهو مثل أهل الكتاب إذ أن كل كتاب يأمر أهله بالتكليف فنحن لدينا تكليف، ولذلك يقول وما يفعلوا من خير فلن
يكفروه والله عليم بالمتقين. الله سبحانه وتعالى يعلم هل صدر منك هذا الفعل على سبيل التقوى أو صدر منك هذا الفعل على سبيل الفساد. أحيانا يظهر غير الباطن، شخص يتصدق فنقول الله هذا رجل خير، لكن كان في نيته الفخر والتفاخر وإظهار المنة على الفقير يصبح قد أضاع ثوابه وأضاع عمله فوالله عليم بالمتقين حقيقة لأن الله هو العليم بالنيات والقضية كلها مبنية على هذه النيات وعلى إخلاص النية لله، من يستشهد في سبيل الله يصبح لا يدخل إلا الجنة ليس بينه وبين الجنة إلا أن يموت الشهيد هذا
وبعد ذلك يأتي يوم القيامة يقول له: أبدا، هذا أنت كنت فعلت هذا في سبيل المجد، في سبيل الشهرة، في سبيل الحمية العصبية القبلية، وكنت تجاهد ليس في سبيل الله، أنت كنت تقاتل هكذا لنفسك، وها أنت أخذته فعلا بعد أن مت، الناس قالوا عنك إنك أنت فعلا طيب وجيد، ولكن الأمر مرده الله سبحانه وتعالى هو الذي يعلم ما في النفوس وعليم بذات الصدور وعليم هو بالمتقين، حسنا والمتقون هؤلاء من هم؟ سيدنا علي لخص لنا الأمر وقال: التقوى العمل
بالتنزيل والخوف من الجليل والاستعداد ليوم الرحيل، إذن العمل بالتنزيل يعني أنه لا يوجد شيء يسمى حرية وانفلات في هذا الشأن مع والله هذا يجب أن تعمل بالتنزيل وربنا برنامجه أحسن البرامج وعطيته أهنأ العطية ومغفرته أحلى المغفرة وستره أجمل الستر فأنت عندك برنامج آخر غير هذا تطبقه نعم عندي ولكن ليس أحسن من هذا حسن جميل وتجد كل الناس كلما طبقته كلما وجدت راحة ولذلك كنا مستغربين جدا يقول
لله دركم لماذا تتمسكون بهذا الأمر؟ أجل، لقد قال لك إننا نشعر بسعادة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها، إنهم لا ينتبهون إلى هذه السعادة، لا يعرفونها، لا يعرفون كيف يلفونها في شيء كهذا في علب صفيح ويبيعونها في السوبر ماركت، كانوا سيفعلون لكنهم لم يستطيعوا، شخص مطمئن مع إن هذا الاطمئنان هو الذي يجعل الناس منجذبين إلى كلمة الله سبحانه وتعالى وما يفعلوا من خير فلن يكفروه والله عليم بالمتقين قال لك الآية التقوى يقول لك العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والاستعداد ليوم الرحيل قال حسنا وكيف نصل إليه إذن ما المعونة التي توصلني إلى ذلك قال والرضا أنت منتبه يعني
كيف يخاف كل هؤلاء من الجليل وكيف يستعدون ليوم الرحيل عندما تكون الدنيا يعني ما تعني ألا تتعمق في الدنيا إذن ماذا تفعل أن ترضى بالقليل والرضا بالقليل هذا أمر قلبي يمكن أن تكون معك الملايين لكن راض فيبقى قليلا أيضا فاللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته