سورة آل عمران | حـ 465 | 118 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 465 | 118 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا"، فالخطاب هنا للمؤمنين والنصيحة لهم، وكان يجب علينا أن نحوّل كل أوامر الله التي وجهها إلينا إلى برامج نلتزم. بها في سياساتنا وفي تنظيماتنا وفي أفكارنا وفي مناهج تعليمنا وفي إعلامنا وفي حياتنا، ومرد ذلك إلينا. لا تتخذوا بطانة من دونكم، لا تتخذوا
بطانة (حاشية)، أي مصدراً من دونكم، منكم، فيكم. هكذا ينبغي ألا نفعل هذا. إنها أمة، فنحن نتحدث في أمة، فلتكونوا أنتم من تعطون أيديكم العُليا. لا تكونوا أنتم الذين تستوردون الخبرات والأجهزة. كيف وصل العلم إلى هذا الحد؟ يجب أن أكون أنا الأمة الرائدة. يقول لي: كونوا الأمة الرائدة، "لا تتخذوا بطانة من دونكم" فتصبحوا غير محتاجين إليهم. لكن إذا اتخذتم بطانة من دونكم ستصبحون محتاجين إليهم، مثلما نحن الآن هكذا نريد آلات، فنُسرع إلى هناك.
وهنا وهنا وهنا لكي نحضر الآلات، نحتاج إلى خبرة، نسعى هنا وهنا وهنا حتى أنه في بعض الأحيان نحتاج إلى عملية. يقول لك: حسناً، لماذا لا تُنظفون المكان الفلاني والمكان العلاني، لكن لو أننا جميعاً اتخذنا هذه النصيحة بأنه يجب علينا أن نعمل، يجب علينا أن نفكر، يجب علينا أن نكون. في الريادة والقيادة لم يكن هذا مجرد أن نفكر كيف نفعل ذلك. أنت الآن يا ربنا تقول لنا "لا تتخذوا من دونكم بطانة". كيف نطبق هذا؟ إنها تحتاج إلى إعداد نُعدّه، فيكون هذا الإعداد واجباً من أجل الوصول إلى تنفيذ المراد. بعضهم عندما يقرأ الآية يحصرها في "لا تتخذوا من". دونكم يعني من غير المسلمين بطانة يعني مساعداً،
وما هذا؟ "يا أيها الذين آمنوا" هذا يخاطب الأمة. نريدكم أن تكونوا أمة طيبة كما قلنا في الصفحة السابقة "كنتم خير أمة أخرجت للناس". البرنامج ها هو: كونوا منصفين، كونوا عادلين، كونوا مخلصين، ثم "لا تتخذوا بطانة من". "دونكم لا يألونكم خبالًا" يعني مصلحته ليست معك يا أخي، أنت مصلحتك شيء وهو مصلحته شيء آخر. "لا يألونكم خبالًا" يعني لا يهمه أن تكون متقدمًا أو متأخرًا، ولذلك الآن تراه ويقول
لك: "احذر، هناك شيء اسمه نهاو"، ما هذا النهاو؟ يقصد به سر الصنعة. المعرفة التي أُخفيها وأُبيحها لله أصبحت المعرفة تُخفى وتُباع، وأصبحت المعرفة فيها سرٌ لم يعرفه أحد. لا يألونكم خبالًا، كما قال ربنا لنا، لكن الناس تقرأ وهي تقول لك: "الله لا يألونكم خبالًا" يعني ماذا يا مولانا؟ إنه "لا يألونكم خبالًا" وكفى، ويمضون غير راضين بالاهتداء بالقرآن. لا يألونكم خبالاً، أي أنهم لا يهتمون إلا بمصلحتهم. لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة، يعني أنه هكذا. نعم، "لا يألونكم خبالاً" تعني أنه هكذا.
والآخر سيقول لي: يا مولانا، لماذا تتحدث بالإنجليزية؟ لم تخبرنا بشيء واضح غير هذا. هذا يعني أنه شارد الذهن وليس معنا. أريد أن أفهم. الناس أن كتاب الله يشتمل على حياتهم وما هم فيه وهو ما زال واقفاً. أنتكلم بالإنجليزية أم نتكلم بالفرنسية؟ فتصبح هنا عملية صعبة بعض الشيء. لا يقولون لكم إنها خبالة لها علاقة بمشكلة نقل التكنولوجيا. يا إخواننا، نقل التكنولوجيا هذه عملنا فيها مؤتمراً واثنين وثلاثة. نقل التكنولوجيا هذه عملية معقدة، نعم أنت... لا بد أن تجلس وتفكر لماذا تنفذ الكلام الذي يقولونه، هل تظن أنهم يقولون لكم هراءً هكذا فقط لتسمعه وأنت لا تفهم معناه؟ أو تذهب لتعرف ماذا يعني "يقولون لكم" في
اللغة، وما معنى "هراء" في اللغة، وأنت غير منتبه إلى أن هذا الكتاب يتحدث عن حياتك أنت، وأن آياته لا تنقضي في عجائبها وأنه لا يُخلق من كثرة الرد وأنه {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ} {وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ}. وهذا طبعًا لأنهم يقولون: يا ليتهم يظلون متخلفين كما هم هكذا، لماذا؟ لكي نكون سوقًا استهلاكيًا، ولكي أكون معتمدًا. أتعلم لأن البضاعة التي ينتجها تأتي بحالها هنا، ثم أمسكها هكذا وأقول: الله، انظر إلى الإتقان، الله، انظر إلى الجمال، الله، هؤلاء أسيادنا. وبعض الناس يقول لك هكذا، يمسك البضاعة المادية ويقول لك: هؤلاء أسيادنا. أسيادنا في ماذا؟
لقد صنعوا الدواء، وصنعوا الملابس، وصنعوا المسكن، وصنعوا كذا، فأصبحوا أسيادنا فقط. انتبه جيداً، فهذه المنظومة متكاملة. وأعطوا ما لديكم، ماذا تريد؟ ما تملكونه هو ما سيتعبكم. ما الذي يتعبك؟ أن تظل دائماً هكذا محتاجاً وقرارك ليس بيدك. فمن كان أكله من كيسه كان رأيه من رأسه، هكذا قال الحكماء. من كان أكله من كيسه يعني أنك مكتفٍ ذاتياً. كان رأيه من عنده، حسناً، والذي ليس كذلك فإنه معاند. هم يريدون هذا وأعطوا ما لديكم. قد ظهرت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر. هذه سنتناولها في حلقة أخرى، ولذلك إلى لقاء. السلام عليكم ورحمة
الله.