سورة آل عمران | حـ 469 | 121 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 469 | 121 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى لسيد الخلق وهو يعلمنا بذلك إلى يوم الدين، فإن القرآن قد تجاوز الزمان والمكان وليس مختصا بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم أو عصره فقط وإنما هو للمؤمنين بل وللعالمين إلى يوم الدين يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا من خلال نبيه وإذ غدوت والخطاب هنا إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يتحدث عما من الله به على المؤمنين في بدر
من النصرة وإذ غدوت وغدوت أي خرجت في الغداة والغداة هي سبحة النهار يعني هي أول النهار هكذا أول النهار خالصا عند الشروق يسمى الإشراق ثم بقليل هكذا يسمى البكور يقول لك باكر يعني غدا يعني ماذا يعني من أول النهار هكذا هو وقليلا هكذا ندخل في الضحى وبعد ذلك بعد الضحى بقليل هكذا هو بعد بدايته يكون الغداة وإذ غدوت يعني سرت في وقت هو وقت الغداة وقت من أوقات النهار كلمة وإذ غدوت تذكرنا بتقسيم
النهار إلى إشراق وبكور وغداة وضحى وبعد ذلك زوال وظهيرة وبعد ذلك العصر والمغرب وهكذا وكما نلاحظ أن فيها حركة الشمس يعني هذه الأوقات نعرفها بحركة الشمس إذن فالإنسان هنا يتصل اتصالا مباشرا بالطبيعة التي تحيط به والتي خلقها الله له ويشعر دائما وأبدا بفضل الله عليه ولا يستطيع أن يعيش بغير آلة بعد ذلك استعمل الإنسان الساعات وأصبحت الساعة العاشرة الساعة الحادية عشرة لا مانع وكان العرب يسمون أيضا هذه بالساعات والنبي
صلى الله عليه وسلم يتحدث عن الذهاب إلى يوم الجمعة فيقول من ذهب إلى يوم الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة جمل يعني كأنه تصدق بجمل ومن ذهب في الساعة الثانية نعم هذا في ساعة أولى وهناك ساعة ثانية وساعة ثالثة إذن المقاييس تسير وكل شيء ولكن الغد يشعرك بأن الأمر خارج عن الآلات وأن الأمر فيه اتصال بين الإنسان وبين الكون الذي خلقه الله وفي هذا زيادة صلة بالله وزيادة شعور بالمنة والنعمة التي من عند الله على البشر وإذ غدوت من
يبقى في ابتداء يعني أنت ذهبت غدوت ذهبت من عند أهلك غدوت من أهلك يبقى ترك أهله وذهب يبقى من هنا لابتداء الغاية أين الغاية لماذا تركت أهلك وذهبت تبوئ المؤمنين تبوئ المؤمنين هنا ما هو تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال يعني تعطي وتحصل للمؤمنين مقاعد قتالهم باء الإنسان باء الإنسان بالإثم يعني حصل الإثم لبسه الإثم باء
بغضب من الله يعني غضب ربنا نزل عليه تمكن منه تبوئ المؤمنين يعني تجعل المؤمنين يحصلون على مقاعد للقتال وإذ غدوت من أهلك تبقى كلمة من أهلك هذه ما لزومها قال لك يعني لزومها إظهار كراهية القتال لأنك لو كنت ذاهبا للقتال وأنت تحب القتال وتعشق سفك الدماء أم أنك ذاهب إلى هذا رغما عنك وتركت العزيز والحبيب انظر كيف وإذ غدوت تبوئ
لا، لم يقل ذلك، بل قال "وإذ غدوت من أهلك"، الله سبحانه وتعالى يأتي بأهلك هنا لماذا؟ لكي يشعر بأن النبي فارق محبوبه، فارق أهله، وفراق الأهل هذا وفراق الحبيب يعني شيئا يظهر أنه سعيد أم أنه ذهب عن تكليف ومشقة؟ لا، بل عن تكليف ومشقة، إذن نحن دعاة سلام أم دعاة الحرب هذا يكون دعاة سلام فنحن نذهب إلى الحرب وهي مفروضة علينا مضطرين إليها، ولكن يجب ذلك لأن هناك عدوانا وطغيانا علينا، وإذ غدوت من أهلك
تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال، فهذا يدل على أن الحرب علم، تبوئ المؤمنين يعني يجب أن أدرس الموقع ويجب أن أدرس الرجال الذين معي يجب أن أعرف ما يقدر عليه كل واحد، فهناك من يقدر على القتال وهو على الفرس، وهناك من يعرف كيف يرمي السهم جيدا، ولكن هناك من يضرب بالسيف جيدا، وهناك من يصارع المحارب الذي أمامه جيدا، وهناك من يقدر على الضرب من الجهة اليمنى، وهناك من يقدر على الضرب من الأرض كيف شكلها والعدو أين، عدده كم
والناس الذين معي كم وما إمكانياتهم وكفاءتهم وكيف أقدر أن أستغل كل هذا في الفوز. وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم. دروس كثيرة عندما تجلس تقرأ القرآن بهدوء هكذا تتضح لك أنه يذكرنا بمنة الله علينا وأن الحرب ليست هي الأصل والأساس وإننا نقوم بها ردا على العدوان ورفعا للطغيان وأنه لا بد أن تكون الحرب عن علم وإننا لا بد علينا أن نحصل هذا العلم وأن نستعد له حتى ندافع عن أنفسنا وديارنا وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته