سورة آل عمران | حـ 494 | 144 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 494 | 144 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر لنا أن الواسطة بين الحق والخلق هي النبي المصطفى والحبيب المجتبى وأنه لا واسطة بين الخلق والحق، فالله سبحانه وتعالى لا يكلم البشر وإنما يرسل الرسل وينزل الكتب ويكلفنا بما يصل إلينا من المرسلين الذين رضي الله عنهم فأنزل على أيديهم الآيات والمعجزات وأقامهم وهم يتمتعون بالذكاء والفطنة والكياسة ويتمتعون
بالوجاهة الاجتماعية وبالصدق والأمانة ضد أضدادها فلم يكونوا أبدا كاذبين ولم يكونوا أبدا خائنين ولم يكونوا أبدا مفسدين ولم يكونوا أبدا من سفلة القوم، بل كانوا على عكس ذلك تماما، ثم أجرى الله على أيديهم الخير وأجرى الله عليهم القبول من عموم الناس، وإن كان قد جعل لكل نبي عدوا من الجن والإنس ومن الشياطين، وبالرغم من ذلك وأن الله قد جعل وساطة بينه وبين خلقه عن طريق رسله ووحيه إلا أنه لم يجعل هناك وساطة بين الخلق وربه فكلف الجميع بالصلاة وأمر الجميع بالدعاء وأمرهم بالذكر والإخلاص في العبادة وأمرهم بالجهاد في سبيله سبحانه وتعالى على أنواع الجهاد المختلفة وأمرهم
سبحانه وتعالى أن يعتصموا جميعا بحبل الله وأن يلجأوا إلى الله وألغى هذه الوساطة التي يظنها الإنسان بين الخلق وبين الحق ولم يجعل هذه الواسطة إلا في صورة التأديب والتعليم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون إلا في سورة الإرشاد يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ليس من الصادقين معهم يعني هكذا هو ترشدونهم هكذا هو وتسترشدون بهم فهذه هي العلاقة بين الشيخ والطالب أو بين الأستاذ والتلميذ أو بين الشيخ والمريد هي علاقة علم، علاقة إرشاد، علاقة توجيه، علاقة أن أبين له طريق الله، ولكن
ليس على سبيل الوساطة. يقرر هذه الحقيقة فينشئ للمسلم عقلا هو عقل علمي حقيقي يبتعد به عن عقل الخرافة والأوهام ويبتعد به عن عقل الشرك والأوثان فيقول رب العالمين سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم وإذا كان الأمر في حقه هكذا فهو في حق من هو أدنى منه أولى وما محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل والله إن محمدا لا يستطيع أن يقول هذا عن نفسه هذا كلام رب
العالمين يعني أن يؤلف القرآن لا يقول عن نفسه وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، إنما يقول عن نفسه يعني هكذا تعظيم أو تفخيم أو شيء، يعني هكذا إنما هكذا هو يقول له هكذا وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، فوالله ما هذا كلام بشر. ما هذا بكلام بشر، هذا كلام رب العالمين من فوق سبع سماوات، وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، فكرة الوساطة انتهت، ولذلك رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة وهو يبكي فقالوا: يا
رسول الله، ما الذي يبكيك؟ تبكي لماذا نبكي معك فقال تذكرت إخواني قالوا له أليس إخوانك يا رسول الله قال أنتم أصحابي هؤلاء أنتم أصحابي إخواني أقوام يأتون من بعدنا يصدقون بي لا يجدون إلا صحفا يقرؤونها يعني نحن إخوانه صلى الله عليه وآله وسلم إذ يأتون من بعدي لا يجدون إلا صحفا يقرؤونها فيؤمنون به لأنه كان يقول لهم كيف تكفرون وأنا فيكم، أتظنون
يعني ماذا؟ هذا أنتم ترون المعجزات ليلا ونهارا، هذا سيدنا رسول الله فيهم. فماذا عن الذين آمنوا به ولم يروه، هذه مرتبة أيضا، فما هي درجتها أيضا. فربنا يجعلنا منهم. وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، خلت قبله الرسل يبقى إذن هذا تسلسل مستمر وما مزية محمد على من قبله من الرسل قال لا تفضلوني على يونس بن متى لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا صفة المؤمنين اتباعهم هكذا لا نفرق بين أحد من رسله ولكن على فكرة هؤلاء الرسل يتفاضلون تفاضل الأشخاص وتلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض فهم يتفاضلون،
وعلى فكرة سيدنا محمد هذا سيد الخلق، ولكن هذا من مزيد حبه لربه يعلم أمته ألا يتطرقوا إلى هذه النقطة، وهو يقول أنا سيد ولد آدم ولا فخر، هذا يأتي في الحقائق يعني هو سيد ولد آدم هو المصطفى هو المسيح هو صلى عليه وسلم من اكتملت فيه الصفات، صفات المبشر والمبشر، فكان مبشرا وكان مبشرا فسمي بشيرا. البشير ما هو؟ اسم فاعل واسم مفعول: مبشر ومبشر. يقول لك: لماذا تسمونه بشيرا؟ نعم، لأنه مبشر ولأنه مبشر صلى الله عليه وسلم. أفإن مات أو قتل، وهذا معناه ما هو؟ هو لا يدري ما يفعل به صلى
الله عليه وسلم وذلك لإثبات البشرية قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي وهذه البشرية هي التي بموجبها جاءت الأسوة الحسنة لأنه لو كان ملكا أو كان شيئا فريدا غريبا عجيبا ما كنا نستطيع أن نتبعه ولكننا نستطيع أن نتمثل به تماما ولذلك فهو أسوتنا صلى الله عليه وسلم سدت الأبواب إلى الله إلا باب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته