سورة آل عمران | حـ 500 | 149-150 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 500 | 149-150 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين". وهنا يأتي السؤال: فيما يطيع المؤمن الكافر؟ وفيما حذرنا الله؟ سبحانه وتعالى عن طاعة الكافرين والجواب على ذلك واضح من استعمال هاتين الكلمتين الإيمان والكفر آمنوا وكفروا إذا
فموضوع الطاعة هنا هو قضية الإيمان والكفر وقضية الإيمان والكفر لها حقائق ولها منهج في التفكير يوصل إلى تلك الحقائق والله سبحانه وتعالى نهانا أن نقلد الكافرين في أوهامهم التي هي ضد تلك الحقائق أو أن نقلد الكافرين في مناهج تفكيرهم المعوجة التي أوصلتهم إلى هذه الأوهام والتي تخالف مناهجنا التي اتخذناها فأوصلتنا إلى الحقائق الإيمانية إذا فموضوع النهي هو الإيمان في حقائقه ومناهج التفكير
الموصلة إليه ولكن ليس من طاعة المؤمن للكافر أساليب المعاش ولا المخترعات والمكتشفات ولا عمارة الكون التي هي أساسا مما طلب من المؤمنين، وليست هي دراسة النفس والسير في الأرض للنظر التي هي أساسا قد طلبها الله من العالمين من مؤمنيهم وكافريهم، بل الذي نهانا الله عنه هنا هو الخلط بين الحقائق الإيمانية والحقائق الكفرية التي مؤداها فساد عريض
وتطاول على الله سبحانه وتعالى وذكر الأوهام التي يعيشها هذا أو ذاك من غير المؤمنين فقال يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا يعني لا تطيعوا الكفار في أوهامهم ولا في تفكيرهم لأنكم إن تطيعوا الذين كفروا في هذا يردوكم على أعقابكم فبدلا من أنكم في المكان الأعلى وفي رقي في الفكر والمنهج والحقائق وتوصلتم إلى الحق بالاستنارة وبالعلم ترتدوا على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين لماذا خاسرين؟
خاسرين للدنيا وخاسرين للآخرة، فالله يتكلم في الآيات السابقة عن ثواب الدنيا وعن ثواب الآخرة ويتكلم سبحانه وتعالى عما يحب فيشير إلى ما يكره، ولذلك ليس فقط أن تؤمن وأن تفكر تفكيرا صحيحا بل لا بد لك أن تداوم على ذلك أن تكون دائما على هذا، هذه هي القضية وهي قضية الديمومة، وكان عمله صلى الله عليه وسلم دائما أخرجه البخاري دائما يعني دائما أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن
الإيمان من العمل لماذا؟ لأنه عمل القلب، ما هو عمل القلب؟ لأنه تصديق بالقلب حتى لو أننا جعلنا العمل جزءا من الإيمان يبقى أيضا العمل الصالح ركنا من أركان الإيمان أو ترجمة عن الإيمان ومظهرا للإيمان يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين فما منهج التفكير المستقيم أن تعرف الحقيقة أن تقيم الدليل أن تبتعد عن الأوهام أن
ترتب ذهنك في تفكيره تقف عند ظاهر القول، بل يجب عليك أن تصل إلى عمقه ومعناه، أن يؤدي ذلك إلى الواقع الذي حولنا، وإلا كان كلاما باللسان وأماني. ولذلك يقول ربنا: تلك أمانيهم، قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع أو هام ويقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، وربنا
يقول فقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون. فكيف يعرف المؤمن إذا كان مجرد أفكار ومجرد كلام، هذا يحتاج إلى أعمال صالحة تبني مستشفى تبني مدرسة تؤسس خلفك شيئا جمعية حتى تحج بالناس تترك شيئا يراه المؤمن فيكون عندما تترك حاجة المؤمن يراها فيكون نعم ما هو ليس كلامه فقط وإنما كثير من الناس يحب الكلام ويتكلم ويقول والله أنا أتكلم أعطوني سنة وسنتين وثلاث أنتم لا تردون علي لماذا وهو أولا لم يقرأ لك أحد لأنهم لا يرون منك عملا لا يرون منك لسانا
رقم اثنين العمل عندما دعونا لا نلتفت إلى هذا الأمر، فلو أن كل كلب نبح رميناه بحجر لأصبح الحجر مثقالا بدينار. حسنا وبعد ذلك، أنا سأرد كما رد النبي على كل دعوة، سنرد على الدعاوى التي ستفسد عقول الناس. فأنت أيها المسكين تجلس تكتب نعم وتجلس تقول وتفعل، لكن أين الصدق؟ لا يوجد صدق، الحكم فيسمح لك أن تقول إذا يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين بل الله مولاكم وهو خير الناصرين وإلى لقاء آخر
نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة