سورة آل عمران | حـ 509 | 156 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا". المنهج الرباني المبني على الإيمان بالله والإيمان برسول الله والإيمان بالوحي والإيمان بالتكليف والإيمان باليوم الآخر مختلف عن منهج الذي ينكر ذلك لأن هذا المنهج منهج التزام ومراقبة والكفر منهج يرى لنفسه حولا وقوة ويرى لنفسه فعلا وتأثيرا ويرى
لنفسه رأيا يتخذه حتى لو خالف المعقول والمنقول وحتى لو خالف مراد الله من كونه ولذلك فيصلح للفرق بين الإيمان والكفر قول الشاعر صارت مشرقة وسرت مغربي شتان بين مشرق ومغرب، أي أن هناك أناسا ساروا في الشرق وأناسا ساروا في الغرب، فكيف سيلتقون؟ هؤلاء لا يوجد بينهم التقاء، فهذا سيذهب حتى المحيط الأطلسي وذاك سيذهب حتى المحيط الآخر، فعليهم إذن أن يعبروا البحر. يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا، ولو وقفنا عند هذا يصلح
ولكنها تعبر عن أمر عام ولذلك نجد كثيرا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خالفوا المشركين اعملوا كذا افعلوا كذا خالفوا الكفار اعملوا كذا وافعلوا كثيرا لماذا منهج مختلف وإن كانت جزئيات بسيطة لكن هذا ناتج من اختلاف المناهج منهج الإيمان المبني على الالتزام ومنهج غير المؤمن المبني على الحول والقوة المنسوبة للبشر ومن كنوز العرش لا حول ولا قوة إلا بالله ما توجد صورة كهذه من
الصور بذاتها قال نعم يوجد هنا يوجد هنا في هذا الموطن صورة من صور المخالفة وقالوا لإخوانهم هذه هي الصورة إذن يوجد نهي عام أن يشابه المؤمنون الكافرين وهذه المشابهة في المنهج وتأتي تحت المنهج صور كثيرة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان يقول ابن القيم وكذلك المعاصي شعب الكفر يعني المعاصي كلها التي تضاد هذا فإن لا بالله إماطة الأذى ضد وضع الأذى، الحياء ضد الفجور يبقى الفجور وكذلك إلى آخره، هذه من
شعب الكفر كان الإيمان شجرة والكفر شجرة معاكسة لها، هنا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض، الضرب في الأرض معناه السفر والسفر قد يكون لأغراض كثيرة من ضمن هذه الأغراض طلب الرزق ومن ضمنها صلة الرحم ومنها طلب العلم ومنها هجرة الإيمان ومنها هجرة الأمن
ومنها الجهاد في سبيل الله وسمي الضرب في الأرض ضربا لأن الإنسان يعاني فيه وضع القدم ويدب بها على الأرض وكأنه يضربها أو وضع قدم حافر الحصان أو الإبل أو الدابة كما تضرب الأرض فهنا قال ما له إذا ضربوا في الأرض؟ حسنا لم يقل ضربوا الأرض، لماذا قال هكذا؟ لأنهم ليسوا يريدون أن يضربوها، هم ليسوا ممسكين بعصا ويضربون الأرض، هم لا يريدون هذا، بل هم ساروا فيها،
فضربوا هنا متضمنة، يسمونه التضمين في النحو، متضمنة فعلا آخر، يعني لو كانت هي وحدها لقالوا ما ضربوا الأرض يعني يضربونها بالفأس إذن يضربونها بالمعاول ولكن هنا ضربوا فيها يعني لا بد أن ضربوا لماذا يعني فيها فعل آخر بداخلها وهو فعل السير ضربوا في الأرض ضربوا في الأرض هذه تعني معاني كثيرة وضربوا في الأرض أي ساروا ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه من العذاب وروي
عن عائشة أنها قالت ولو شئت لقلت العذاب قطعة من السفر ولا يزال السفر مع كل التسهيلات التي حصلت في الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة ما زال قطعة من العذاب إلى يومنا هذا وما زال ركوب الطائرات فيه ضغط وفيه على العينين وعلى القلب وعلى ذلك إلى آخره ما زال حتى الآن بعض الناس يقول لك ممنوع أن تركب الطائرة إلا كل خمسة أيام، حسنا بسبب الضغط وبسبب هذه الأمور، عذاب قطعة من العذاب، سافروا في الأرض فتحملوا المشقة وتحملوا أيضا نهاية الحياة
في الغربة، هذا هو الكلام، أصبح يقول لك ما دمت كنت في حضني هنا فلماذا ما أنا في حضنك هنا أم هناك هي وهي هي سنموت ليبرز الذين كتب عليهم القتال إلى مضاجعهم فهي هي طيب ضربوا في الأرض للعلم وللرزق وللصلة وللهجرة ولكذا إلى آخره وارد ولكن هم يقصدون ماذا القتال في سبيل الله قوم ذهبوا إليه أو كانوا في غزو فتكون صورة من الصور الخاصة بالضرب في الأرض لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا، الضرب فيه الموت والغزو والغزاة يكون
فيه القتل ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم لأنهم ميتون والله يحيي ويميت هنا أو هناك والله بما تعملون بصير وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته