سورة آل عمران | حـ 510 | 157 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون، فإن حياة الإنسان ستنتهي في كلا الأمرين ولكن تعلق القلب بالله يجعل هذا مثل ذاك عند المؤمن ولذلك لا يتحسر المؤمن الذي
يجاهد في سبيل من قتل في سبيل الله أم لم يقتل أو لم يمت على فراشه، فإن الأمر عند الله سبحانه وتعالى يتعلق بالإيمان لا بطريقة الوفاة. تتعدد الأسباب والموت واحد، فالله سبحانه وتعالى يبين هذه الحقائق لصنفين من الناس: صنف يرى أنه يريد أن يموت في فراشه، ولقد رأينا هذا الصنف يقول أنا أريد أن أموت في فراشي لا حتى يشمت
الناس بك، ناس من؟ هذا الشهيد يزغردون لك، ناس من الذين يشمتون بك؟ قال والله يعني أن جسمي سيتقطع ما يتقطع، ما نذهب فخرجت إلى الخارج وخرجت في سبيل الله، فأنت خائف أم ماذا أم لا تريد؟ قال لا أريد، ماذا نقول له؟ ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون. نقول له هذه الآية. والثاني يا عزيزي حزين لأنه مات في الفراش بعد أن جاهد في سبيل الله ثلاثين أو أربعين سنة وخاض المعارك والنبال وظلت النبال ترمى عن يمينه وعن شماله وفي
اليوم مات على سريره فحزن يقول يا رب يعني أنا كنت أريد أيضا أن أموت في المعركة فنقول له ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون فنسلي قلبه فيكون الأول يشجعه والثاني يهدئ باله الاثنان موجودان الصنفان الشجاع والجبان وموجودان في الحياة بل وموجودون في الصحابة من الصحابة من كان في غاية الشجاعة ولا يهمه الأمر، ومن الصحابة من كان رقيق الحال منطويا يخاف، هذا
موجود فالبشر هكذا، البشر هكذا. سيدنا علي بن أبي طالب كان صنديدا، كانوا يسمونه الفتى الغالب، الفتى الغالب، ما من أحد بارزه إلا وغلبه. ويقولون له يقولون له أنت لماذا تغلب الله على الدوام هكذا ما دمت صامتا اضرب فقال آه وأنا أجاهد في سبيل الله أفكر أنني أستسلم تعبت قم أقول لا خمس دقائق أخرى وماذا وأستسلم إذن قم ينتظر خمس دقائق قم العدو يستسلم من الصبر فصبر جميل والله المستعان يحدث
نفسه هكذا: أنا انتهيت، تعبت، أنستسلم الآن أم ماذا؟ لا، انتظر قليلا، هؤلاء القليل سيجد العدو يستسلم. كان العدو قد واجهها ثلاث أو أربع مرات، قال: استسلم، فلا فائدة من ذلك. وجاء مستسلما. سيدنا خالد بن الوليد مات في فراشه وظل يتحسر: يا رب، أنا سيف الله المسلول. وفي النهاية لم يكن هناك موضع في جسده إلا وفيه طعنة برمح أو سيف، فقال بعد كل هذا أأموت في الفراش كما تموت العجائز؟ لا نامت أعين الجبناء!
أي أنه وهو في مرض الموت فهم أنه لم يكن جبانا رضي الله تعالى عنه، بل كان شجاعا هذا هو. نسليه ونقول له ماذا لكي نهدئ باله هكذا نسليه ونقول له ولئن قتلتم في سبيل الله أو متم لمغفرة من الله ورحمة خير مما يجمعون فهذه موجهة للمؤمنين بصنفيهم سواء كان المؤمن شجاعا أو كان فيه تقصير لا نريد أن نقول جبان فالمؤمن ليس جبانا أبدا ولكن يبقى فيه أيضا هكذا إذن طيب وموجهة لمن أيضا موجهة لأولئك الذين هم خارج الإيمان ممن
يشمت في الموت سواء في الحرب أو في السلم فنقول له أنت تشمت في ماذا فتبقى موجهة للمؤمنين تسلية للقلوب وإبرازا للهمة وموجهة لغير المؤمنين نعيا عليهم رجل عيب أنت تشمت أين إن قتل فسيدخل الجنة وإن الجنة دور على نفسك أنت فانظر إلى الخطاب القرآني يخاطب المؤمنين وله معنى ويخاطب غير المؤمنين وله معنى والعبارة واحدة هذه حلاوة القرآن وأنت تفهم جوهر الكلام قل هذا
الكلام موجه لمن تأمل هكذا السؤال الأساسي الكلام الذي أمامي الآن موجه لمن للمؤمنين إذن فما معناه كيف كتب للذين لا يؤمنون، فما معنى ذلك إذن؟ وهكذا "ولئن قتلتم في سبيل الله"، فالقتل عندنا مرتبط بسبيل الله، فإذا كان هناك قتل في غير سبيل الله فهو قتل مذموم، جزاؤه جهنم، لماذا جهنم؟ ثم يقول "أو متم" لا مغفرة من الله، وكان الإنسان مجبولا على التقصير في كل شيء. بنو آدم خطاؤون وخير الخطائين التوابون، وحينئذ فنحن دائما في حاجة
إلى مغفرة الله سبحانه وتعالى. يقول إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة، يعلمنا. وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله