سورة آل عمران | حـ 515 | 161 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يعلمنا أن أمة الإسلام أمة واحدة من لدن آدم ومروراً بأنبياء الله إدريس ونوح وإبراهيم وانتهاءً بسيد الخلق صلى الله عليه وآله. وسلم خاتم النبيين وأن هذه الأمة خاطبها الله سبحانه وتعالى لحفظ المقاصد العليا خطابًا واحدًا وإن اختلفت الشرائع وتنوعت المناهج
إلا أن الخطاب خطاب واحد وهو من عند الله للبشر، والمقاصد الخمسة هي حفظ النفس والعقل والدين وكرامة الإنسان، كنا قديمًا نسميها العرض والمال أو الملك، حسنًا جميل، آدم جاء. ليعلم أبناءه هذا إبراهيم جاء ليعلم أبناءه، هذا سيد الخلق جاء ليعلم أبناءه، هذا ومن اتبعه إلى يوم الدين وحدة الأمة. ربنا يريد أن يعلمنا وحدة الأمة.
الأمر الثاني: الاستفادة من التاريخ الصحيح وتحويله إلى دروس مستفادة لواقعنا ومعيشتنا، فيقول: "وما كان لنبي"، لنبي نكرة، وما كان لنبي يعني أي نعم، وما كان لنبي. إن الأنبياء هؤلاء قبل سيدنا محمد، فهذا يعني أنه يتحدث عن التاريخ. وما كان لنبي الله، لماذا تأخذني إلى الماضي؟ لكي أتعلم منه من
أجل المستقبل. كل هذا في قوله "وما كان لنبي". قبل أن نكمل، هل أنت بمجرد أن تسمع "وما كان لنبي" تحدث لك تقول الله هذا يتحدث عن نبي أي نبي وهذا يتحدث عن أي نبي هذا يتحدث عن الأمة الإسلامية من لدن آدم إلى النبي الذي لنا. الله، أليس نحن أناسًا نتخاصم مع بعضنا أم ماذا؟ لا، إننا أمة واحدة. فهو ينبه على وحدة الأمة وما كان لنبي الله لنبي. هذا تاريخ، يعني؟ طيب، وماذا نفعل بالتاريخ؟ دعنا نعيش حياتنا. قال له: لا، أمل لك ولا مستقبل إلا بدراسة تاريخك. أي تاريخ هكذا؟ لا، التاريخ الصحيح، لأنه
ينعى على الأساطير. أي تاريخ ولو كان تاريخ الجبابرة والمستبدين؟ لا، هذا تاريخ الصالحين والأتقياء الأنقياء وما كان للنبي ما هو. النبي معناه أنه رجل صالح رضي الله عنه، فأوحى له معناه أنه رجل عالم عرف الله وعبد الله على حق إلى آخره. كل هذا تحس به أول ما تسمع. أنت لا تعرف ما كان للنبي، ما زال الكلام لم يكتمل بعد، لكن ما كان للنبي أول ما تسمع العبارة. يحدث في ذهنك كل هذه المعاني: وحدة الأمة، والاستفادة من التاريخ الصحيح الذي يحمله الصلاح والعلم، أولئك الذين قال الله عنهم: "فبهداهم اقتده".
اقتدِ بماذا؟ بالهدى الخاص بهم. إن الغل والسرقة منهي عنهما، لماذا؟ لأن في النهي عنهما حفظاً للملك والمال، فهذه من المقاصد الشرعية المرعية العليا. الخمسة التي جاء بها كل نبي وما كان لنبي أن يغلب الشيطان وهو يتكلم عن المقاصد الخمسة، يقول: "يا إخواننا، أنا أشعر هكذا أن القرآن هذا هو كل آية فيه تحدثك عن موضوع المقاصد الخمسة. كل آيات القرآن، يعني مرة يتحدث عن حفظ النفس ومرة عن
حفظ العرض". ومرة عن حفظ المال ومرة عن حفظ الدين ومر بالمستويات المختلفة إما تصريحاً وإما ضمناً، لكن كل آيات القرآن توجهك إلى المقال الشاطبي، يقول هكذا إلى المقاصد الخمسة، وما كان لنبي أن يغل، ليس من الممكن أن نبياً الذي هو المقتدى به الأسوة الحسنة يغل أبداً، يغل يعني ماذا؟ يحقد ويغل يعني ماذا؟ يسرق. ومن يغلل هو الذي يسرق في الحرب. نحن في حرب، جاءت غنيمة يجب أن نسلمها للإمام. حسناً، ولكن إن لم تسلمها وسرقتها وطمعت فيها، سيأتي
بما غل يوم القيامة. سيأتي يوم القيامة، نحن دفناه في مقبرة وتحول إلى تراب وقام من هذه المقبرة في يوم بعيداً عن داره لأنه لم يدفنه أين في داره، سبحان الله. فيقوم هكذا ويجد الأشياء التي سرقها محشورة معه مثل الأدلة الجنائية، كما يحدث عندما يذهبون لضبط جريمة، فهناك ما يسمى بالأدلة الجنائية، فيجدون مسدساً وخزنة وخاتماً وما شابه، ثم يأخذون هذه الأشياء ويحرزونها ويسمونها الأحراز لكي... تتعرض للنيابة وللقاضي وتصبح هذه الأقوال أدلة على الجناية، فهذه أدلة جنائية. والله، القرآن تحدث عن الأدلة
الجنائية في قوله: "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة". حسنًا، وما معنى "يأت بما غل يوم القيامة"؟ إنه فعل الله، فهو الذي حفظ هذه الأشياء، من غيره؟ إذا فعلنا مثل الله في الدنيا، أيكون ذلك صحيحًا أم خطأً؟ كونك تفعل فعل الله صحيح، وكونك تتخلق بأخلاق الله هو الصحيح. ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة. أدلة جنائية، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. كل نفس دعنا نرى، أكنت جاهلًا أم لا. هل كنتَ تتصنع الغباء أم كنت سارقاً أم ماذا كنتَ بالضبط؟ من الذي يعرف هذه الأمور؟ العليم بذات الصدور.
وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة