سورة آل عمران | حـ 520 | 164 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 520 | 164 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "لقد منَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم". من أنفسهم، ليس غريباً عنهم، بل هو منهم. قال المفسرون لما قال الله... من أنفسهم، طَمْأَن قلوبهم، لأنه كان من الممكن أن يُرسل إليهم ملكاً فيفزعون منه ويقولون: كيف سنتبعه؟ إنه ملك! إذاً، كونهم من أنفسهم أفادت الطمأنينة وأفادت
إمكانية الامتثال. سيد الخلق كان له عينان، كان له أذنان، كان يسمع، كان هناك دم يجري في دورته الدموية، كان بشراً، قُلْ. إنما أنا بشر مثلكم فمن هنا تأتي القدرة على جعله أسوة حسنة صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، ومن هنا تأتي العصمة له بما يحقق كمال الامتثال، فأنت تتبعه وأنت مطمئن أنه أدَّى ما يرضى عنه ربنا. إنه المثال، وليس علينا أن نتساءل هل يرضى أم لا. لا يرضى. نعم، هذا كله في سائر البشر، كل أحد يؤخذ منه ويُرد عليه
إلا صاحب هذا القبر الشريف - ويشير الإمام مالك إلى قبر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - فهو معصوم. لقد منَّ الله علينا، وهذه نعمة تستوجب الشكر، فنحن نشكر ونقول: الحمد لله الذي جعلنا. مسلمون وكانت الصحابة تقول وليس هناك نعمة بعد نعمة الإسلام. هكذا دائماً، يعني كأنها بمقياسين. كانت هذه جملة اعتراضية، يعني نعمة الإسلام هذه لا يعلوها نعمة أولى أو أحلى أو أعلى أو أغلى. كثير في كلامهم وهو يقول إن ربنا
أنعم عليها بنعمة كبيرة. كثيراً ما هو. ربما مال، ربما زوجة صالحة، ربما علم، ربما كذا وكذا. وليكن، إنما بعد نعمة الإسلام، لقد منَّ الله على المؤمنين بماذا؟ حيث إذ - يعني - حيث إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم. طيب، لماذا لم يقل منهم هنا؟ ما الفرق يعني عندما يقول منهم ومن أنفسهم؟ منهم. أي ربما من جنسهم، ربما
من قبيلتهم، ربما من مكانهم، منهم، لكن من أنفسهم، أي يلفتهم إلى أنه كأنفسهم، هو مثلهم، وعندما نقول مثلهم فهذا يعني أنه قابل للأسوة والامتثال. بعث فيهم رسولاً من أنفسهم، هذه وحدها نعمة كبيرة، كل شخص يريد أن يسأل سؤالاً يذهب إلى سيدنا رسول الله. يسأله فيجيب إذا كان فيها وحي أو يسأل ربه فيوحي إليه. ما هذا؟ إنها بوابة مفتوحة على ربنا، بوابة مفتوحة،
هذه نعمة. البوابة المفتوحة ماذا يأتي منها؟ النور يأتي منها، الهواء يأتي منها، الرحمة تأتي منها، الخير يأتي منها. مفتوحة، بوابة مفتوحة، والبوابة الموصدة حتى الخير لو جاء ما... لا يستطيع الدخول، لا يوجد نور ولا يوجد نسيم يدخل عليه، فسيدنا رسول الله هو بوابة الخير إلى الله. "إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم"، هذه لوحدها نعمة أن يكون وسطهم. خذ النعمة الثانية: "يتلو عليهم آياته"، ليس فقط أنه ينتظر أحداً يأتي ليسأله فيجيبه، لا،
بل يبلغهم آيات الله وآيات. الله، هذه آية "هدى للمتقين"، هذه برامج حياة ومناهج حياة غالية عالية راقية فائقة. وبعد ذلك، هذه نعمة بحد ذاتها "يتلو عليهم آياته". ربنا يسمح لنا أن نتكلم كلامه. هذه منّة، هذه شيء غريب أن نتكلم الكلام الخاص به، نعم، تتكلم الكلام الخاص به هو الله. يعني عندما أقول: "لقد..." مَنَّ الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم.
أنا هكذا قرأت الكلام بالقائم في ذاته تعالى، هكذا هو، ومسموح لي. نعم، هذه نعمة كبيرة جداً، ولذلك عظّم المسلمون القرآن تعظيماً شديداً جداً، يعظمونه جداً لأنه نعمة من نعم الله. هذه النقطة الثانية، والنقطة الثالثة: ويزكيهم، يربيهم على... ماذا يفعل بالأخلاق الحسنة؟ يربيهم وليس تاركاً لهم هكذا ينشأون كيفما ينشأون. الرحمن هو الرحمن والشيطان هو الشيطان. لا،
إنه يربيهم للرحمن ويعلمهم كيف يبتعدون عن الشيطان. يزكيهم أي يطهرهم، هذا رقم أربعة. ويعلمهم أيضاً، فيكون تربية وتعليم. يزكيهم ويعلمهم، فتكون التربية قبل ماذا؟ قبل التعليم. "واتقوا الله ويعلمكم الله". حسناً، ماذا يعلمهم؟ الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.