سورة آل عمران | حـ 523 | 167 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى "وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين" وهذه شرحناها في مرة سابقة، وبعدها يقول "وليعلم الذين نافقوا" فكما أن الله سبحانه وتعالى يختبرنا ويمتحننا فمنا من ينجح ومنا من يفشل ليعلم المؤمنين وليعلم الذين نافقوا وهنا يقول لك حسنا لماذا لم يقل ليعلم المنافقين
لماذا عندما جاء قال ليعلم عبر بالاسم المؤمنين وعندما جاء يعبر عن المنافقين قال ماذا الذين نافقوا الذين نافقوا لم يقل ليعلم المنافقين في أمام المؤمنين قال عندما يستعمل الاسم فإنه يفيد الثبات والاستمرار، فالإيمان راسخ في قلوبهم وكذلك هم مستمرون في الإيمان، وعندما يستعمل الفعل فإنه يفيد التجدد والحدوث، فيكون الفعل أخف من الاسم، ولذلك عندما يأتي
سيدنا رسول الله ليقول من ترك الصلاة فقد كفر، فيكون تارك الصلاة كافرا فسيدنا الإمام الشافعي وأبو حنيفة ومالك قالوا أبدا لأنه كان يقول من ترك الصلاة فهو كافر، كفر فعل يعني عمل من أعمال المعصية الشديدة المنسوبة إلى الكفر، عمل من أعمال يعملونها الكفار لكن لم يقل من ترك الصلاة فهو كافر، الفرق بين كافر وكفر أن كافر صفة ثابتة تبقى ثابتة عليه فلما يأتي هنا وينزل القرآن ويقول وليعلم الذين نافقوا فيكون نفاق
عمل
وفتح لهم باب التوبة فيكون نفاق عمل أول العربي ما يسمع الذين نافقوا يعني أنت عملت عملا من أعمال المنافقين فيقول يا للخبر السيء إذن يجب أن أتوب فتكون كلمة الذين نافقوا قد فتحت للناس التي ارتكبت هذه المعصية التي سنراها الآن باب التوبة وفتحت لنا نحن باب التوبة إلى يوم الدين بحيث أنه لو حدث شيء مرة أخرى هكذا فإن الإنسان يتوب منها ولا ييأس بعد ذلك ويعرف أنه لم يحكم الله عليه بالنفاق فلا يفقد قلبه واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه فانظر الذين نافقوا كلام
دقيق وليعلم الذين نافقوا يبقى هنا أفادت أن هذا نفاق ليس متمكنا منهم وأنه يجوز لأحدهم أن يتوب وأن يرجع إلى الله سبحانه وتعالى وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا أي اشتركوا إما بالنفس وإما بالمال لأن الحرب تحتاج إلى مال والحرب تحتاج إلى رجال تحارب فإما أن تأتي بنفسك وتقاتل في سبيل الله أو تدفع حتى أن عثمان بن عفان قد جهز جيش العسرة فقال رسول الله من شدة ما
أنفق عثمان حينئذ قال ما ضر ابن عفان ما فعل بعد اليوم يعني ابن عفان لو عمل أي شيء بعد ذلك أيضا في الجنة فلم يفعل إلا خيرا، انظر كيف أن هذا الكلام يجعل المرء لا يذهب إلى الفساد، ما دام الله قد أدخلني الجنة، من أدخلني الجنة لا، اللهم إنك أدخلتني الجنة فينبغي أن أكون من أهل الجنة وأن أبدو كأهل الجنة، فصار يقوم الليل وصار يختم القرآن وصار يصوم في النهار وبقي كذلك وقال ألا أستحي من رجل قد استحيت منه الملائكة سيدنا رسول الله يقول عن عثمان هكذا وزوجه ابنته فماتت عنده فزوجه
ابنته الثانية رقية وأم كلثوم فماتت عنده قال والله لو كان عندي ثالثة لزوجتكها يا عثمان فسمي بذي النورين ذو النورين لماذا لأنه ابنتان للنبي ابنتان من بنات النبي فهذه نور وهذه نور وهو ذو النورين إذن هذا طريق السعادة هذا يرسم لنا طريق السعادة وليعلم الذين نافقوا إذا قد فتح بذلك باب الرجوع والتوبة وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا إدفع بالتي هي أحسن أنفقوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم، حسبوها بعقولهم، قالوا: كيف تقاتلون؟ أنتم ذاهبون مع كل
هذا الجيش العرمرم وتريدون أن تنتصروا وتريدون أن تفعلوا كذا وكذا، نحن نحسبها هكذا إذا ستكون فيها هزيمة بهذا الشكل، آه لا نحن نقاتل من أجل القضية، ولذلك عندما ذهبوا، ما رأيك أن المسلمين انتصروا في أول المعركة وأنهزم المشركون وبدأ بعضهم بالانسحاب والهرب، فلما نزل الرماة من التلة أو الجبل الذي قال سيدنا رسول الله للرماة قفوا هنا، نزل الرماة من أجل الغنيمة ولأن المعركة انتهت والجيوش ذهبت، فالتف المشركون وضربوا المسلمين من الخلف، مع أن سيدنا رسول الله قال لهم حتى لو رأيتم المعركة انتهت
اثبتوا حتي لو رأيتم الغنائم أمامكم سنحجز لكم الغنائم لا تخافوا ففوجئوا بالهزيمة الشديدة والمسلمون هزموا انتهى الأمر إذن الكلام حساباتهم هذه كانت خاطئة الجماعة الذين وصفهم الله بأنهم الذين نافقوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم لكن نحن بالحساب هكذا لا نرى أننا نقدر على اتباعهم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان الله هم يكونوا أيضا بين الكفر والإيمان أي نعم وهذا الذي يؤكد كلمة الذين نافقوا لأنهم لو كانوا كفارا وقلوبهم كافرة لما قال هكذا لا بل يقول لهم أنتم ارتكبتم خطأ عظيما فظيعا لأنكم بهذا الشكل اقتربتم منكم اقتربتم من
أن تكفروا واقتربتم من أن تكفروا يعني ماذا يعني أنهم لم يكفروا يقولون بأفواههم ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون وأمرهم بالتوبة والرجوع فاللهم يا ربنا نور بصائرنا واجعلنا نعمل لوجهك الكريم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته