سورة آل عمران | حـ 527 | 172-173 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى أننا لا بد أن نعبده في السراء وفي الضراء في المنشط والمكره المنشط هو أن تبقى نشيطا هكذا والمكره هي أن تكون كسولا وكاره أن تطلع والإنسان سبحان الله يأتيه هذا وذاك طوال حياته، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول عجب أمر المؤمن إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر، ما هذا شاكر
صابر يكون دائما صابر فتكون في رضا في نعمة في رضا وفرحان في نقمة في رضا وفرحان، طيب يقول ربنا سبحانه وتعالى في شأن المؤمنين الذين لا يضيع الله أجرهم "الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم"، فلما رجعوا من أحد مضروبين مهزومين مكسورين أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يربيهم على النبل والفروسية فأمرهم أن يتبعوا
المشركين فتبعوهم، والمشركون ساروا اثنتي عشرة ساعة وهؤلاء يجرون وراءهم وهم أيضا يجرون، فلحقوا بهم في حمراء الأسد وهو مكان يسمى حمراء الأسد، فدخل المشركون مكة وهم فزعون، هؤلاء منتصرون قادمون بالنصر لم يهنئوهم بنصرهم هذا، أصحابنا هؤلاء منكسرون لم يرضوا أن يقبلوا بالانكسار فاستجابوا لله وللرسول صلى الله عليه وسلم وهذا ما فيه من تسليم لا يوجد فيه مراجعة وتفكير وهكذا مستعدون لركوب الخيل والجري وراءهم ذهبوا راكبين الخيل وجروا وراءهم لم يترددوا لم يقولوا لا نحن متعبون فلنؤجلها لغد
في الصباح أم بعد ذلك لا لم يحدث ولكنهم هؤلاء مضروبون ومجروحون وهذا ما وصفه ربنا "القرح" "الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح"، فهم في الضراء أيضا يستجيبون للذين أحسنوا منهم، عندما أفعل ذلك بقلب راض فقد أحسنت واتقوا، خافوا ربهم أحبوا ربهم يريدون أن يطيعوا الله سبحانه وتعالى وأن يفعلوا هذا لوجه الله أجر عظيم، هذا الأجر جميل جدا. أجر هذا يكون فضل ورحمة إنما يقول لك لا هذا ليس أجرا فحسب هذا أجر عظيم وكلمة
عظيم هذه على وزن ماذا؟ فعيل فكلمة فعيل أو وزن الفعيل معناها أن الإنسان عندما يراه يستعظمه يعني يستكثره عندما يأتي أحد ليعمل عندك شيئا وهو أجره عشرة جنيهات عندما تعطيه عشرون جنيها يقوم يقول لك هذا كثير لماذا وهو يأخذ عشرة فقط طيب عندما تعطي له مائة يعني مائة في عشرة يقول لك ما هذا لا بل سيعطيك ألفا إذن بدل العشرة أنت
تنتظر عشرة وراض بعشرة ترضى فيعطيك ماذا هي يعطيك ألفا طيب وهذا فيكون ما هذا؟ هذا عظيم، هذا شيء لا أراه من هنا ولا من هناك، يعني هذا ألف، هذا شيء آخر، كل فرق كالطود العظيم لما رأوا المياه سيدنا موسى وهو يمشى مع بنى إسرائيل ضرب البحر فانشق قسمين فصارا مثل الجبلين العظيمين، عظيم يعني أنا لا أرى نهايته أنا ما أراه هكذا أرى شيئا ضخما هكذا فكلمة عظيم هذه في وصفها للأجر يقول لك لا تخف ابق مع الله وكلما كنت مع الله فإنك دائما رابح بخلاف الذي يقول لك لا اتركك من ربك فاتركك من ربك طيب ما هو
اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك لو تركنا أنفسنا لذواتنا وحولنا وقوتنا ونحن أصلا لا حول لنا ولا قوة سنضيع أنفسنا، وإنما عندما يتوكل المرء على الله ويؤمن بالله ويوقن بالله فله عند الله أجر عظيم. "الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل"، الحكاية تكمن في تصميمك على القضية وأنك تحرر أرضك وأن تدافع عن عرضك وأن تفعل شيئا لوجه الله وتصد العدوان وترفع الطغيان، ليس بكثرة العدد، إذا كان
لديك هذه الهمة ومصمم ستنتصر حتى لو كان عدوك أكثر منك عددا وعدة، الذين قال لهم الناس هو واحد فقط على فكرة كان اسمه نعيم بن مسعود، جاء ونعيم بن مسعود يقولها باعتبار أنه يرى الناس الآخرين شيئا ضخما وكثيرا وسيأتون ليضربونا، قالوا له إن الناس قد جمعوا لكم، المشركين جمعوا لكم وفاعلين يعني ماذا، أنتم ثلاثمائة وهم ثلاثة آلاف، نعم فاخشوهم يعني انظروا ماذا ستفعلون، خافوا إذن حين سمعوا ذلك قالوا نحن لا شأن لنا بالمشركين كثيرين كانوا أم قليلين لا دعوة لنا
بهذا الكلام فزادهم إيمانا وقالوا كلمة واحدة فقط هنا حسبنا الله ونعم الوكيل وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام