سورة آل عمران | حـ 531 | 178 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 531 | 178 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم، إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين". هذا بيان حقيقة حول شأن الكافرين. لكنه في الوقت نفسه خطاب للمؤمنين، وعندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الكافرين
فليس المقصود هم في ذاتهم، لأن هذا القرآن هدى للمتقين، فهو خطاب أيضا للمؤمنين لأمرين: الأمر الأول أن تعلم الحقيقة، والأمر الثاني أن يكون هذا العلم بالحقيقة دافعا لك للإيمان والتقوى، أي أنك عندما تعرف إن جزاء الكافرين هذا الذي ينتهي بالعذاب المهين فإنك لا تريد ولا ترغب ولا تحب أن تسلك
سبيلهم ولا أن تكون مثلهم ويحدث لك ما يسمى بالنفور الوجداني من هذه الأفعال وفي المقابل يحدث لك الميل إلى الأفعال التي تضاد ذلك فشجرة الإيمان لها شعب والإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله أدناها إماطة الأذى عن طريق الناس والحياء شعبة من شعب الإيمان والكفر شجرة لها شعب وشعبها المعاصي على رأسها الشرك بالله مقابل لا إله إلا الله ومنها إيذاء
الخلق ولو بإلقاء قشرة موزة لا تقصد بها شيئا تقصد أنك أكلت الموزة وترمي القشرة أي القذارة أي تلقي بالقشرة في الشارع انظر كيف أن أمرا بسيطا هذا يقول لك إن إماطة الأذى من الإيمان فيكون وضع الأذى ماذا من الكفران والحياء شعبة من شعب الإيمان فيكون الفجور شعبة من شعب الكفر فالمعاصي كلها من شعب الكفر والطاعات كلها من شعب الإيمان فعندما يأتي ويتحدث عن الكافرين بهذا يبين لك الحقيقة وثانيا يجعلك تولي ظهرك تجاه المعاصي وأهل الكفر فتتوجه بوجهك تجاه الإيمان
وأهل الإيمان وحينئذ تخلي قلبك من القبيح وتحلي قلبك بالصحيح فتبقى كل آية من الآيات التي تصف الكافرين وتنعى عليهم لها ثلاثة أمور تقريع أسماعهم لعلهم يرجعون بيان الحقيقة للمؤمن دفعه دفعا إلى النفور من هذه المعاصي والأفعال القبيحة إلى الطاعات والأفعال الصحيحة، كل آية في القرآن تأتي أنت محل لها التحليل هذا، هو يكون هو يتكلم مع الكافرين بالكلام هذا أولا، ثانيا يكلمني أنا يقول لي ماذا أليس كذلك فلا نستفيد
منها لأنها خاصة بالكافرين، هذا يقول ولا يحسبن الذين كفروا ونحن ما لنا إذن بالذين كفروا نقرؤها بسرعة ولا نقف عندها، لا، صحيح هو يخاطب الذين كفروا يقول لهم لا تحسبوا وكذا إلى آخره، لكن هذا يخاطبنا نحن أيضا، كل آيات القرآن تخاطبك وتكلمك أنت، فيجب أن تعمل فيها هذين الأمرين: أن تؤمن وأن تعمل، تؤمن بأنها حقيقة هذا من الناحية القلبية وتفعل بأن تخلي وتحلي، تخلي أفعالك وقلبك وذهنك وتحليه، تخليه من أي شيء من القبيح وتحليه بالصحيح. لو عملنا مع القرآن هكذا فإن هذه
خطوة من خطوات إحسان التدبر "أفلا يتدبرون القرآن"، خطوة من خطوات فهم كتاب الله، خطوة من خطوات أن أجعله هداية. ما معنى أنه كتاب حياة؟ وكتاب هداية يعني يريد أن يستفيد منه وهذا بأن لا تقرأ الآية وتتركها هكذا بل تقف عندها وتتفكر، والفكر مع الذكر هو طريق الله، الفكر والذكر، اذكر الله وتفكر بعقلك، نحن أنمنا العقل كثيرا جدا مدة طويلة بالتقليد والتبعية، لسنا راضين أن نفكر، والإنسان هو الذي صنع كل شيء، فالبترول في أرض الله منذ آلاف السنين، من الذي أخرجه؟ الإنسان عندما
فكر، عندما تعلم، عندما تدبر. قوم يجلبون المال، قوم يقيمون المنشآت، قوم يصنعون الرفاهية والراحة وهكذا. أتلاحظ أن الغابات موجودة منذ الأزل والحيوانات وهكذا، من الذي يصنع كل هذا؟ الإنسان. ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم وهذا ما نستفيد منه، ما الذي نستفيده منه؟ أن نعمة الله ليست مقياسا للحق، فأنا غني معي أموال كثيرة لا يعني ذلك أن الله راض عني، وأنا قوي لا يعني ذلك أن الله راض عني، ومعي سلطة لا يعني ذلك أن الله
راض عني، هذا يعني أنها نؤدي تكاليفها وواجباتها وحقوقها فأنت غني إذن وقعت عليك مسؤولية لأن يجب أن تبحث عن الفقراء لكي تكفلهم من غير منة وتكبر وإجبار فإن لم تبحث إذن لم تعمل ما عليك هذا يصبح لإخواننا بلاء وليس نعمة لأنه كذلك عندما ستعمل هذا ستأخذ أجر أهل الخير بالأجور يا رسول انظر كيف أن كل شيء نعمة ولكن احذر، فإن هذا تكليف، كل تشريف فيه تكليف، احفظ هذه القواعد: كل تشريف فيه تكليف، ما دام قد
أغناك فقد كلفك بالبحث يا عزيزي والدفع، وما دام قد أعطاك سلطة فقد كلفك بالعدل والانتظار والتفكير والعمل والبحث، وما دام قد أعطاك صحة فقد ما دام قد آتاك علما فقد كلفك بالتطبيق والتنفيذ وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة