سورة آل عمران | حـ 532 | 178 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى "ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما" أي النعم التي ينزلها الله سبحانه وتعالى على الإنسان آدم وهي لا تعد ولا تحصى ليست مقياسا للرضا وليست مقياسا للحق، فليس كل من أكرمه الله سبحانه وتعالى بنعمة يعتقد أنه قد رضي الله عنه، إنما الحياة
الدنيا ابتلاء واختبار، والنعم التي أنعم الله علينا بها تكون تشريفا لنا فتكون في الوقت ذاته تكليفا لنا، هذه فكرة التكليف والتشريف آدم أسجد الله له الملائكة أسجد لك الملائكة فيجب أن يكلفك على الفور ولذلك بعد الطويل من الأمر يقول الإداريون ماذا في علم الإدارة السلطة والمسؤولية وجهان لعملة واحدة أعطيتني سلطة فيجب أن تكون هناك مسؤولية عليا ستسائلني فيجب أن تعطيني
سلطة فأعطيتك مالا ما أعطيت للفقير لماذا أعطيتك علما لماذا أعطيتك سلطة فلم تعدل، لماذا أعطيتك صحة فلم تعن، لماذا وهكذا أبدا. فتبقى القوامة الخاصة بالرجل في البيت، نعم هذه سلطة ولكنها مسؤولية، الرعاية والعناية، عليه النفقة وعليه التربية وعليه أن يجتهد، قد يخطئ وقد يصيب ولكن يجتهد لمصلحة أسرته دون عناد ودون تجبر ولا تكبر، وإنما يقصد. بذلك وجه الله فإن أخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران، كلكم راع
وكلكم مسؤول عن رعيته، فالمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والحديث طويل كما تعلمون، ولا يحسبن الذين كفروا أن ما نملي لهم، نملي تعني ماذا؟ نملي تعني نؤخر، نصبر، ننتظر. ننظر نملأ لهم هذا المال لا يريد أن يتوقف هذا واحد يقول لك يقولون له عندك ثروة كم قال لهم متى قبل السؤال أم بعد السؤال
ها آه لأن قبل أن تسألوه كانت قد زادت ملايين مملوءة تزيد كل لحظة فأنتم تريدون الرقم قبل السؤال أم الرقم ترى تريدونه بعد هذا السؤال يصبح تقيا وربنا راض عنه إلى الأبد، أم يصبح ربنا غاضبا عليه إلى الأبد، ربما يكون من أتقياء الدنيا هذا بالمناسبة، أنت منتبه أنه ليس معيارا ولا مقياسا للحق، قد يكون صالحا وقد يكون طالحا، إنما المقياس هو الإيمان والعمل الصالح، هذا هو المقياس أليس كذلك؟ لا يحسبن الذين كفروا أن
إمهالنا لهم خير لأنفسهم، إنما نملي لهم ليزدادوا إثما، ولهم عذاب مهين مهين مهين مهين هو النعمة خير ولكن خير يقول لك عليها هذه أفعل تفضيل أفعل تفضيل يعني هذا أحسن من هذا أجمل من هذا أقوى من هذا أفعل تفضيل وأفعل التفضيل هذا في خير وشر
يأتي على الصيغة العجيبة هذه خير وليس أخير ولكن يجب ألا تنسى في ذهنك أن كلمة خير معناها أخير ولكن هي الصيغة العربية هكذا خير وشر أيضا هكذا أشر يعني أن أفعل التفضيل يقتضي ماذا قال يقتضي المشاركة مع زيادة أحد الطرفين على الآخر أحسن فهذا الرجل هو أحسن من هذا الرجل فيكون هذا في حسن وهذا في حسن ولكن في زيادة الحسن هنا قليلا على الحسن الذي هنا يكون الاثنان يشتركان رقم واحد في الحسن ورقم اثنين أن واحدا منهما زيادة قليلا أحسن أقوى فيكون هذا قويا وهذا قويا
أصح فيكون هذا صحيحا وهذا صحيحا لكن هذا أزيد قليلا في الصحة وهكذا فالنعمة مع الكفران والنعمة مع الشكران أهذه خير من هذه أم العكس نعم فهو هنا ينفي ماذا ينفي العكس هذا يقول له أنت نعمتك هذه مع الكفران لا تظنها أنها أحسن من النعمة مع الشكران إذن هو نفى الخيرية عن النعمة أم نفى الزيادة مع الكفران نفى الزيادة مع الكفران ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم فما
هو إذن فما الحاصل إذن؟ إنما نملي لهم والإملاء هذا معناه الزيادة، فأنا أزيد له ثروته وأزيد له سلطته وأزيد له علمه وأزيد له جاهه ليزدادوا إثما، فيصبح مع كل ازدياد ومع استمرار الكفران دون الشكران ومع استمرار الخروج عن التكليف والتمتع فقط بوهم التشريف يزداد إثما، انظر هنا مناسبة كلمة "يزداد" مع كلمة "نملي" ما هو الإملاء فيها زيادة وسأوضح لك المعنى الذي في الإملاء "ليزدادوا" فوالله ما من بشر يعرف أن
يكتب هذا الكلام ولكن نملي لهم هذا بعد أن تفكر في الإملاء تجد فيها زيادة وبعد ذلك أزيد الكلمة التي بعدها وهي "ليزدادوا" ما هذا ما هذا؟ هذا أمر عظيم جدا ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين والعياذ بالله، مهين يعني أمر مهين تماما يعني لا توجد كرامة، نسأل الله السلامة، اللهم اصرف عنا السوء بما شئت وأنى شئت في الدنيا والآخرة، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته