سورة آل عمران | حـ 536 | 181 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 536 | 181 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ، الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ على سيدنا رسولِ اللهِ وآلهِ وصحبهِ ومن والاهُ. معَ كتابِ اللهِ وفي سورةِ آلِ عمرانَ يقولُ ربُّنا سبحانَهُ وتعالى: "لقد سمعَ اللهُ قولَ الذينَ قالوا إنَّ اللهَ فقيرٌ ونحنُ أغنياءُ، سنكتبُ ما قالوا وقتلَهُمُ الأنبياءَ بغيرِ حقٍّ ونقولُ ذوقوا عذابَ الحريقِ". يكشفُ الله سبحانه وتعالى عما كان يتحدثون به سراً فإن أقواماً ادعوا هذه الدعوى بأنهم أغنياء وأنهم قادرون على تنفيذ ما يريدون لما
معهم من مال، والله سبحانه وتعالى إذا دعوناه فإنه مرة يستجيب ومرة لا يستجيب، وسمع الله سبحانه وتعالى لأنه عليم بذات الصدور عليم بحقائق الأشياء لا تخفى عليه. خافية في الأرض ولا في السماء ولا في الظاهر ولا في الباطن وهو يقرر لنا هذا، فالمسلم يعبد الله وهو يعلم صفاته وأنه يعلم ما في الصدر وما في القلب والماضي والحاضر والمستقبل، يعلم ما يحدث وما حدث وما سوف يحدث. نؤمن بإله لا يخفى عليه شيء
في الأرض ولا في السماء وكثيرٌ من الخلقِ يعبدون إلهاً لا يعرفون صفاتِه، لكنَّ المسلمَ يعبدُ إلهاً يعرفُ صفاتِه، ولذلك قال عن نفسِه: "وَللهِ الأسماءُ الحُسنى فادعوهُ بها"، وسمَّى نفسَه ووصف نفسَه سبحانه وتعالى بأسماءٍ تُبيِّنُ لك مَن تعبد. وتحقيقاً لذلك يقول: "لقد سمعَ اللهُ قولَ الذينَ قالوا إنَّ اللهَ فقيرٌ ونحنُ أغنياء". فوصف الله سبحانه وتعالى بالعجز حاشاه وهو رب السماوات والأرض ومالك الدنيا ومليكها، يفعل ما يشاء، لا يُسأل عما يفعل وهم يُسألون،
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، سبحانه وتعالى هو السميع العليم، هو اللطيف الخبير، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، هو العزيز الحكيم. سنكتب ما قال متسجل. عليهم كل شيء. حقيقة أخرى أن الله سبحانه وتعالى لا يترك مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء إلا ويسجلها في كتاب ليكون حجة عند الحساب. سنكتب ما قال، ويذكرهم أن هذه العقلية التي تصف الله سبحانه وتعالى بغير صفاته، وهذه النفسية وهذه الشخصية التي
تقبل على نفسها بعد... الإيمان بالله لا يهتم بما يقولونه. يقولون أن الله فقير. الله، يعني أنت مؤمن بأن لا إله إلا الله، يقول لك: نعم، أن الله فقير ونحن أغنياء. هذا الصنف من البشر موجود، قابلنا طبيباً - لعل الله أن يكون قد هداه قبل موته - كان يقول إن ربنا أخطأ وهو يخلق الأورطي. لأنه خلقها معوجة هكذا فتسبب الخطأ وتُحدث الجلطة، وعندما تقول هذا الكلام لأطباء القلب يضحكون قائلين: هذا جاهل أم ماذا؟ هذا لم ينتبه إلى أن فائدتها كذا وكذا وكذا وكذا، وأنه لو جعلها مستقيمة لكان الفساد موجوداً بيننا الآن.
أحد المفكرين يقول: الله... يا ربِّ، لماذا أخطأت وخلقتني أنثى؟ هذا تبرُّم على الخلق، لماذا هكذا؟ والسؤال هو: أنت يا أخانا أو يا أختنا مؤمنون بالله؟ نعم. حسناً، ما دمتم مؤمنين بالله فإن ربنا حكيم وعظيم. قال: لا، نحن مؤمنون بالله أيضاً، لكن رأسنا برأسه هكذا. إذاً أنتم لستم. مؤمنون بالله أم بشيء آخر؟ أنتم مؤمنون بأوهام في عقولكم. إن الله
تعالى يخبرنا لكي يبصّرنا ويفهمنا أن هناك خلقاً من البشر بلغوا من الغباء أن قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء. يفهمنا ذلك لكي عندما نسمع مثل هؤلاء الناس لا نُجن ونقول: ماذا يقولون؟ نعم، هناك من هم هكذا. في هذا الأحمق المستعبَد موجود، والحمد لله. (يقول) "إن الله فقير ونحن أغنياء". سنكتب ما قالوه هذا منفرداً، ونذكرهم بأن ذات النفسية والعقلية والشخصية هذه ارتكبت جرائم أخرى. هذه الجرائم من طبيعة نفس هذه النفس وهذا العقل، وقتلهم للأنبياء. يقول لك: "اقتل الحي
لئلا يكون نبي الله". أنت مؤمن أن الله موجود، قال: نعم. ومؤمن أنه أرسل هذا النبي؟ قال: نعم، إنه نبي. قال: نعم. إذن لماذا ستقتله؟ قال: لأنه ضد مصالحي، فأنا ملك وأريد أن أقتل هذا النبي لئلا يأخذ ملكي. كما أراد فرعون أن يقتل موسى، وهذا الرجل هيرودس أو لا أعرف من كان. ما اسمه؟ يريد أن يقتل يحيى وقتله فعلاً وقتلوا الأنبياء لأن هذا النبي قُتِل أو يستوجب القتل - أي بغير حق - ونقول ذوقوا
عذاب الحريق. أيظن أن الله سيتركهم يوم القيامة؟ لا، هذا الصنف ممن خلقهم الله للنار. وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.