سورة آل عمران | حـ 540 | 184 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى لسيد الخلق أجمعين ولكل داعية بلسانه إلى يوم الدين: فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير. إذن يجب عليك أيها الداعية المؤمن أن تبلغ عن الله دون انتظار النتيجة، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وهنا فأنت لا تدخل طرفا في الدعوة، فإن
الهادي هو الله، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء، انتهيت من تبليغ الرسالة وأديت الأمانة، ليس لك أن تتدخل، لست أنت الناس ومن هنا كان المبدأ العظيم لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي يبقى دورك هو دور البيان دور المبلغ وليس دور القاهر ولا دور الغاصب ولا المكره لأننا لم نؤمر أن نصنع من الناس منافقين ما أنت لو أرغمت الذي أمامك على الإيمان فسيقول لك حسنا أنا آمن وقلبه غير مؤمن فيصبح منافقا وأنت تقول إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار فكيف وهو لا يصلح نحن لا ننتج
منافقين بل ننتج مؤمنين ومن هنا فقد تركنا الناس من أراد أن يدخل الإيمان بقلبه مع ربه فليكن ومن لم يرد فأمره إلى الله لأنني لست أنا الذي أخلق الهداية في قلبه وإنما الذي يخلق الهداية في قلبه هو الله، يبقى ما علي إلا التعليم والبلاغ وما لي أن أتدخل بعد ذلك وأمنع من أن أتحسر وأحزن، الحزن والحسرة التي تدفعني إلى التدخل في القلوب والتدخل في الإرادات والقهر والإكراه ممنوع، فيقول أي أن الله في كونه فلا تحزن
ولا يؤدي بك هذا الحزن إلى الخروج عن المنهج الذي رسمه لك، هذا الكلام إذا كان يقال لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم وهو سيد الكائنات فما معناه؟ أنه يقال لنا نحن أيضا من باب أولى، إذا كان هذا لسيد الكائنات قال له لا يكن يقول لي أنا احذر ألا تكون هناك مقارنة بيننا وبين السيد الأعظم صلى الله عليه وسلم فهنا إن كذبوك فقد كذبت رسل من قبلك هذه القصة مستمرة منذ آدم إليك يا خاتم المرسلين ثم الدعاة من بعدك من أمتك إلى يوم الدين بلغوا عني ولو آية جاءوا بالبينات
ما هي وظيفة الرسول أو الداعية الذي يحل محل الرسول؟ إنك عندما تأتي لتدعو تدعو بصورة لافتة للنظر، فلنفترض أنك دعوت بصورة غير لافتة للنظر أو بصورة خافتة، ولنفترض أنك دعوت وخالف فعلك قولك "لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون" فهل تبقى قدوة سيئة قدوة سيئة إذن أنت بلغت إذن أنت جئت بالبيانات أم جئت بالغموض لا بد أن تأتي بالبيانات والبيانات معناها وضوح في الرسالة وتوافق
في العمل أنا أذهب وأسافر إلى بلاد غير المسلمين وأسرقهم والله ما ينبغي أن يكون هكذا ضربت مثالا أن المسلم يحرم ويشهد الزور ويكذب ويزور أهرب من الضرائب والله وأقصر في عملي وفي مواعيدي، فبهذا الشكل يقول لك: خلاص فهمناك، هذا تجد أن دينك هو الذي قال لك هذه الحكاية، اعمل هكذا، نحن نكرهك، فأنا لم أعمل بعد بيانا، أنا تركتها، دعني أرى، جاءوا بالبينات، هذه سنة المرسلين،
تريد أن تكون مثل المرسلون أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده اجعل فيه قدوة حسنة لهم لك تريد أن تقتدي بالمرسلين فيجب أن تأتي بالبينات كلامك وعملك إن لم تأت بكلامك وعملك فقد خلطت الدنيا ولم تتبع المرسلين وعندما يكفرون قد يكون لهم عذر عند الله يأتون في يوم القيامة فيقولون يا ربنا الكلام الذي جميل هذا الخاص بالإسلام لم يبلغنا، نحن بلغتنا صورة أخرى تماما وشيء سيء. قوم يصبح لهم عذر، ومن سبب العذر هذا؟ الداعية الذي خلط الدنيا بأقواله الغامضة أو أفعاله
المخالفة. فتصبح الآية هذه لنا حشر جاءوا بالبينات، وبعد ذلك قال والزبر يعني الصحف، وهنا إشارة إلى أهمية الكتابة، أهمية المعرفة عن طريق الصحف ليس الجرائد بل الصحف التي تحتوي على البيانات، الصحف التي تحتوي على الصدق، الصحف التي تحتوي على الأمور متسلسلة واضحة بينة. حسنا وهذه ماذا تفعل؟ إنها في الأصل باقية لأولادنا فيقرؤونها، إذن
الفائدة الخاصة بها عن البيانات قد ذهبت مقيدة البيانات من أجل أن تتجاوز لكن الذي تسمعونه الذي بعدنا أيضا عندما سجلناه والكتاب المنير وسماه منيرا لأنه يضيء الطريق إلى الله إذا وضوح شفافية عمل صالح وكلام بين يدي الذي جاء به المرسلون إذا أحببتم أن تصلوا وتكونوا أنتم حلقة من حلقات تبليغ هذا الدين فلا بد أن تتصفوا بهذه الصفات فاللهم اجعلنا منهم أرحم الراحمين وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته