سورة آل عمران | حـ 541 | 185 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يقرر حقيقة نشاهدها كل يوم، لكنه عندما يقررها يجعلها قاعدة لانطلاقنا في حياتنا وتصرفاتنا وسلوكنا، لأننا نحب دائما أن ننساها وأن نتغافل عنها وأن نجعلها وراء ظهورنا وليست في عقولنا يقول كل نفس ذائقة الموت الواحد يذهب يعزي في الجنازة أو يصلي على الجنازة أو يدفن الميت وبعد أن يخرج يحاول أن يطرد فكرة الموت من ذهنه
والموت هذا أمر غريب لأنه مرتبط بأجل مسمى ثانيا لا أحد يعرفه ولو تخيلنا وربنا يرسل هكذا من حين لآخر لكي ينبهنا أن هناك من يعرفه، فتجد حياته كلها قد اضطربت، فلو أن شخصا لديه مرض وقال له الطبيب إن أمامك ستة أشهر، يضطرب ويضطرب بأساليب مختلفة، كل واحد حسب شخصيته، فتجد أن هناك من اعتزل الدنيا نهائيا، فيذهب ليصلي ويصوم لينقذ روحه وتجد آخر يخرج من
ماله ولو تبين أن الطبيب مخطئ والستة أشهر مضت ولم يمت بعد فلا تجد معه شيئا وتصبح كأنك مثل مقلب الله ويبدأ يضطرب مرة أخرى تخيل أنه لو اطلعنا على آجالنا لكانت الدنيا تصبح سيئة وكان الإنسان يصبح أيضا مضطربا ومن الممكن جدا لو عرف إنه مهما كان يتصرف تصرفات حمقاء ولكنها حقيقة تؤثر في شيء، كلما تذكرها الإنسان، فأنا عندما أتذكر أنني سأموت، لا أقول سأموت الآن، ولكن هناك موت يكون دافعا للإنسان للعمل الصالح، دافعا
للإنسان ما دام هناك يوم قيامة، ألا نؤذي إخواننا الآخرين، دافعا للإنسان لأنه هو يعمل العمل الذي يستفيد به عند الله سبحانه وتعالى إذ هي حقيقة يجب أن نتذكرها لا أن نعرف موعدها أي أن هناك فرقا بين التذكر الذي هو دافع ومعرفة الموعد الذي هو مانع فهذا دافع وذاك مانع فمن رحمة ربنا بنا أنه يذكرنا بالدافع مع عدم إطلاعنا على المانع حتى لا يكون هناك التباس، كل نفس تعني إذن كل نفس، كل هذا للشمول وللعموم،
ذائقة الموت، طيب ما دامت لا توجد نفس خالدة فالكل سيموت، إذا كان هناك نفس منفوسة فإن هناك موتا، ولذلك قال لسيد الخلق إنك ميت وإنهم ميتون، فإذا كان سيد الخلق ميتا فقد انتهى الأمر، وإنما يوم القيامة يصبح ربط حكاية الموت بإيماننا العميق بالمستقبل يوم القيامة يسأل المسلم من الذي خلقك فيقول ربنا ماذا تعمل هنا أعبده وأعمر الأرض وأزكي النفس وما
خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون وبعد أن تموت إلى أين ستذهب يوم القيامة يعرف هذه الحكاية كل مسلم الأمي والعالم والجاهل والذي درس في الأزهر والذي لم يدرس في الأزهر، كل المسلمين يعرفون هذه الأسئلة الثلاثة، ما رأيك؟ هذه الأسئلة الثلاثة أدهشت البشر، أدهشت البشر، كل الناس تعرفها. إذا كان معك شيء ليس مع أحد، فالأسئلة الثلاثة البسيطة هي كالتالي: ربنا الذي خلقنا لكي نطيعه هنا ونعبده، وبعد ذلك نحن راجعون إليه مرة بعد الموت ولذلك تجد المؤمن والمؤمنة لا يخاف من الموت وإنما توفون أجوركم
يوم القيامة ربنا يعطيني بعض الأجور في الدنيا إنما ليست وافية وإنما سيوفيها لك متى إذن تماما آه ذلك يوم القيامة يوم القيامة عندما ستشاهد ما ادخره الله لك في الجنة حينئذ تقول لنفسك لا هذا زيادة عن هذا اللزوم، هذا أنت منتبه عندما يأتي أحد لتبيع له شيئا، تبيع له مثلا ثلاجة أو شيئا، أنت تريد فيها ألفا، فذهب ليعطيك فيها عشرة، فتقوم لتقول له يعني هذا زيادة عن اللزوم، فربنا واسع، أنت تريد ماذا؟ قال صليت لك يا ربي وصمت لك، قال صليت لك قال فما الذي جعلك تصلي، ما الذي هداك، ما الذي وفقك؟ حسنا، خذ الأجر إذن، تحسبها كم تبلغ مثلا شيئا مثل
مدينة القاهرة ملكك في الجنة؟ لا، هذا سيعطيك على الأقل عشرة أمثال الكرة الأرضية، عشرة أمثال الكرة الأرضية، قم فهذا ما سيحدث لك ما هذه من حالة من الرضا، نعم هكذا، هذا الله قال لها هذا زيادة، فماذا نحن نفعل هذا هكذا، آه وإنما توفون أجوركم توفون أجوركم يوم القيامة، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.