سورة آل عمران | حـ 547 | 188 - 189 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة آل عمران | حـ 547 | 188 - 189 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى: "لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم" بمفازة من العذاب. ولهم عذاب باق إذا هذا العذاب في الدنيا والعذاب الأليم في الآخرة، هؤلاء الناس الذين ينسبون الفضل لأنفسهم، هؤلاء الناس الذين لا يجعلون الله في
حياتهم، رفعوا الله من حياتهم، لم تبق هناك كلمة الله، فيرى لنفسه حولا وقوة ويرى لنفسه فعلا، فيقع في الكذب وينسب لنفسه المنة والفضل والخلق. الإلهي وتراه دائما يريد أن يعظم شأنه ويعظم ذاته، ما يوجد الله، فما يوجد الحمد لله، ما يوجد الحمد لله، إذن ما يوجد توكلت على الله، ما يوجد
توكلت على الله، إذن ما يوجد لا حول ولا قوة إلا بالله، فلما يقع في المصيبة لا يعرف كيف يقول إنا لله إليه راجعون لا يعرف ما هو فيه لأنه غير معتاد عندما يقع في المصيبة لا يعرف أن يقول حسبنا الله ونعم الوكيل سيؤتينا الله من فضله ورسوله لا يعرف ما هي بعيدة عن عقله ما رأيك أنه في عذاب بهذا الشكل هو في جهنم في الدنيا تخيل أنه لا يوجد شيء يتمسك به عند الألم، يا رب خفف عني هذا، يا رب هذه جميلة جدا، هذه محاسبتنا الله ونعمل وهكذا، هذه تريح الإنسان، تصور أن أخانا هذا منهار أو سينهار، هذا هو العذاب
فهو ليس بعيدا في الدنيا عن العذاب لأنه بعيد عن الله، أزال ربنا من عقله من نفسه قلبه من حياته فلم يبق له إلا العذاب مع نفسه هكذا قابلنا كثيرا من هؤلاء الناس وتكلمنا معهم عن الله فقالوا شيئا غريبا جدا أنت كلما تكلمت معي عن ربنا الذي تتحدث عنه هذا كلما أشعر وكأنني مجروح وتبرد جرحي وعندما أمضي وأذهب إلى البيت أفكر فلماذا لا ما دامت هذه الحاجة حلوة فسأفعلها لأن
فيها مصلحتي وليس لأن الله موجود حقا، وليس لأن الله مستحق للحمد حقا، وليس لأن الله فعلا هو حسبنا وكفايتنا، بل إنما شيء يريحني هكذا ومنور هكذا، فأجد نفسي غير قادر، انظر إلى الكلام قلت له غير قادر كيف، قال أنا في جهنم التي تتحدثون عنها هذه ولا أستطيع الخروج منها، لا أستطيع، لست أريد. فتذكروا قوله تعالى "واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه". تخيلوا أنكم تريدون الإيمان ولا تعرفون! لا،
هذا خبر عظيم، نحن في نعمة يا أولاد. أي عذاب هذا؟ إنه يضع روحه في النار والباب مفتوح وأنا أقول له تعال اصعد فيقول لي لست قادرا، فأقول له أفأنت مسرور؟ قال لا، إنني أتعذب، فأقول له اصعد، فيقول أنا لست قادرا، أو هذا هو أن كائنا تعتقد أنه يقدر أن يفوز بالنجاة بمفازة من العذاب هذا لن يعرف أن يبتعد عن العذاب بإرادته وبخلاف ما يمليه عقله يقول له: حسنا، أليست هذه شيئا جميلا؟
ألا تأتي لنفعلها؟ لا أدري، ويبقى هكذا في العذاب. وبعد ذلك هذا العذاب في الحقيقة ليس طيبا ولا جميلا ولا سهلا، إنه أليم، أي مؤلم. أليم على وزن فعيل، أي اسم فاعل واسم مفعول، عذاب يسبب الألم وعذاب آت من الألم، أي حرق في الجلد مثلا وهذا الحرق يسبب عذابا، ففي عذاب يسبب الألم والألم يسبب عذابا، فيكون العذاب محيطا به، هذا هو العذاب الأليم.
قال ماذا؟ انظر ليس مؤلما فحسب، مؤلم يكون في اتجاه واحد فقط، لا بل هو فاعل ومفعول، والفاعل والمفعول معناهما ماذا؟ عمل دائرة، فيكون هو داخل هذه الدنيا وعذاب الآخرة محيط بهم ولزومه ما كل هذا الكفر بالله غير راض أن يصدق الحقيقة الكبرى التي تظهر لكل أحد حتى بفطرته ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير انظر إلى الآية هذه جاءت بعد الآية هذه يعني أنت والسماوات
والأرض ومن فيهن ملك الله سبحانه وتعالى قادر على كل شيء فقادر على هدايتك وقادر على أن يتركك في ضلالك بعد أن أنكرت وجوده ولم تؤمن به وقادر على أن يخفف العذاب وقادر على أن يستمر العذاب فيجب أن تحبه وتخافه معا حسنا عندما تحبه وتخافه من أين تبدأ بالحب أم بالخوف قال لك اقرأ إذن الكلام قال لك بسم الله الرحمن الرحيم لأنه عندما تتأمل في هذا الكلام قد تخاف أكثر من اللازم وهو لا يريدك أن تخاف أكثر من اللازم ولا يريدك أيضا أن تتهاون
أكثر من اللازم يريدك أن تسير على الصراط المستقيم الذي تدعو ربك في كل فاتحة وأنت تقرؤها اهدنا الصراط الطريق المستقيم لا أريدك أن تخاف كثيرا بحيث تقول يا أخي أنا لا شأن لي، أنا سأترك الدنيا وما فيها جميعا، ولا أريدك أن تفسد في الأرض وتخرب فيها، أريدك هكذا إنسانا تعبد ربك وتعمر كونك وتزكي نفسك، ولله ملك السماوات والأرض والله على كل شيء قدير، وإلى لقاء آخر. نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته