سورة آل عمران | حـ 553 | 196-197 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة آل عمران يقول ربنا سبحانه وتعالى "لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد"، وهذه الآية نزلت في أيام النبي أم نزلت دائما، إنها نازلة دائما. إلى يوم الدين والمخاطب بها هنا هو النبي أم كل الناس، لا بل كل الناس وإلى يوم الدين. إذن هي ترسم مبدأ عاما باقيا إلى يوم الدين، انتبه ولا تحصر
القرآن في سيدنا النبي لأنه إنما هو منذر مبشر مبلغ عن ربه رسول، والكتاب هدى للمتقين. فعندما تأتي لتقرأ تقرأ باعتبار أن هذه الكلمة موجهة إليك أنت فالله يقول لك ماذا إذن أنت بالذات أنت مع نفسك هكذا لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد والله وهو في كل عصر وفي كل مصر سنجد في الذين كفروا وسنجد أنهم يدعون إلى الشر نعم طبعا ما هو الدعوة إلى الشر لا تنتهي
والذي يظن أن الأطفال الإرهابيين يعتقدون أننا في عصور مظلمة لم يمر بها العالم الإسلامي من قبل، هذه الآية ترد عليه، من الذي قال لك هذا، طوال العمر الحياة فيها الخير وفيها الشر وطوال العمر الحياة في وقت معين يتسلط الشر وطوال العمر الحياة يغلب فيها الخير في النهاية، فإذا كان هذا أمرا ليس من طبيعة عصرنا هذا، فهو دائما مستمر، فيقول لك: أنت أيها المؤمن أيها المسلم، لكي يطمئن قلبك، لا تفتتن بالدعوة إلى
الشرع حتى لو غلب في بعض الأحيان، والنبي صلى الله عليه وسلم يوضح ذلك أوضح بيان. ويقول لا يكون أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت ولكن وطنوا أنفسكم إن أحسنوا فأحسنوا وإن أساءوا فلا تظلموا احذروا أن تظلموا أنفسكم ولا تظلموا الآخرين وإلا فماذا لا بل كونوا عادلين ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم
تذكرون لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد، لا تكن ممن معهم، فلنفترض أن كثر الشر، لا تكن ممن معهم، افترض أنك وحدك والباقون شر، لا تكن ممن معهم، والنبي صلى الله عليه وسلم يصور ذلك فيقول يأتي النبي يوم القيامة وليس معه سوى الرهط تسعة أشخاص والباقي لم يؤمنوا به ويأتي النبي من هؤلاء أي نبي من الأنبياء وليس معه إلا ثلاثة ويأتي النبي وليس معه إلا اثنان ويأتي النبي وليس معه أحد حسنا وكان النبي هذا الذي جاء وليس معه أحد خاطئ لا بل هم الذين يخطئون فالصحيح
صحيح والخطأ خطأ ولكن كثرة الخبيث لا تغرنا طيب هيا لنقم ونكسره قال لي لا متاع قليل انظر كيف متاع قليل في الكمية متاع قليل في الزمن متاع قليل يعني اهدأ طيب كل هذا الشر ماذا نفعل فيه قالوا أنت اهدأ متاع قليل وبعد ذلك نكسرهم فقال لا ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد الله يعني هؤلاء سيظلون هكذا حتى يموتوا أجل وأنت جالس صامت هكذا
ما قال لي أن أفعل شيئا هنا قال لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد فيكون الرضا والتسليم مع الإنكار ما هو عليه الكفر كفر والفسق فسق والمعصية معصية إنما فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون بيت النبوة ويعقوب وأولاده كذبوا عليه وهو يعرفهم مكذبين وغير راضين أن يعترفوا كل هذا الزمن والرجل حزين ويبكي حتى ابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم
وكذلك غير راضين أن يقروا ولا يعترفوا ذهب إلى أين ووضعه أين لا إله إلا الله هذا عاش معهم وأكلهم ما طردهم ما قام فذبحهم وبعد ذلك قال له فصبر جميل والله المستعان فربنا في النهاية مكن يوسف في الأرض وجعله يأتي بهم وكذلك إلى آخره والقصة نعرفها يبقى لازم نتوكل هنا على الله متاع قليل ثم المهم وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته