سورة البقرة | حـ 101 | آية 83 : 84 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى ومع سورة البقرة حيث أخذ الله سبحانه وتعالى ميثاق بني إسرائيل وعرفنا أنه أمرهم بالتوحيد وببر الوالدين وبصلة الأرحام وبالاهتمام بالتكافل الاجتماعي في صورة اليتامى وفي صورة المساكين وفي صورة شيوع الثقافة العامة التي يكون فيها الاحترام والقول الحسن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس وقول للناس حسنا والعبادة وإعلاء شأنها من
إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، مع كل هذا يستمر ربنا سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ليبين لنا مضمون ذلك الميثاق بعد أن نبهنا أن قليلا منهم التزم وأن كثيرا منهم فاسقون قال تعالى وإذ أخذنا ميثاقكم مرة ثانية تنبيها وإعلاء لذلك المضمون لا تسفكوا دماءكم القتل الذي نبه عليه ربنا سبحانه وتعالى واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل
من الآخر قال لأقتلنك فبدأ إذن الفساد وبعد ذلك بعدما اقصص علينا القصص قال من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا لا تسفكوا دماءكم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة فيقول ما أشد حرمتك عند الله أنت حرمتك كم عظيمة عند الله، من أين جئنا بهذا؟ جئنا به من الفتحة. ما أشد حرمتك! حرمة عظيمة!
هذه الفتحة معناها هكذا عند العرب لأنه أسلوب تعجب، وأسلوب التعجب ينصب ما بعد "أشد". إذن "ما أشد حرمتك عند الله" وليس "ما أشد حرمتك عند الله" لو كانت ما أشد حرمتك فيبقى يسأل أنت حرمتك كم ما أشد حرمتك فيبقى يتعجب ويقول يا قوم هكذا من أين جئت يا قوم يا قوم جئت من الفاتحة وأنت تفسر هكذا عندك في عقلك وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم قال ما أشد حرمتك على الله ودم امرئ مسلم أشد عند الله حرمة منك فقال
الإنسان بنيان الرب وملعون من هدم بنيان الرب ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم قضية القتل مرتبطة بقضية الأوطان الوطن والله سبحانه وتعالى أقر الأوطان وأقر حب الأوطان وجعل مفارقة الأوطان نوعا من أنواع الألم الذي يعتري الإنسان فآمن له لوط وقال سيدنا إبراهيم إني مهاجر إلى ربي سيهديني إني مهاجر ترك الأوطان قائلها وهو ليس في طبيعته ما هو أي برغبته، والنبي
عليه الصلاة والسلام لما ترك مكة نظر إليها وقال ألا إنك أحب أرض الله إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت ليس بإرادته صلى الله عليه وسلم فالنبي عليه الصلاة والسلام كان يحب الأوطان ولما رجع فاتحا إلى مكة خافت الأنصار أن يبقى بها وقالوا وجد أهله وعشيرته وأرضه أرضه يعني وطنه فسمع النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال لهم ألا تحبون أن يذهب الناس بالغنائم وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان فرجع إلى المدينة
المنورة الطيبة ودفن بها صلى الله عليه وسلم فاستنرتم به إلى يوم القيامة لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم لم يطيعوا لا هذا ولا ذاك وكانوا العصابات التي تقتنص الناس تقتنص الناس يعني بالقصد بالترتيب هناك فرق بين القتل والقتال القتل حرام نهانا الله عنه القتال هذا شرف قالوا ما الفرق بين القتل والقتال
ما هو هذا من قتله وهذا من قتله، القتال لا يكون الهدف فيه أن تقتل الناس وإنما يكون الهدف فيه كسر شوكة العدو. قال له ما هو كسر شوكة العدو هذا؟ قال تحطيم سلاحه، وإرباكه، وحمله على ما تريد، وفي الطريق قد يحدث قتل فيكون قتلا في القتال يكون مباحا أما القتل فهو سفك دم وهو حرام لكن القتال هو جيش أمام جيش يضغط عليه ولا يقتله بل
يرغمه ويكسر شوكته ويحطم سلاحه ويجعله يتقهقر قليلا في الأرض ويفسد نظمه ويحمله حملا على أن يكون معه فهناك فرق كبير بين القتل والقتال ولذلك نحن قلنا للناس لخلق الله يا إخواننا أنتم تريدون أن تختزلوا الجهاد في القتال والنبي وسعه وقال رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ألا وهو جهاد النفس وربنا وسع فقال وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا
شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله ما ليس فيها قتال إذا اختزلتم الإسلام في الجهاد وكان الجهاد فقط هو الذي نزل به الإسلام واختزلتم الجهاد في القتال واختزلتم القتال في القتل وهو ضد هذه الاختزالات التي يقوم بها بعض المسلمين من أجل قهر في القلوب لأوضاع غير سليمة لم يأمر بها الله، ولذلك نحن ندعو المسلمين إلى أن يرجعوا مرة أخرى إلى الدعوة إلى كلمة الله. هذا هو الكلام الجميل الذي منه الجهاد جزء من الأجزاء التي القتال
جزء من الجهاد الذي القتل عارض من عوارضه ذلك القتال لا يقصد لذاته، لا تسفكوا دماءكم ولا تخرجوا أنفسكم من دياركم، وما زالوا إلى الآن يقتلون الناس ويخرجون الناس من ديارهم، ثم أقررتم وأنتم تشهدون عن عمد وعن قصد وترصد، وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله