سورة البقرة | حـ 104 | آية 89 : 90 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ  104 | آية 89 : 90 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة وما زلنا نقص ما قصه الله علينا لنتعلم منه إلى يوم القيامة في حال بني إسرائيل مع موسى وما فعلوه من خير أو من شر وما فعله الله سبحانه وتعالى بهم من آيات ومعجزات وكرم ومنن فإننا نتعلم من كل ذلك لأنه وإن كان قد ورد في بني إسرائيل إلا أنه خاطب الله به العالمين إلى يوم الدين لأن هذا الكتاب نزل للعالمين إلى يوم الدين قال تعالى وقد وقفنا عندها بعد ما قال ولما جاءهم كتاب
من عند الله مصدق لما معهم، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به تعصبا وغيرة. وذكرنا من قبل قصة صفية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها عندما أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت قد أسلمت من قبل وهي صغيرة حيث سمعت أبوها وعمها يذكران أنه هو صلى الله عليه وآله وسلم أي هذا الذي يرونه إنما هو الذي ورد في الكتب السابقة التي يعلمونها والتي يعرفونها كما يعرفون أبناءهم بل أشد فأسلمت أو كتمت في قلبها الإسلام والتصديق
قال تعالى بعد ذلك بئسما اشتروا به أنفسهم بئسما يقولون وهذه أفعال الذم وأفعال المدح نعم وبئس ونعم وبئس هذه تعني كأنه يمدح مدحا شديدا عندما يقول نعم الرجل أنت أو يذم ذما شديدا عندما يقول بئس أخو العشيرة فما معنى بئس أخو العشيرة؟ يعني أنت أسوأ واحد فيهم فبئسما أول معي هكذا تتصدر ببئسما فيكون معناها أن الله قد غضب فيكون الذي فعلوا هذا الأمر الذي هو من موجبات غضب
الله، فهل نفعله نحن أم لا نفعله؟ نعوذ بالله من غضب الله، إننا نريد أن نهرب من غضب الله. بئسما اشتروا به أنفسهم، يعني أنهم باعوا أنفسهم بماذا؟ بشيء من غضب الله، فهل هذا البيع والشراء حسن أم قبيح؟ إنه قبيح، فلنبق بالبساطة هكذا هو سيء، فماذا فعلوا إن كفروا بما أنزل الله؟ إن الكفر بما أنزل الله مصيبة توجب غضب الله، فيجب أيها الناس ألا تكفروا، والكفر معناه الستر، والستر هنا
معناه أن تجعلوا بينكم وبين أوامر الله ونواهيه وأخباره حجابا فلا تصدقوه ولا تعملوا به، هذا هو الكفر ففي كفر اعتقاد وفي كفر عمل، أن يكفروا بما أنزل الله، هذا الجزء وحده يوجب غضب الله. فهل غضب الله هذا على درجة واحدة أم له درجات؟ لا، بل له درجات، والكفر هذا وإن كان كفرا والكفر ملة واحدة، لكن هو على أنواع وعلى درجات أيضا الدرجات وكل المعاصي على درجات، عندما يسرق أحد تصبح مصيبة،
لو سرق شخص فقير تصبح مصيبة زائد مصيبة أي مصيبتان، عندما يكون هذا الفقير ابن عمه فهذه تصبح ثلاث مصائب أي أن اللصوص منهم لصوص يقول لك والله أنت ستسرق ابن حيك اذهب اسرق في حي آخر طالما أن هذا حرام وهذا حرام ولكن يعني يستكثر أن يضيف إلى السرقة قطيعة الجوار يستكثرها على نفسه أو أن يضيف إلى السرقة قطيعة الرحم أو أن يضيف إلى السرقة القسوة أتنتبه ولكن كله حرام وإنما هو درجات فلو كان جارك فلو كان وكلما قليلا هكذا تجد إن الذنب فلو كان هذا في بيت الله الحرام، فلو
كان هذا في وقت الحج مثلا أو في أشهر الحرم، كلما ازداد الأمر سوءا وهكذا، فالمعصية على درجات وإنما لا تخرج هذه الدرجات عن كونها معصية ويعاقب عليها، فالكفر كذلك على درجات فهم كفروا أنكروا ووضعوا حجابا بينهم وبين ما أنزل الله ولم يصدقوه وكان جديرا بهم أن يصدقوه إنما انظر إلى المصيبة الأخرى إذن ما سبب كفرهم قوم يقولون لك سبب كفر يا أخي أنا لست مقتنعا والله يعني هو كافر نعم ولكن يعني عقله لا يقبل فيكون هذا كفر درجة أولى يعني كفر
هكذا إنما هذا لماذا إذن أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، هذا ليس لأنه غير مؤمن أو لأنه سمع كلاما لم يبلغ قلبه أو عقله فقال والله إنني لست مؤمن بهذه الحكاية، لا هذا كفر زائد اعتراض والاعتراض هذه المرة على شخص صاحبه لا بل على نبيه مثل ما اعترضوا عليه هكذا هو وأتعبوه، ألا ما هو يعترض على من؟ على رب العالمين، أرأيت الغباوة؟ يصبح كفرا وغباوة، كفر إنكار وغباوة، لأنه يعترض على رب العالمين فيصبح هذا كأنه عرف
الحق وحاد عنه فهو من المغضوب عليهم في غضب، عرف الحق، كيف أعرف الحق؟ هذا يقول له ماذا يقول له إذن يا ربنا ألا تنزل الوحي والاصطفاء ما الذي على هذا يعني ماذا يعني أنت تعرف أن هذا هو الذي اصطفاه الله ما هو لا يأتي الاعتراض إلا هكذا أنت الله اصطفيت هذا رقم واحد فليصدق أن الله اصطفى تنزل على هذا فما أنت كنت تؤمن بأن الله يعني أنت صدقت أن ربنا أنزل الاصطفاء على هذا واصطفاه واجتباه وجعله نبيا وبعد ذلك لا يعجبك فيكون قد انضم إلى الكفر غباوة ألا
يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير يعلم من خلق فباؤوا بغضب على غضب انظر كيف الغضب المركب هذا الغضب مثل الدرجات على غضب لماذا لأنه ليس كفرا، ولكن الكفر فقط هذا يأتي مع واحد غير مقتنع، تقول له حسنا أنا في حرية فكر عندنا، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، أنا أعني هل سنكره الناس أن يكونوا أعني مؤمنين، ما هو لن ينفع سنحولهم إلى منافقين، تعالوا نفعل ماذا انتهى لكم ولكن دينك قناعتك كذلك ولكن هذا ضم إلى الكفر الغباوة التي تتمثل في الاعتراض على الله بعد التأكد من صحة ما هنالك فيبقى الغضب الأول
على الكفر والغضب الثاني على الغباوة فباؤوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين الغضب على الغضب هذا في الدنيا كذلك وفي الآخرة يؤدي الغضب إلى عذاب مهين، حسنا ولماذا مهين؟ قال لأنه أهان عقله في الدنيا ولم يفكر التفكير المستقيم، إذن بماذا فكر؟ قال فكر برغباته بآماله بتعصبه بشهواته ولم يفكر بعقله، لم يستطع أن يحرر نفسه من أجل أن يفكر التفكير
المستقيم، والتفكير المستقيم هذا متى ينغلق بمثل هذه الأشياء؟ أفرأيت الذي أتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم أرأيت الذي اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة إلى آخره أشياء تقفل على الإنسان الهوى والشهوات والرغبات والتعصبات قالوا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون يبقى أعمى وهكذا وكل ذلك يحول بين المرء وبين عقله فيهين المرء عقله فيهينه الله
بعذاب مماثل وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته