سورة البقرة | حـ 107 | آية 92 : 93 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع سورة البقرة مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي قصة بني إسرائيل قال تعالى: "ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون" وعرفنا أن الفاعل لا يوصف بالفعل إلا إذا كان قد أتى قاصدا عالما مختارا وأن كلمة ثم وهي للترتيب مع التراخي والتراخي معناه أن هناك زمنا قد مضى بين الأمرين بين ما قبلها وما بعدها وأن هذا التراخي يؤكد القصد والعلم والاختيار إذ
اتخاذهم للعجل كان عن قصد وعلم واختيار أما العلم فقد تبين لهم من البينات أن الله واحد أحد فرد صمد وأنه لا يجوز لهم أن يتخذوا العجل كما اتخذته أمم سابقة ولذلك استحقوا العقاب والوصف بأنهم قد ظلموا فعلا لأن هذا الفعل لم يأت منهم جهلا ولم يكرههم عليه أحد بل إن هارون قد أخبرهم بأن هذا الفعل فعل قبيح وأنه لا يجوز لهم أن يفعلوا هذا إلى آخره إذا هؤلاء الناس بكلمات ثم عرفنا حالهم يقول ربنا
سبحانه وتعالى وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا هي قصة اتخاذ العجل ما الدافع النفسي الذي هم يريدون فيه أن يتخذوا العجل فتكون هذه أبحاث نفسية إذن أنت الآن تعبد ربنا ورب أحدهم يريد أن يتخذ العجل لماذا؟ قال لأن الشعور الوثني غير مكتف بأن يعبد إلها لا يراه، الشعور الوثني هكذا أساسا فيريد شيئا يراه وهذا الشيء يكون
أمامه يحتضنه ويقول يا حبيبي يا رب من شدة حبه أي في الإله أنا أحبك ها هو يا ربنا ويحتضنه هكذا ويداعبه جل جلاله وما قدر الله حق قدره، مفهومهم يريد أن يجعل الله سبحانه وتعالى كالكائنات، فموسى يخرجهم من الحالة هذه ويحرر عقولهم من المادة إلى المجرد المطلق ويقول لهم لا، هذا رب العالمين أعظم من ذلك بكثير وإياكم أن تختزلوه في شيء وثن وتفعلوا ذلك، ومن رحمة الله
بهم ما هذا الشعور يطمئن قلبي فربنا يطمئن قلوبنا بأمور أخرى أنزل الله بها سلطانا فيرسل لنا نبيا موحى إليه فإذا كنا نريد أن نحتضنه نحتضن النبي وإذا كنا نريد أن نتبرك فنتبرك بالنبي ويجعل لنا مقدسات من ضمنها الكعبة ومن ضمنها المصحف فالنبي والصحابة يحلق شعره فيأتون مسرعين على هذا الشعر هو لكي يأخذوه بعضهم وضعه في كفنه بعضهم وضعوه حتى وصل إلينا شعر حتى الآن من شعر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تتبرك به الأمة عندما يذهبون إلى الكعبة هكذا هم قوم يمسكون بالستار
ويبكون ويقبلون الحجر الأسود وتجد الناس تتقاتل عليه هكذا هو صف واحد لماذا هو يريد أن يفعل شيئا فربنا أعطانا أشياء نتسلى بها هكذا هو عن الشوق الزائد هذا الذي قد يوصل بنا إلى الخطأ ما هو كل شيء عندما يزيد عن حده ينقلب إلى ضده فأنت تريد شيئا تتمسك به قال لك حسنا أنا سأقدس لك مكانا يستجاب فيه سأقدس لك شيئا ولذلك تجد المسلمين عندما يمسكون المصحف يقبلونه ويضعونه على رؤوسهم لأننا نحبه ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك إنه حبه ليروا سيدنا رسول الله ووفد عبد القيس دخل على رسول الله فأول ما رأى النور المحمدي هكذا ذهب فقبل يده ورجليه وكان النبي
صلى الله عليه وسلم عند رجل يدعى زاهر، وكان زاهر هذا يأتي له بالأشياء الطريفة التي يجدها في الصحراء عنده في البادية، زهرة ملونة مصنوعة هكذا، فيأتي بها إلى النبي ويقول له أي تحف هكذا، نبات غريب، ثمرة غريبة، فيأتي هكذا ويقول النبي: زاهر باديتنا ونحن حاضرته، وكان النبي أحيانا يضع أشياء هكذا في الجانب يقول هذه لزاهر فلما يأتي يعطيها له هدية فالنبي خارج من المسجد وجد زاهرا واقفا يبيع ويشتري في السوق فكان يأخذه في حضنه ويقول من يشتري العبد هذا من يشتري العبد هذا يمزح معه
فزاهر يحك ظهره في صدر رسول الله هكذا هو عليه الصلاة والسلام يحبه سواد يقف فيسوي الصف ويقول احذروا يا حراس مثل احذروا في انتباه عندنا هكذا يا حراس ويقف في الصفوف ومعه سيف طويل هكذا هذا السيف مقاتل فذهب وطعنه في كتفه هكذا قال له احذر يا صاحب السيف وقال لهم يا إخواني أي أحد له نحن مقبلون الآن على معركة فأي أحد لكي يأخذها لأنه أنا النبي لا يظلم ولا شيء، قال له أنا يا رسول الله لي مظلمة، ما الخير؟ قال له أنت
أوجعتني بالسواك هذا، كتفي أوجعني، قال له هذا يقال لك إذن كتفك أوجعك كيف؟ قال له طيب يا سواد خذ، وكشف عن بطنه الشريفة، اقتص مني، فنزل سواد يقبل بطنه الشريفة وقال أردت أن يكون آخر العهد بيني وبينك أن يمس جلدي جلدك صلى الله عليه وسلم فالناس يحبون ذلك يحبون شيئا فيه نوع من أنواع البركة والقداسة ولكن لا تجعلوه وثنيا لا تجعلوه وثنيا اجعلوه فيما أذن الله فيه وأنزله فبرحمة ربنا أنه جعلنا نفرق بين هذا فيه الشحنة بدلا من أن يشركوا بالله فعمل لهم ماذا عمل لهم
أشياء لنفسيتهم المادية هذه فلا تتخذوا العين ونحن وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور والطور هذا جبل في سيناء الدنيا شمس فذهب ونطق الجبل وجعله كالظلة جعلها فوق هكذا معلقة وهذا من المعتاد أن نجد الجبال قد انفصلت هكذا وارتفعت فوق وصنعت لنا مع الشمس ظلا نجلس فيه، لم نر مثل هذا قط. قال أتتصور أنه فعل ذلك لهم، فماذا لو فعل ذلك لهم فماذا يحدث؟ يحدث أنهم يحبون موسى وهارون اللذين يكلمان ربنا، فيصنع لهم
هذه الأشياء ويغنيهم عن ماذا؟ يغنيهم عن أن يعبدوا العجل وأن يتخذوا العجل الذي لم ينزل الله به من سلطان، فجعل هذا في مقابل هذا، والحمد لله أن أمة محمد على ما اختلفت عليه من اختلافات لم يعبد منها أحد محمدا قط، لأن الله يستجيب له الدعاء معجزة له من عنده، ما كان محمد يستطيع أن يتحكم في قلوب الناس عبر القرون. فإنه بشر وانتقل إلى الرفيق الأعلى وإذ بنا لا نجد أحدا في الأرض إلى يومنا هذا وإلى يوم الدين يعبد محمدا مع كثير من تعظيمه وتبجيله وتقديره لماذا؟ قال لأن النبي دعا اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد فما
أحد عبده حتى الآن وما أحد سيعبده أبدا وإلى يوم الدين إذا نحن أمام ظاهرة فريدة تخدمنا في ديننا وهي دائرة القداسة وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته