سورة البقرة | حـ 112 | آية 100 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 112 | آية 100 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى نستهديه
فهو هدى للمتقين وفي سورة البقرة وفي قصة بني إسرائيل يقول ربنا سبحانه وتعالى ويعلمنا في الوقت نفسه فليس القرآن كتاب تاريخ وإنما هو كتاب هداية وكلما قص علينا علينا القصص عن السابقين فإنها تبني شخصيتنا وتأمرنا وتهدينا حتى نسير على منهج الله سبحانه وتعالى أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم وهذه صياغة تدل على أن الله سبحانه وتعالى لا يحب هذا الصنف من الناس أن تعاهد الله سبحانه وتعالى عهدا ثم
ترجع فيه يعلمنا مرة بعد مرة الإنصاف وأن التعميم من اضطراب الذهن ومما يعكر على الإنسان تفكيره المستقيم أو كلما عاهدوا عهدا نقضوه بالإجماع هكذا؟ لا، بعضهم نقضه وبعضهم لم ينقضه، نقضه فريق منهم فإذن لا تعامل الآخر معاملة فريق واحد، بل منهم من يسارع في الخيرات ومنهم من يحقد عليك ومنهم من يدبر لك ومنهم من يجهلك ومنهم من يعصي الله ومنهم من يريد طاعته، هذا هو الإنصاف، ولأجل ذلك لا تبادر لمعاملة الآخر
معاملة واحدة دائما في كلام الله سبحانه وتعالى يعلمنا الإنصاف، كلما تأتي للتكرار يقول لك يجوز للرجل أن يعطي زوجته حق التطليق، يمكن للرجل أن يعطي زوجته حق التطليق فإذا قال لها طلقي نفسك متى شئت فإن متى للزمان فتطلق نفسها في أي وقت شاءت بخلاف ما لو قال لها طلقي نفسك الآن فإنه قد قيد هذا بالحاضر الآن الحين ولذلك لو أنها تراخت فلم
تطلق نفسها إلى غد فإن التفويض قد انتهى لأننا خرجنا من ذلك المجلس لو قمنا ومشينا وكل واحد ذهب لحاله لا يقع الطلاق لماذا ولا يكون لها حق التطليق تتصل به بعد ساعتين هكذا وتقول له أنا طلقت نفسي لا فهذا لا يصح لأن التفويض قد انتهى لأنه كان مقيدا بالآنية فلو قال لها طلقي نفسك متى شئت تطلق نفسها في أي وقت كان، غدا الشهر القادم السنة القادمة مرة واحدة فمتى تطلق نفسها مرة واحدة رجعية التي يسير عليها المصريون هكذا أنها طلقة واحدة رجعية يعني يمكن بعد أن تطلق نفسها يقول لها فلأرجعك إلى ذمتي وعصمتي وبهذا
يكون قد انتهت طلقة من الطلقات الثلاث التي هي رصيد ما بين الرجل والمرأة في الزواج، فإن قال لها طلقي نفسك كلما شئت، كلما غير متى، كلما يعني تطلق نفسها مرة، فإن أرجعها طلقت نفسها مرة ثانية، فإن أرجعها طلقت نفسها مرة ثالثة، لماذا قال هذا؟ لأنه قال "كلما" و"كلما" تفيد التكرار، لا تقل "التكرار" بل قل "التكرار" بالفتح هكذا لأن ما كان على وزن تفعال فهو بالفتح إلا اثنين فقط تلقاء مدين وتبيانا لكل شيء والاثنان موجودان في القرآن أما غير ذلك فتفعال تذكار
تسيار كل هذا تكرار كله يكون ماذا مفتوحا ما دام مصدرا وعلى وزن ماذا تفعال حسنا ولو كان اسما قال هل يوجد فرق بين الاسم والمصدر قال نعم هذا الاسم يشبه التمساح، يوجد حيوان يسمى التمساح، فتكون بالكسر، التمثال، نعم يوجد شيء يسمى التمثال مثل الصنم هكذا، التمثال، فهذه الأسماء شيء آخر لا علاقة لنا بها، نحن نتحدث عن المصادر: تكرار، تسيار، تذكار بالفتح هكذا، فماذا نستفيد من هذا الكلام، إنه كلما عاهد ربه نقضه، يعاهد فينقضه، التكرار أو كلما عاهدوا عهدا عاهدوا
عهدا، كلمة عاهدوا عهدا هذا ما نسميه، نسمي عهدا هذا مفعولا مطلقا، تكلموا تكليما، أكلوا أكلا، شربوا شربا، فيكون من جنس الفعل نفسه، جلس جلوسا ونام، ونعلم أن قاعد يعني جالس وجالس يعني قاعد، فهنا أيضًا مفعول مطلق وما فائدته؟ هذا المفعول المطلق قال إنه للتأكيد. من أين يأتي التأكيد؟ التأكيد: كلما ترى مفعولا مطلقا تفهم فورا أن الله أراد التأكيد. من أين يأتي؟ قال إن أصل الفعل كل فعل فيه حدث
فيه مصدر والمفعول مصدر فكأنه كرر المصدر مرتين مرةً داخل الفعل ومرةً بمفرده عاهدوا عاهدوا هذه ما بداخلها؟ العهد، عهدا عهدا هذه ما بداخلها؟ العهد أيضا إذن كأنه قال عملوا عهدا عهدا طيب ولماذا كررها قال لبيان أن ذلك كان على الحقيقة إذاً المفعول المطلق يأتي في اللغة العربية لكي يبين لك أن هذا حقيقة ليس مجازا هكذا حقيقة أي فعلا قاموا بالعهد على سبيل الحقيقة وفعلا نقضوه على سبيل الحقيقة وليس على سبيل المجاز أو أنه يعني التقصير في
شيء قصروا في بعض العهد أبدا بل نقضوه نقضوه وهم متذكرينه وهم عارفون ومتذكرون وفاهمون وخارجون بمذهبهم من العهد أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم نبذه منهم بل أكثرهم لا يؤمنون، بل هذه يقولون عليها للإضراب يعني يقول لك هذا على فكرة ليس لأنهم مؤمنون فعلوا كذلك، هذا لأنهم غير مؤمنين أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم، فواحد يقول له أو ذلك من الإيمان قال له لا بل أكثرهم لا يؤمنون، كأنه هنا إجابة عن سؤال يسأل هل هذا
من الإيمان، فهو يريد أن يعرف إذا كان نقض العهد هذا يصلح معه إيمان أم لا؟ قال له لا، ولكن لم يذكر هنا كلمة لا، فأين ذكرها إذن؟ في بل، بل تضرب على ما قبلها، بل أكثرهم لا يؤمنون، إنصاف مرة أخرى، قال أكثرهم، ولم يقل كلهم، بل أكثرهم لا يؤمنون فمن هنا تتعلم الإنصاف وتتعلم أنك لا تنقض عهد الله. ومن الصور البسيطة لعهد -النذر، هذا صورة بسيطة لعهد الله. فإن لم أستطع أن أوفي بالنذر، قال فعليك أن تكفر عن ذلك بكفارة يمين. تكفر عندما نذرت لله
أن أذبح خروفا. وبعد ذلك لم أعرف ولم أستطع ولم يكن معي المال الذي أذبح به الخروف، فقال يجب عليك أن تطعم عشرة مساكين أو تكسوهم أو تصوم ثلاثة أيام إذا لم تجد إطعام العشرة مساكين. لماذا؟ قال لأن هذا كفارة اليمين. قال لماذا؟ قال لأن النذر في قوة اليمين كأنك حلفت، أنت لم تحلف ولكنك قلت نذرتُ لله أن أذبح خروفا كأنك قلت والله لأذبحن خروفا هي كذلك، ولذلك النذر في قوة اليمين وهو أبسط صور العهد وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته