سورة البقرة | حـ 114 | آية 102 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سورة البقرة وهو يقص علينا شأن بني إسرائيل قال تعالى واتبعوا ما تتلو الشياطين على
ملك سليمان واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان إذن نحن أمام حالة فريدة يحذرنا الله منها وهي أن الله يأمر والشيطان يأمر والله سبحانه وتعالى يأمر والذين يتبعون الشهوات يأمرون فإذا بالإنسان الذي لا يوفقه الله يتبع ما تتلو الشياطين ولا يتبع ما يتلو الله ولا ما تتلو الأنبياء عن الله ويتبع الذين يتبعون الشهوات ولا يتبع ما أمر الله به وذلك
لأنهم قد قدموا العاجلة وتركوا الآخرة وظنوا أن في تحقيق الرغبات والشهوات راحة وفيها تعب وليس فيها راحة لأن الشهوات لا يمكن أن تقضى ولا أن تنتهي زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآل إذا الإنسان كلما ترك نفسه لشهواته كلما ضاق عليه الحال والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما يريد
الله أن يخفف عنكم يخفف عنكم الله يعني هو في التكليف تخفيف النعم باعتبار المآل والكل فيه تخفيف لأنك لو ركبت الشهوات وجدت نفسك في جهنم والمصيبة أنك في بعض الأحيان لا تستطيع أن تخرج منها، تدمن الشهوات فلا تستطيع أن تخرج منها ولا تستطيع أن تقضي حاجتك منها، وفي هذه الحالة تكون في حالة عجيبة الشكل، حالة إدمان كالمدمن يدمر نفسه، وإذا نظمت تلك الشهوات كما أراد الله سبحانه وتعالى أن تكبح
جماح شهواتك كما أراد الله فإنك حينئذ تجد النور دخل في قلبك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل غض بصره عن محارم الله إلا وجد لذة ذلك في قلبه ما أنا ممكن أن أنظر وأتمادى في هذا النظر أظن أن ذلك يدخل المتعة والسرور في ولكن هذا يغشي علي وعلى قلبي ثم يحدث بعد ذلك حيرة واضطراب وضيق ثم يحدث بعد ذلك معاداة الفطرة ولكن هذا الغضب من البصر وقد
وجدت حلاوته في قلبك بعد ذلك قالوا والله وجدنا حلاوته في قلوبنا لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها يقول لي ديني من أين هذا لأنني أريد ملك قوي يريد هذه الأشياء أن يشتريها حتى بالمال لا ينفع هذا إنك تشتريها بالطاعة إذا كان الاتباع هذا اتباع الشيطان واتباع أهل الهوى واتباع كذا إلى آخره أمر غريب غير منطقي في مقابل اتباع الله ورسوله فبعد أن قص علينا قصتهم في مخالفة منهج الله قال إنهم لم يكونوا على فراغ بل واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ماذا
كانت تتلو الشياطين على ملك سليمان فسرتها العبارة التالية كانوا يتلون كفرا وشركا وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يبقى إذن الذي كانوا يعلمونه ويتلونه كان كفرا من جهة الكفر أين الاستعانة بغير الله إياك نعبد وإياك نستعين لكن اعتقدوا أن غير الله بيده الحول وبيده القوة بيده الضر وبيده النفع بيده الفعل والإحياء والإماتة والرزق والخلق والأمر ليس كذلك فكل ذلك بيد الله لا حول ولا قوة إلا بالله وما
كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا فما كفرهم بالتفصيل يبقى هذا بالإجمال واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان ماذا كانوا يتلون؟ كانوا يتلون الكفر. ما تفصيل ذلك الكفر؟ تفسره العبارة التي بعده: يعلمون الناس السحر. والسحر قوة مؤثرة، يرى أهل السنة أنها تقلب الحقائق حتى إنها وصلت إلى قلب الحقائق. المعتزلة يقولون: لا، هذا تخيل وتوهيم على النظر مع بقاء الحقيقة كما هي. يعني هل السحر يمكن أن يحول الإنسان إلى حمار فقالوا لا إنما
يمكن أن أراه أنا حمارا يعني مثل التنويم المغناطيسي هكذا أو مثل التوهمات يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى لكن هي لا تسعى ولا شيء فأوجس في نفسه خيفة موسى لماذا لأنه تخيل أنها تسعى لكن هي لا تسعى فهذا السحر يقولون عنه أنه لا حقيقة له، أهل السنة يقولون لا حقيقة له، خلاف بين المسلمين يعلمون الناس السحر، كلمة الناس كلمة عامة، إذن هم يعلمون الناس جميعا وليس طائفة معينة، إذن يريدون أن يشيع الفساد في الأرض، طائفة معينة يمكن أن
نقبض عليها وقالوا هكذا أن الساحر يحبس حتى يتوب ونأتي به. نقول له هل ستتوب أم لا؟ فإن قال لا ولم يعد قادرا على التحمل، نضعه في السجن حتى لا يضر الناس ويشوه عليهم أو يعكر عليهم صفو حياتهم. فلنسجنه، فهذا السحر يحتاج إلى أدوات وإلى أشياء وما إلى ذلك، فنرى أن هذا الإنسان يضر الناس فحقه السجن حتى يتوب، ولكن جميع الناس السحر فما معنى ذلك؟ معناه فساد واسع، وما معناه عندنا نحن؟ أن إياك أن تدعو دعوة فساد واسع، وإنك إذا دعوت دعوة
فساد محصور كان عليك ذنب بأن تضل أخاك مثلا أو تقول لصاحبك تعال نرتكب المعصية عليك ذنب، ولكن عندما تمسك ميكروفونا وتدعو الناس إلى الفساد تصبح مصيبتك عظيمة، هناك فرق بين الضلال الخاص الذي عليه ذنب لكن يمكن للإنسان أن يتوب منه، يمكن للإنسان أن يقول له: لا، هذا أنا كنت مخطئا والله يحفظك، يعني أتوب الآن مما نفعله هذا. أصدقاء يسيرون مع بعضهم البعض، والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل. إنما تمسك المكروفون تكتب في الصحافة أو في إعلام منفتح تدعو الناس إلى الشر فهذا ليس صحيحا، فهذا يعلم
الناس السحر والدعوة العامة تنبئ عن حبك لشيوع الفحشاء ولشيوع الفساد في الذين آمنوا والله سبحانه وتعالى ينعى على أولئك الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، يجب علينا أن نجعل هذا من الكبائر في نفوسنا حتى نهتدي بهدي الكتاب وإلى لقاء آخر أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته