سورة البقرة | حـ 115 | آية 102 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى وفي سورة البقرة وهو يقص علينا قصة بني إسرائيل يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو ينعى عليهم فيحذرنا واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا مضمون ذلك الكفر يعلمون الناس السحر هذه واحدة وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت يبقى أيضا هم يعلمون السحر من ناحية
وأيضا يعلمون أشياء خاصة ينبغي ألا تأخذ مأخذ العموم خاطبوا الناس على قدر عقولهم هناك أشياء لا بد أن تكون المعرفة فيها خاصة فإذا شاعت أفسدت من ضمن هذه الأشياء المعلومات العسكرية، والمعلومات العسكرية لا بد أن تكون سرية، والذي يفشي الأسرار العسكرية يكون خائنا لوطنه، ولا يجوز أن نتناول ما يتعلق بالشؤون العسكرية في صحافتنا وإعلامنا فهو محظور، فإذا
فعلنا ذلك كان فسادا كبيرا في الأرض وكان ضياعا من كل جهة، هذه معلومات ينبغي أن تكون مضمونة وينبغي أن تكون مضمونة بها على غير أهلها مضمونة بها على غير أهلها يعني أن المعلومات هذه لا علاقة لها بالدين فالدين عندنا ليس فيه أسرار والدين عندنا يعلمه كل أحد ويستطيع أن يتعلمه كل أحد الأبيض والأسود والرجل والمرأة والكبير والصغير والغني والفقير لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم
عند الله أتقاكم ليس هناك تفرقة عرقية أو جنسية أو طبقية عند المسلمين مفتوح لماذا لأن هذا يتعلق بالدين أما ما كان يتعلق منه بالدنيا فإن بعضه يكون سرا ولا لا بد أن يكون سرا والمثال على ذلك بعض أنواع أصول المعرفة كأن مثلا يكون لديك سر صناعة شيء معين تتقوى به بلادك فلا تبيع هذا السر أو المعلومات العسكرية أو نحو ذلك فأنزل الله سبحانه وتعالى على هاروت وماروت معلومات خاصة
كان ينبغي عليهما ألا يكشفاها وألا يذيعاها وألا إلا أن يشيعوها في أوساط الناس وما يعلمان أحدا حتى يرى الفرق بين هاروت وماروت وبين بني إسرائيل، فهاروت وماروت كانا يعلمان كل واحد على حدة سواء أكان من الخاصة أم من العامة، وعندما يعلمانه يعرفانه أين تكمن علة الاشتباه في تلك المعلومات ومدى خطورة انتشارها، وما يعلمان أحدا حتى فتنة المعلومات هذه فتنة لو شاعت بين الناس
فعرفوها أحدثت بينهم فتنة لماذا؟ لأنهم لا يفهمونها على وجهها، سيفهمها كل واحد طبقا لثقافته طبقا لمعلوماته طبقا لرصيده المعرفي، ومن هنا فإنها ستكون فتنة. فلا تكفر، لا تكفر نعمة الله عليك، ضع العلم في أهله ولا تقلده القردة والخنازير. العلم هذا كالجوهرة لا تضعها في رقبة قرد أو خنزير، ضعها في مكانها وإلا فذلك سفه. وما كانا يعلمان أحدا حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فكانا يعلمان فردا كانا يعلمان
بصورة خاصة وليس بصورة عامة حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فيتعلمون منهما. انظر إذن إلى عكس هذه يعلمها من أجل أن يدرك الواقع من أجل أن يدرك خصائص الأشياء من أجل أن يستخدمها في الخير فإذا به بعد أن عرفها وتعلمها استخدمها في الشر فيتعلمون منهما فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه يقلبون الخصائص بدلا من أن نعمل ما يجمع بين المرء وزوجه لا نعمل تفرق بين المرء
وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله لأن الأمر كله لله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم بالرغم من أن العلم إنما هو لما ينفع ولا يضر فإذا نحن تعلمنا من العلم الذي علمنا الله إياه فاستعملناه في الضار دون النافع نكون قد عكسنا مراد ويكون ذلك من الحرام فربنا علمنا كيف نستخرج الطاقة من الذرة فذهبوا وصنعوا قنبلة ضربوا بها ناجازاكي وهيروشيما وقتلوا بها الخلق في حين أن نفس الطاقة يمكن أن نولد بها الكهرباء ويمكن
أن نشغل بها المصانع ويمكن أن نسير بها القطارات ويمكن أن نستعملها فيما يسمى بالاستعمالات السلمية الاستعمالات السلمية لم تظهر إلا بعد أن تقدمتم في العلم في الضرر دون النفع إلا بعد أن طبقتم العلم فإذا بكم تطبقونه ضارا ولا تطبقونه نافعا إذن فالله يأمرنا هنا ألا نكون أمثالهم وأنه كلما أنعم علينا بشيء من العلم لا نستعمله في الفساد والإفساد ولا الإضرار والضرر وإنما نستعمله فيما ينفع وأن من استعمل العلم في غير ما هو له فقد كفر بما أنزل الله إنما نحن فتنة فلا
تكفر ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ليس له نصيب خلاق يعني نصيب ليس له نصيب في الآخرة طيب هو لماذا نصيب في الدنيا هو بقدر إفساده يعمل هيمنة على الشعوب يعمل تخويف لخلق الله يشوههم بالملايين وبالآلاف يفسد في الأرض ويتجبر آه له نصيب في الدنيا لكن هل له بذلك عند الله شيء في الآخرة وهي الحياة وهي التي فيها الخلود وهي التي هي المراد أبدا يقول تعالى ما له في الآخرة
من خلاق ثم يختم ولبئس ما اشتروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون لو عرفوا ماذا فعلوا بأنفسهم لعرفوا أنهم قد اشتروا الضلالة بالهدى والحياة الدنيا بالآخرة وتركوا الصلاح وفعلوا الفساد وهو يأمرنا ألا نكون كذلك وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته