سورة البقرة | حـ 130 | آية 122 : 123 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اللهم اشرح صدورنا للإسلام واغفر ذنوبنا واستر عيوبنا يا رحمن. مع كتاب الله نعيش هذه اللحظات المعدودة في سورة البقرة حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى وهو يخاطب بني إسرائيل والقصد في ذلك أن يبين. حالهم وأن يأمرنا نحن في أنفسنا بما يوجههم إليه يا بني اسرائيل اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم واني فضلتكم على العالمين والله
قد فضل الأمة المحمدية وجعلها خير امة أخرجت للناس كنتم خير امة أخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم منهم المؤمنون، ها انظر الإنصاف، وأكثرهم الفاسقون. يقول ربنا: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدًا". تفضيل هذا التفضيل له مقتضى الطاعة، والتواضع لله، والتمسك
بالعبادة، وبعمارة الأرض، وبتزكية النفس، وبالقيام بحق الله في كتابه وفي دينه. اللهم بلّغ بنا دينك. يا بني إسرائيل اذكروا. اجعلوا في حاضر ذهنكم لا تهمشوه، لا تجعلوه ثانوياً في حياتكم، اجعلوه في أصل كلامكم. اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين. يعني كلام لبني إسرائيل، والحقيقة لأمتنا. واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً، لا تزر وازرة وزر
أخرى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى، وأن. سعيه سوف يُرى ثم يُجزاه الجزاء الأوفى ولا يُقبل منها عدل، تدفع شيئاً ما لكي يُدخلك الله الجنة. إنك لا تملك شيئاً، فالكفن ليس له جيوب، وحتى لو كان معك شيء فلن يُقبل منك، لأن الله هو الغني. واتقوا يوماً لا تجزي نفس عن نفس شيئاً ولا يُقبل منها عدل. ولا تنفعها شفاعة لأن الشفاعة لا تكون إلا بإذن الله، وفي يوم القيامة يذهب الناس إلى آدم كما في البخاري، ثم إلى نوح، ثم إلى إبراهيم، ثم إلى عيسى، وكل واحد منهم
يقول: نفسي نفسي، ويذكر شيئاً يخجل منه أمام الله سبحانه وتعالى، إلا سيدنا. يرشدهم عيسى مباشرة إلى سيدنا محمد فهذا والخلق إليه، فيشفع بعد أن يسجد تحت العرش ويلهمه الله بمحامد كثيرة لم يلهمها لأحد من قبله حتى يقال له: "يا محمد، ارفع واشفع تُشفَّع، وقل تُسمع". وعندما ذهب الخلق إليه قال: "أنا لها، أنا لها"، صلى الله عليه وآله وسلم. كل
هذا. بإذن الله لا يكون إلا بأمر الله، فالشفاعة حاصلة من سيدنا محمد للخلق أجمعين لأنه سيشفع لهم في مدة يوم القيامة. الناس تعبت فيذهب ويقول: "يا رب، اختصر هذا اليوم"، فينال كل العالم من لدن آدم إلى يوم القيامة، من كفر به ومن أسلم، ومن سبه، صلى الله عليه وسلم. وسلم ومن مدحه من أنزل على الإنترنت سفالات الخلق وأوباشهم ومن لم يفعل، كلهم لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منة في أعناقهم بالشفاعة. قوم
يبقى الواحد مستحييًا منهم في ذلك الوقت، ويرفع الله ذكره. اصبروا فقط، فالحكاية هنا هي أن الدنيا كم هي قصيرة، دقيقتين أو ثلاثة. إنهم يرونه بعيدًا ونراه قريبًا إنما. سيد الخلق يشفع في الناس أجمعين مؤمنهم وكافرهم، وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. كيف ذلك؟ أوليس هو "ولا تنفعها شفاعة" يعني إلا بإذن الله "ولا هم ينصرون"؟ ليس هناك نصرة حينئذ إلا من الله، لا توجد شفاعة ذاتية يستطيع الإنسان أن يتشفع بها من نسب
أو سبب، وليس هناك نصرة. ذاتية إلا بإذن الله من ينصر الله، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. لا بد النصر من الله ولكن لمن؟ لمن؟ نره. يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين، أي عالمي زمنهم، واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا. تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون. فاللهم يا ربنا، شفِّع فينا نبينا وأذن
له بذلك، واحشرنا تحت لوائه يوم القيامة، واسقنا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبداً، ثم أدخلنا الجنة من غير حساب ولا سابقة عقاب ولا عتاب، نوِّر قلوبنا، واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا يا رحمن، وصلِّ اللهم. على سيدنا محمد وآله، وإلى لقاء آخر، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله.