سورة البقرة | حـ 134 | آية 125 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى نقرأ في سورة البقرة وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي والتطهير هنا قد يكون تطهيرا حسيا من القاذورات والأنجاس وكذلك إلى آخره وقد يكون تطهيرا معنويا من الشرك ومن الوثن ومن عبادة غير الله سبحانه وتعالى وقد يكون تطهيرا دينيا من عدم وقوع المعصية فيه فإن المعصية في هذا البيت كبيرة من الكبائر ويجب على الإنسان أن يتحرز من نفسه لأن
الله سبحانه وتعالى فتح باب الثواب عاليا وجعل الصلاة في البيت الحرام بمائة ألف صلاة فلا تجاهره بالمعصية فإن المعصية في البيت الحرام فيها من قلة الحياء والأدب مع الله ما فيها، فتطهير البيت قد يكون تطهيرا حسيا وقد يكون تطهيرا معنويا وقد يكون تطهيرا دينيا يتعلق بالدين وبفعل الطاعات وترك المنكرات، فأمر سيدنا إبراهيم وعوهد على ذلك بأن يطهر هذا البيت ولأن هذا البيت تكثر فيه الطاعات ويكثر فيه ذكر الله وتقل فيه المعاصي وتقل فيه الغفلة فإنه محل للأنوار
ومهبط لأمور كثيرة من الأسرار والأنوار والأسرار من منن الله سبحانه وتعالى وهي تكون من مكونات الأمن والطمأنينة ألا بذكر الله تطمئن القلوب فتطهير البيت من ذلك كله يتوافق مع أن الله أذن أن يكون هذا البيت أمناً وسلاما ورحمة وطمأنينة للمؤمنين الطائفين الذين يريدون أن يطوفوا، والطواف يطلق على الطواف بالكعبة وهو سبعة أطواف، وتحية البيت الطواف،
تحية المسجد ركعتان، تحية البيت الطواف، يعني عندما تريد أن تحيي البيت لا تحييه بركعتين وإنما تحييه بطواف سبعة أطواف، كلما تدخل البيت يسن لك أن تطوف هذه الطوفات وفي الطوفات تدعو الله سبحانه وتعالى وتسأله والعاكفين المنقطعين للعبادة والانقطاع للعبادة عند المسلمين انقطاع مؤقت ليس هناك انقطاع على الدوام بل يكون انقطاعا مؤقتا يرى الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه لا يلزم فيه الصيام ولذلك يجوز الاعتكاف ولو ساعة ولذلك يسن عنده عندما يمكنك
أن تدخل أي مسجد وتقول نويت الاعتكاف لله رب العالمين فتمكث في المسجد ساعة أو ساعتين وهذا يعد من الاعتكاف، وأنت عندما تدخل البيت الحرام تقول كذلك نويت اعتكافا لله حين تدخل، فإذا جلست أمام الكعبة ساعة أو ساعتين فإن ذلك يحسب لك من قبيل الاعتكاف، وهناك اعتكاف يوم ويومين واعتكاف العشر الأواخر من رمضان واعتكاف أربعين يوما وهكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول من كان في حاجة أخيه كتب له اعتكاف أربعين يوما، هو في الحقيقة الرواية تقول كتب له اعتكاف أربعين، حتى الراوي قال لا أدري يوما أم شهرا أم سنة، فالإنسان له أن يعتكف
خالصا لله أربعين يوما يملأ ويشحن قلبه بأنوارها، ثم بعد ذلك يخالط الحياة كما كان والركع السجود. فلماذا قال للطائفين والعاكفين والركع السجود؟ لماذا لم يقل الركع والسجود؟ قال لك لأنه ليس هناك عبادة عند المسلمين بالركوع فقط مطلقا. هكذا تجد واحدا راكعا فتقول له ماذا تفعل؟ قال لك أنا راكع لله نعم يعني أنت تصلي أم ماذا؟ فيقول لا؛ أنا لا أصلي
فأنا راكع هكذا ليس هناك شيء يسمى هكذا لا يجوز فلماذا لا يجوز أليس الركوع جزءا من الصلاة قال نعم لكن العبادة توقيفية قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير المعاملات معقولة المعنى لكن العبادات العقل الخاص بها أنك تطيع ربنا فربنا قال لك اقرأ قرآنا لا يوجد مانع، اذكر لا يوجد مانع، اسجد للتلاوة مرة للشكر مرة وهكذا، لكن لا يوجد ركوع منفرد، لا بد أن يكون الركوع داخل الصلاة يسبقه تلاوة ويتلوه سجود فهو محصور بين التلاوة والسجود.
قال حسنا وهل يوجد شيء كذلك عند المسلمين قال له السعي بين الصفا والمروة وهو الطواف الثاني يطلق على السعي بين الصفا والمروة أنه طاف بين الصفا والمروة أيضا لأنه ذهب وجاء سبع مرات هل يجوز السعي مطلقا هكذا نحن نقول الآن يجوز الطواف بالبيت كل ما تراه كل ما تدخل الكعبة تطوف سبعة أشواط كلما تدخل الكعبة تطوف سبعة أشواط سنة تحية للمسجد للبيت، فقلت سأذهب لأسعى ما بين الصفا والمروة، فقال لا بد أن يسبقه طواف، لا بد أن يسبقه طواف، فقلت ولكن لم يسبقه طواف، قال لا يصح ذلك كالركوع، فلما رجعوا إلى الكتب القديمة يقولون لك هكذا لا يجوز السعي منفردا كالركوع
يعني ماذا كالركوع يعني كالركوع المفرد ولذلك قال والركع السجود لأن الركوع والسجود يكونان معا في الصلاة يعني حسنا ولماذا لم يقل للطائفين والعاكفين والمصلين قال لأنه يريد هنا في البيت الحرام أن تزيد من الركوع والسجود يعني تركع تطيل الركوع قليلا تسجد تقوم تطيل السجود شيء والركوع عبادة والسجود محل الدعاء واستجابة الله لك والمنة
فأنت إذن تعبد عبادة خالصة لا دعاء فيها ولا طلب فيها لله كده وتسجد وتذكر أيضا في السجود لكن يجوز لك أن تدعو فالنبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا إلى تحري الدعاء في السجود وقال فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لك ولما جاء واحد قال له يا رسول الله ادع لي أن أدخل الجنة قال أعني على نفسك بكثرة السجود فالسجود عبادة والسجود موضع للدعاء أما الركوع فهو عبادة فقط فأكثر من الركوع وأطله وأكثر من السجود وأطله لأنه لم يقل المصلين وإنما قال الركع السجود فعندما أنظر إليك فأجدك راكعا، أنظر إليك
مرة أخرى فأجدك راكعا، أنظر إليك مرة ثالثة فأجدك ساجدا. الركوع والسجود إذا تطهير للبيت للعبادة. وإذ جعلنا البيت مثابة للناس يجذب قلوبهم وأمنا يحتمون فيه ويشعرون فيه بالطمأنينة، واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فاعبدوا ربكم وحده. وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرا بيتي من الأنجاس والأرجاس والأوثان والمعصية للطائفين، لأن هذه العبادة تفيد الطائفين والعاكفين الذين يمكثون والركع
السجود الذين يعبدون ويدعون، وكل هذا الخير يحدث بيئة صالحة تطمئن قلب الإنسان، فإن البيئة لها أثر في قلب الإنسان كما قالوا لمن قتل تسعة وتسعين نفسا إنا نراك في أرض أهل سوء فاذهب إلى قوم كذا فإن فيها أرض كذا فإن فيها أقواما صالحين يعبدون الله، ولذلك يجب علينا أن نأمر بالمعروف وأن ننهى عن المنكر لأن هذا يفيد الجميع، والله تعالى أعلى وأعلم، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.