سورة البقرة | حـ 139 | آية 130 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 139 | آية 130 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
وربنا سبحانه وتعالى يشرح لنا كيف نزكي أنفسنا وكيف نقوم معنى السفاهة وقلة الأدب مع الله ويربط بين ذلك تصريحا وتلميحا بملة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وإبراهيم لا يثبت في الوجدان الحسي إلا بالإيمان بالنبي لأن إبراهيم لا وجود له في المخربشات والمنقوشات ولكن سيد الخلق له وجود حتى يعلم المسلم وغير المسلم
أنه ولد بمكة ومولده معروف ودفن بالمدينة وقبره ظاهر يزار، تتجه إليه قلوب المؤمنين من العالم ويعظمه المسلمون وهو تحت حماية الله رب العالمين في كل العصور. في القرن السادس عشر الميلادي حاول البرتغاليون غزو الحجاز من أجل أن يأخذوا جثمان النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم فحاربتهم الدولة العثمانية وانتصرت عليهم فعدوها من مآثرها، حسنا وماذا يعني شخص مادي يقول لك ما معنى هذه الحكاية؟ لا، لها معنى كبير، فمن الذي يحمي ومن الذي يوفق ومن الذي
جعل الأنبياء جميعهم غير معروفين أين هم ومن الذي جعل هذا وحده معروف على سبيل اليقين والاتفاق الله سبحانه وتعالى لكي نأتيه ونستغفر ربنا عنده فيدعو ربه وهو في الملأ الأعلى اللهم اغفر لهم فيغفر لنا تعرض علي أعمالكم فإن وجدت خيرا حمدت الله وإن وجدت غير ذلك استغفرت لكم ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما، نأتيه أين؟ عند قبره الشريف، نسلم عليه: يا رسول الله، ادع الله لي، فيدعو الله سبحانه وتعالى، فالله يستجيب.
ومن خلال النبي نؤمن بإبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، لأنه قال لنا إنه موجود وأنه رفع القواعد من البيت وأنه خلف إسماعيل وإسحاق، وأنه فصدقناه. لما آمنا به فكان هذا هو إثبات وجود إبراهيم ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه فمن رغب عن ملة إبراهيم فهو سفيه ومن رغب في ملة إبراهيم فهو مزكى زكى نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا يبقى هنا في نظرية الاصطفاء أن المؤمن يؤمن
بالقداسة والفارق بين المؤمن وبين المادي أن المؤمن عنده مقدس والمادي كل الأشياء تستوي عنده فالحيوان كالإنسان كالنبات كالجماد وقيمة كل شيء والإنسان شيء عنده المصلحة التي بينه وبين هذا الشيء والمنفعة ولذلك تراه يدعو إلى حقوق الإنسان في بلاده ثم يقتل الإنسان ويعذبه في بلاد غيره يا الله كيف هذا ما هو ليس لديه مبدأ هو لديه هذه مصلحة وهذه مصلحة فيبقى
إذا ليس لديه عنده مطلق ليس عنده مبدأ ليس عنده قيمة لوحدها ولقد اصطفيناه فيبقى هناك ناس أحسن من ناس عند الله تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ربنا يقول منهم من كلم الله فيبقى هذا ماذا حتى الرسل فيبقى إذا الله سبحانه وتعالى ينظر إلى الخلق ثم يصطفي منهم وينظر إلى المصطفين الأخيار فيصطفي منهم فالمصطفى فيه شيء من الاحترام، بعض
الناس كلمة قداسة تتعبهم، هذه قداسة فترى المؤمن يقدس الكعبة يحترمها لا يستطيع وقد أمر بتطهيرها أن يلقي فيها القذورات ولا يعمل على إهانتها أو نحو ذلك، يحترم المصحف يضعه فوق الكتب كلها هكذا، هو يحترم النبي وأول ما نذكره نقول سيدنا وأول ما يذكر اسمه نقول صلى الله عليه وسلم اللهم صل على سيدنا محمد جماعة المغاربة عندما يرزقون بولد ويسمونه محمدا لا ينادونه يا محمد بل يقولون سيدي محمد حتى أبوه وهو يضربه يقول له لماذا يا سيدي محمد تفعل هكذا وهو يضربه
لا يقدر أن ينطق بكلمة محمد صلى الله عليه وسلم إلا ومقترنة بلفظ السيادة توقيرا وتعظيما وإعزازا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمر مقدس محترم، ولذلك قوله تعالى ولقد اصطفيناه في الدنيا يقر مبدأ القداسة ويجعلها فارقا بين الإسلام وبين المادية، المادي الذي لديه كل شيء سواء والذي لديه التساوي لا المساواة، والذي عنده قد ذابت القداسة فلا يحترم أحدا، يأتي هنا المؤمن في مكونات عقله
وثقافته وشخصيته فيقول: ولقد اصطفيناه في الدنيا، والاصطفاء يترتب عليه الاحترام والإجلال والتقدير والتعظيم والنصرة، والاصطفاء معناه أنه قد اختص بشيء من عند الله، والاختصاص بشيء من عند الله هو نفسه مفهوم القداسة