سورة البقرة | حـ 140 | آية 130 : 131 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 140 | آية 130 : 131 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين خبر والخبر لم يتم فيه التأكيد وخبر آخر والخبر الآخر تم فيه التأكيد ولقد اصطفيناه في الدنيا سهلة هكذا كأنها حقيقة لأنها مرئية ولقد اصطفيناه في الدنيا رقم واحد الذي رأوه تأكدوا من ذلك أنه كان فريدا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام أنه كان أبوهم وحده أنه كان
نبيا من قبل العزة واتباع الرسل الآخرين يعظمونه ويبجلونه وهو مذكور عندهم في كتبهم على صفة التعظيم والتبجيل ومشركو مكة يعظمونه أبوهم الكبير ما يستطيعون أن يقولوا فيه شيئا من ناحية العصبية من ناحية النسب من ناحية العشائرية ولقد اصطفيناه في الدنيا في سيعرض ما لن يعرض أحد أن يقول لك حسنا وما له ما نحن متفقون عليه سواء كان مشركا
أو كان متدينا بدين من أديان الأنبياء ولقد اصطفيناه في الدنيا نحن اصطفيناه في الدنيا من غير تأكيد كذلك حسنا وفي الآخرة نعم هنا أصبح المشرك أصلا يقول ما من آخرة أصلا وما لا يوجد حساب ويحتاج إلى تأكيد لأن التأكيد إنما يكون لمن أنكر فالسؤال هل ينكر أحد قال هذا سينكر الآخرة كلها هو سينكر إبراهيم فقط هذا سينكر الآخرة بحالها فأتى التأكيد وأن أن للتأكيد هو
أنه جاء بالضمير في الآخرة لا واللام للتأكيد لا من الصالحين الله ما هذا شديد جدا تأكيد على صلاح إبراهيم أم تأكيد على الآخرة التي سيكون فيها من الصالحين اقرأ وتأمل لما يقول ولقد اصطفيناه في الدنيا ومن غير تأكيد وجميعكم موافقون على ذلك إذن عندما أقول إنه صالح لا أحد يخالف جميعهم لا يخالفونه في سيدنا إبراهيم فالتأكيد هنا للآخرة في
الآخرة ومن المؤكد أن إبراهيم سيكون فيها من الصالحين وأؤكد لكم مرة بعد مرة أنه في الآخرة في الآخرة وأنه في الآخرة لمن الصالحين ثم يتطلع الإنسان حينئذ إلى أن يكون مثل ذلك الأسوة الحسنة ومثل ذلك المثال الطيب ومثل ذلك الإنسان المرضي عنه من الله الذي اصطفاه في الدنيا الآخرة سيكون من الصالحين، كيف أكون أنا أيضا يا رب؟ أي ولو شرط من هذه الحكاية نريد
أن نصبح هكذا، أي ألا نكون ممن أهلك نفسه وأضاعها. إذن فماذا تعني هذه؟ أي سأقول لك الحكاية، لماذا سيأتي هنا ويعلل، سيعلل، سيبين لك علة الاصطفاء وعلة الصلاح. وهذه العلة لبيان حال إبراهيم، لا هذه لبيان كيف تسير حتى تتبع ملة إبراهيم، حتى ترغب في ملة إبراهيم، ماذا تفعل في نفسك حتى تدخل في رضا الله سبحانه وتعالى، إذ قال له ربه أسلم، هذا أمر، وإذا
أمر الله يجب عليك أن تسارع، أسلم يعني ما معنى أسلم أقول له أسلم، الذي نسميه الإقرار الذي نسميه النطق، يتمثل بأن يعتقد اعتقادا جازما في قلبه بالإسلام أن الله واحد وأنه لم يترك البشر هملا وأنه ينزل الكتب والوحي ويأمر وينهى ويكلف وأن هناك يوما آخر يرجع فيه الإنسان لربه للحساب فيعتقد هكذا وتترتب على
ذلك ملامح ومعالم للحلال والحرام فيتبعها كيف تكون المبادرة عندما يقول لك الله أسلم ما أول شيء تفعله إذن النطق فيه امتثال المعتقد فيه امتثال العمل فيه امتثال الذي حاضر ما الآن الذي أستطيع أن أعمله حالا الآن النطق إذن قال سيدنا إبراهيم ما قال ما لم يقل فقال قال له أسلم قال أسلمت إذا قال فقال يبقى
انتظر هكذا قليلا وفي آخر النهار قال له يا رب أنا أسلمت أنا موافق تعلم لو كان هكذا هو يريد أن يعمل فيعمل بالنطق المظهر للاعتقاد فيكون قد قام بالعمل وبالكلام باللفظ وبالاعتقاد وإظهاره فورا قال انظر مكان قال هنا شيء غريب جدا إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت خلاص أسلم أسلمت فلا توجد فترة زمنية إلا الفترة التي بين الأمر
والسمع والاستجابة التي نسميها ثانية هذه على الفور إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين فلا يوجد تلكؤ وفيه فرار إلى الله سبحانه وتعالى وفيه مسارعة للخير يبقى إذن هذا هو الذي يجعلك من المصطفين الأخيار في الدنيا بالتوفيق الإلهي ومن الصالحين في الآخرة، إذن فإبراهيم كان أسوة حسنة فاللهم ألحقنا به وتوفنا على ملة الإسلام.