سورة البقرة | حـ 144 | آية 135 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين. فإذا ينبهنا ربنا سبحانه وتعالى وقد أمرنا أن نؤمن بالأنبياء جميعا وجعل الإيمان بهم ركنا من أركان الإسلام، من كفر بعيسى فليس بمؤمن ومن كفر بموسى فليس بمؤمن ومن كفر بإبراهيم فليس بمؤمن إلى درجة إن العلماء يقولون لو سألك سائل عن نبي لم تكن قد سمعت به من قبل يقول لك مثلا يوشع بن نون نبي
أم ليس بنبي ماذا تعتقد؟ أنت لا تعرف، هذه أول مرة تسمع عنه. حزقيال، نبي أم ليس بنبي؟ دانيال نبي أم ليس بنبي؟ يسألك أتؤمن به أم لا قال فماذا أنت لا تعرف ماذا تفعل إذن في هذه الورطة إذا قلت لا ليس بنبي وظهر أنه نبي فستكون قد أنكرت نبيا والمسلم لا ينكر أبدا الأنبياء وإذا قلت إنه نبي وظهر أنه ليس بنبي فستكون قد أفسدت الدنيا فماذا أفعل قال آمنت به إن كان نبيا ما لست أعرف ولم أسمع به من قبل ولم أبحث، أنت جالس هنا في المجلس هكذا قالوا لك فلان نبي أم ليس بنبي قل لنا، تقول آمنت به لو كان نبيا ها على
الفور هاأنذا آمنت به، لو كنت أرى حرص الإسلام على إقرار النبوة لأنه الحق على الإنصاف ولكن نبهنا عندما أحدث الناس بعد الأنبياء من قبل أن أتباعهم انحرفوا عن مسيرة الأنبياء، جميع الأنبياء يدعون دعوة واحدة وهي أنه لا إله إلا الله، جميع الأنبياء يبشرون بالنبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وسلم، جميع الأنبياء أخذوا الميثاق على أتباعهم أنه إذا ظهر ذلك النبي الذي بشر به الله اتبعوه وانصروه، ثم بعد ذلك حدث ما حدث من تحريف
وتخريف، ثم بعد ذلك حدث ما حدث من انحراف عن الجادة. أرسل الله الرسل تباعا تصحح ذلك الانحراف في كل مرة. لم يستقم أحد على وصايا موسى على الجبل الوصايا العشر، لم يستقم أحد على زهد عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، ولذلك ماذا كان؟ كان أن علمنا الله سبحانه وتعالى الأدب بأن آمنا بالكل وجعلنا ذلك الإيمان ركنا وجزءا لا يتجزأ من إسلامنا، وفي الوقت نفسه ثبات
على العقيدة وعلى العمل الصالح وعلى فعل الخير. وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، قال لهم: بل ملة إبراهيم حنيفا. قل: من أنت تقول هكذا، أنت تريد ماذا؟ قال أريدك أن تكون معي، أنا أريدك أن تكون معي. قالوا: حسنا، ما دمت إذا أصبحت يهوديا فلن أكون معك أنت مسيحي، وإذا أصبحت مسيحيا فلن أكون مع اليهودي. وبعد ذلك، حسنا ما رأيك الآن في أن أكون مع إبراهيم؟ الله هذا يرشدنا إلى أخي أنت وهو إن كنت
مع إبراهيم قل من الذي يقول سأقول وأنت ستقول كل واحد يقرأ القرآن يقول له قل وتقول له هو أيضا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وأنت إذن من هذا وما كان من المشركين وما كان من المشركين يقول لك أنا لست مشركا قلت له انتهى الأمر والحمد لله، ولكنني أتصور أنه عبد الوثن وأن بني إسرائيل فتحوا خمسة معابد للأوثان كما هو مذكور في تاريخكم، وليس نحن من نقول ذلك. قال لي: أنا الآن لم أعد مشركا، لقد أصبحت ملحدا. ولكن حسنا، لماذا تقولون مشرك ملحد مؤمن؟ الأمر بيني
وبين ربي، وأنت ستعود إلى وهو الذي يعرف ويعلم ما الذي حدث، ولكن ما رأيك أن المشترك الذي بيني وبينك هو إبراهيم، والمشترك الذي بيني وبينك أنني أحترم جميع أنبياء الله، فهل تحترم محمدا أم أنك تتطاول عليه كل يوم؟ قال إنني أحترمه، فقلت له حسنا إذا احترمته فقد أصبحنا أحبابا، فقال لي وهذا الذي يظهر حتى على التلفاز هذا ويتكلم بطريقة مضطربة هكذا، هو هذا ليس منا، قلت له انتهى، وآخر قال لا هذا منا، قلت له حسنا لا يحدث شيء، لكن الذي منا سيدنا إبراهيم، لأنني إذا قلت لك محمد ستقول لي أنا كافر بمحمد، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. سأقول لك
عيسى فستقول لي أنا كافر بعيسى اليهودي، فماذا أقول لك حتى نجلس معا لأنني مسلم وأريد أن نجلس معا، أنا ليس لدي مشاكل في أنني مؤمن بالجميع، أنت لديك مشاكل أنت مع سيدنا عيسى ومحمد وأنت مع سيدنا محمد، فلماذا لا تأتي لنرى المشترك حتى نجلس مع بعضنا البعض ونكون في مجتمع واحد جميلين هكذا، من هذا الذي قال إبراهيم؟ هل يوجد أحد منكم قال إن إبراهيم سيء؟ قال لا، قلنا له حسنا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، أأنت مشرك؟ قال لا أنا لست مشركا، أنتم تظنوننا عندما نقول ونعيد هذا إشراك، قالوا حسنا دعوه ليس بشرك ولنرى يوم القيامة أهو شرك أم لا، إبراهيم لم يكن مشركا ولا قال عن نفسه إنني
ربكم ولا ربكم خليفة ولا أي شيء ولا عبد الوثن، بل كسر الأصنام متفقون قالوا متفقون قلنا لا إله إلا الله هذا ربنا الذي قال قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين لأنه أرجعنا إلى المشترك الذي به الاجتماع البشري وقوام هذا الاتفاق بين الجميع إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته