سورة البقرة | حـ 145 | آية 135 : 136 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة وفي قوله تعالى "وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين". في هذه الآية لطيفة وهي أنه عبر بكلمة قالوا فأخفى القائلين فأصبح هناك احتمال من القائل هذا وقالوا من الذين قالوا وأرى أن الذين قالوا هم المشركون قالوا
يا محمد أنت أتيتنا بدين جديد ونحن بيننا اليهود وبيننا النصارى فبدلا من الدين الجديد اتبع اليهودية أو اتبع النصرانية يعني وقال المشركون للمسلمين كونوا يهودا واليهود عرفناهم وساكناهم وعرفنا بدايتهم ونهايتهم ووافقنا على ذلك أو نصارى ونصارى نجران وبني تغلب عرفناهم وساكناهم وعاملناهم ووافقنا على ذلك إذا كنتم تريدون أن تخرجوا من الوثنية فاذهبوا إلى
اليهودية أو اذهبوا إلى النصرانية فقال لهم ما يدل على أمور على وحدة الرسل من عند الله فإن إبراهيم دعا بما دعا إليه آدم وإن إبراهيم قد جاء بعده موسى فدعا بدعوته وعيسى فدعا بدعوته ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم فدعا بدعوته وأن الملة الحقة هي هذه الملة الأصلية التي لم يرد عليها تحريف ولم يرد عليها تخريف ولو أن البشر قد استقاموا على ملة إبراهيم
ما أرسل الله الرسل مرة أخرى للعودة دين إبراهيم لأن البشر ملتزمون، ولكن لما انحرف البشر عن ملة إبراهيم وحرف منهم من حرف وخرف منهم من خرف، فإن الله أرسل الرسل تترى حتى ختمهم بسيدهم وسيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وقال المشركون كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، وذلك قولهم أو قالوا ذلك في من الناس من قال يا ليتكم تكونون هؤلاء أو تكونون هؤلاء، أي شيء معقول أن يكون قاله اليهود؟ لأن اليهود لو قالوا لكانوا يقولون كونوا يهودا، والنصارى لو قالوا لقالوا كونوا
نصارى، ولكن من الذي يقول كونوا يهودا أو نصارى؟ لا يهودي ولا نصراني، واحد من الخارج، ويرجح هذا المعنى يقول له وما كان من المشركين أي كأنه يبرز ما كان خفيا في بداية الأمر وما كان من المشركين أنتم أيها المشركون تدعون إلى أن نكون يهودا أو نصارى ولكن نحن ندعوكم جميعا وندعو الأرض كلها لكي تعود إلى ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين إذن هناك حدث شرك اليهودية وحدث شرك في تاريخ النصرانية فاليهود فتحوا معابد
للأوثان والنصارى عندهم فرق تسمى بالهراطقة هرطقوا وتكلموا كلاما قبيحا جدا إذا جاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم ليرد الناس إلى التوحيد وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين هنا يقول فلما لم يقل وقال المشركون كونوا يهودا أو نصارى، قال لأن بعضهم لأن بعض هؤلاء الناس من اليهود ومن النصارى قالوا تعالوا إلينا ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى
تتبع ملتهم، قل إن هدى الله هو الهدى، يبقى إذا قالوا عممت لأنها تشمل المشركين وتشمل اليهود في دعوتهم إلى اليهودية في دعوتهم للنصرانية فأرشد الله سبحانه وتعالى العالمين إلى أن قضية الكون هي التوحيد بالله رب العالمين على ما قد بينه في كتابه المبين الذي حفظه وكان آخر الكتب أجمعين الرد ما هو قولوا آمنا هو قال للنبي قل لهم هكذا بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ونحن ماذا نقول؟ آمنا بالله، وماذا فعلنا يا إخواننا؟ إننا أول شيء آمنا بالله، ونحن أمة قد استوعبت ولم تستوعب،
هي استوعبت لكنها لم تستوعب، رفضونا لكن نحن لم نرفض أحدا، آذونا لكن نحن لم نؤذ أحدا، تاريخنا أبيض ليس فيه ما نعتذر عنه، قولوا آمنا بالله، هذه واحدة وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم، انظر إذن لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. فهل استوعبنا أم لم نستوعب؟ ما معنى أن نكون قد استوعبنا؟ أي آمنا بسيدنا عيسى، لا توجد
مشكلة، آمنا بسيدنا نحن نقبل الأمم من قبلنا، حسنا والأمم تقبلنا؟ أبدا، من ديانة اليهود أن يكفروا بعيسى، ومن ديانة النصارى أن يكفروا بمحمد، هذا جزء من الديانة كذلك أنه يجب أن تكفر بمحمد، والآخر جزء من الديانة أنه يجب أن تكفر بعيسى، حسنا فماذا تفعل أنت يا مسلم؟ تقول هكذا قولوا آمنا يا للعجب! آمنا أول شيء، إنها الطمأنينة والسلام والأمن، آمنا آمن أمن إيمان أمان، إنها الهمزة والميم والنون كلها هكذا، هو بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل
وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى، لكن لا، هذا ليس كل شيء، نحن سنؤمن بما أوتي النبيون من لا نفرق بين أحد منهم هذا هو المسلم وإننا له مسلمون