سورة البقرة | حـ 148 | آية 140 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 148 | آية 140 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى: أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى؟ فهؤلاء كانوا قبل موسى وقبل عيسى، والذي يريد أن يجعل هؤلاء أتباعا لليهودية أو للنصرانية فإنه يدعي أنهم كانوا بعد أولئك الرسل الكرام بعد موسى وبعد عيسى وهذا لا يقره وحي سابق
ولا لاحق ولا يقره تاريخ ولا أثر فهو قول مجرد عن الدليل وإذا تعالم أحدهم وادعى غير ذلك ولا برهان له ولا دليل له ولا دليل على ما يقول فإن الله سبحانه وتعالى يرده إلى الوحي وهو يثبت أن مصدر المعرفة قد يكون ذلك الكون في سيرنا فيه في النظر في التأمل في التدبر في الدراسة في الوعي بمعلومات هذا الكون الذي خلقه الله حسا أو تاريخا وقد يكون هو الوحي فهنا إشارة إلى ما بدأ الله به كلامه مع
نبيه صلى الله عليه وسلم أن هناك قراءة في الأكوان وهناك قراءة في كلام الرحمن اقرأ باسم ربك الذي خلق إذ أرشدنا إلى أن نقرأ الخليقة وأرشدنا إلى أن نقرأ كلام الله سبحانه وتعالى اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم والقلم إشارة إلى الوحي ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك لست بمجنون، الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان، ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين، وهنا يقول لهم ما دام ليس معكم آثار من علم
مرده إلى الكون ولا إلى كلام الرحمن فإنكم تكونون على خطأ مبين، وفي هذا إشارة خفية لمصادر المعرفة المعتمدة التي يرضى ويرضى عن العلم بها ويرشد إليها قل أأنتم أعلم أم الله أأنتم الأعلم أم ربنا لأن هذا ليس فيه أي دلالة إلا من قبل الوحي سواء كان هذا الوحي في التوراة أو في الإنجيل أو في القرآن وهنا يرشدنا ربنا إلى أن من أراد الحدس فإنه لا يكون له ذلك إلا من طريق
النبي المصطفى والحبيب المجتبى صلى الله عليه وآله وسلم فهو الذي أبقى الله قبره وأبقى نسله وأبقى كتابه وأبقى قبلته حقا وهو الذي أجمع كل الناس مؤمنهم وكافرهم مسلمهم وغير مسلمهم أن هاهنا ولد النبي المصطفى والحبيب المجتبى وأنه قد ولد بمكة وأنه من هاهنا هاجر النبي وأنه هنا قد دفن النبي محمد بن عبد الله، سواء من آمن به ومن كفر، وليس هناك قبر نبي يعلم ولا هناك أهل نبي يعلمون كما هو الحال في سيد الخلق أجمعين. أبقى الله ذكره ورفعه وأبقى كتابه وحفظه وأبقى
قبلته ووجه الناس إليها وجعل أمته بالرغم من كل هذا البلاء الذي يحيط بها من كل جانب عبر التاريخ جعلها باقية عالية رافعة رأسها قوية في نفسها محافظة على دينها تزداد كل يوم والحمد لله رب العالمين من غير إكراه لأحد من الناس فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والحمد لله الذي جعلنا مسلمين قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله، كلام يوجه إلى من عنده الشهادة
والعلم الذي يعلم قطعا بعلمه لأنه راسخ فيه أحقية كلام الله وأن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط لم يكونوا يهودا ولم يكونوا نصارى وأنهم كانوا سابقين على ذلك، سواء أحصل هذا العلم من جانب الحس إن كان هناك عنده علم من حس أو حصل ذلك من جانب الوحي الذي قد آمن به وكان يجب عليه ألا يكتمه وما الله بغافل عما تعملون من تدبير سيء ومن معاداة غير مفهومة لدين الله ومن إنكار لما هو منطوق به في كتب السابقين،
كلام لا يدخل في عقل عاقل ولا في إنصاف منصف يخدعون أنفسهم والله ليس بغافل عما يعملون وما الله بغافل عما تعملون ولأجل هذا الخداع ولأنهم يخدعون أنفسهم عن الحق وهذا كلام موجه إلينا إذا أردنا أن يرضى الله عنا نحن فيجب ألا نتبع مناهج قد أنكرها الله على الخلق فلا لا يغش أحدنا على نفسه بل يكون منصفا فإذا أردت أن يكون عقلك من العقول التي يرضى الله عنها فلا
بد لك أن تدرب نفسك وأن تعلم نفسك الإنصاف ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى لا تغش على نفسك فتدرك الواقع على غير ما هو عليك ألا تخدع نفسك فتنكر الحق، لا بد لك أن تكون شفافا تعترف بالخطأ وتقر بالحق، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته