سورة البقرة | حـ 149 | آية 141 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 149 | آية 141 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. مع كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة، حيث يقول ربنا سبحانه وتعالى عن أولئك الذين سبقونا: تلك أمة قد خلت، لها ما كسبت ولكم ما كسبتم، ولا تسألون عما كانوا يعملون. هذه الآية. تكررت بعينها من قبل بعد قصة إبراهيم وإسماعيل وما حدث بين إبراهيم وبنيه ويعقوب وبنيه من تحمل دين الإسلام وهو دين جميع الرسل من جيل إلى جيل تلك أمة قد خلت لها
ما كسبت ولكم ما كسبتم مما يدعونا إلى ألا نعتمد على الأنساب باعتبار أن أمجاد السابقين من الآباء تكفينا وإنما لا بد لنا من أن نكسب في أنفسنا خيرا عبادة لله وعمارة للدنيا وتزكية للنفس، فكل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا ما كان سببا يوصلنا إلى الأسوة الحسنة باتباعه صلى الله عليه وسلم. لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر. وذكر الله كثيرا
فكل سبب يوصلنا برسول الله صلى الله عليه وسلم من طاعته وإقامة سنته في أنفسنا وشرعه في حياتنا فهو موصول يوم القيامة وكل نسب موصول بنبي الله صلى الله عليه وآله وسلم ونسبه آية من آيات إثبات الدين وليست هي كل الآيات فالآيات كثيرة ولكن نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صدق القرآن أنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر فكثر نسله وقد أرى الله أنه كان قادرا على إهلاكهم حتى لا يبقى أحد
فمات الذكور من أبنائه في حياته وماتت أم كلثوم ورقية وزينب في حياته ولم تبق إلا فاطمة ولم أنجبت أم كلثوم ورقية وأنجبت زينب بنتا ماتت من غير أن تنجب وفاطمة أنجبت الحسن والحسين ومحسنا فمات المحسن في حياته ولم يبق إلا الحسن والحسين الحسن مات كل أبنائه وقد تزوج كثيرا وكانت القبائل تطلب النسب الشريف منه كل أبنائه ماتوا إلا زيد الأبلج والحسن المثلث ومات كل أبناء الحسين إلا علي زين العابدين
يرى الله أنه كان قادرا على أن يفني الثلاثة، ومن الثلاثة جاء النسل الشريف وبقي إلى يومنا هذا شرقا وغربا يدلون على أن نسب النبي محفوظ وعلى أنه عالي المقام وعلى أنه ثابت يقينا أن هناك من كان يسمى محمد بن عبد الله آمن به آمن وكفر به من كفر تأييد رباني لا بيد محمد ولا بيد غيره أن يبقى نسله فيعطيه فعلا الكوثر لأنهم قد تكاثروا كثيرا وكذلك إذا ما رجعت مرة أخرى في آخر الآيات إن شانئك
مبغضك كارهك هو الأبتر الذي لا نسل له ولا نعرف من هذا الأبتر ذهب ذكره لكن هنا ورفعنا لك ذكرك فرفع الله ذكره على المنابر وفي الأذان يطوف الأرض كل يوم وأعلى ذكره حتى تسمى الناس كثيرا بمحمد وأحمد ومصطفى وأسمائه صلى الله عليه وسلم فكان ذلك أكثر عدد في الأرض على كل حال كل سبب ونسب مقطوع يوم القيامة إلا سببي ونسبي صلى الله عليه وآله وسلم وذلك لأن ذلك متصل بالدين وعلى أهل البيت الكرام أن يراعوا مقامهم الذي أقامهم الله فيه
فنرى بعضهم وقد أخذتهم الكبرياء يدعوهم إلى إيذاء الناس فلا يكون ذلك حقيقة من أهل البيت ويكون الخلل قد دخل عليهم من قبل الأمهات ونطالبهم بالتوبة إلى الله وبالرجوع إليه وبمراعاة رسول الله في أنفسهم ورأينا بالتجربة أنهم وعلى الرغم من حماقة بعضهم في تصرفاتهم ومعصيتهم يتوبون إلى الله قبل الوفاة إكراما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون فأقر الله سبحانه وتعالى فيما
أقره في الديانات من أنه لا تزر وازرة وزر أخرى وأنه ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأن المسؤولية فردية سيعاقب عليها من الإثم وسيثاب عليها من الطاعة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه تلك أمة قد لها ما كسبت وما كسبت من إثم أو ما كسبت من طاعة ولكم ما
كسبتم من إثم أو من طاعة ولا تسألون عما كانوا يعملون فهناك أشياء لا يسأل الله عنها أولها ما جبلت عليه من تاريخ ميلادك ومن ضيق رزقك أو سعته ومن وقت وفاتك ومن خلقك في أي أينما كنتم وعلى أي لون كنتم ومنتمين إلى أي عرق أو جنس فكل ذلك لا يسألكم الله عنه ولكنه يسألكم عن العمل الاختياري فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف وانهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته