سورة البقرة | حـ 151 | آية 142 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله في سورة البقرة في مطلع الجزء الثاني من القرآن الكريم يقول ربنا سبحانه وتعالى آية ومعجزة من معجزات القرآن ومن معجزات الرسول الصادق الأمين المؤيد من ربه من رب العالمين سا يقول السفهاء من الناس ما يعني في المستقبل أي سوف يقولون لم يكونوا قد قالوا سيقول السفهاء من الناس فلنفترض أنهم لم يقولوا لكان ذلك عارا لسيدنا
محمد ولكنهم قالوا فمن الذي يحرك الألسنة والقلوب سلبا وإيجابا هذا يخبرك بأن شيئا سيحدث كان بإمكان المشركين أن يضبطوا أنفسهم من أجل بيان خطأ ما يقوم به محمد، يتساءلون كيف يكون الأمر مثل قوله تعالى "تبت يدا أبي لهب وتب"، فيقولون: افترض أن أبا لهب قد أسلم، فماذا كان سيحدث؟ هل كنا سنحذف الآية أم ماذا؟ إن الذي أنزل القرآن هو علام الغيوب الذي يعلم أن أبا لهب لن يسلم لن يحدث قال فلنفترض أنني أسلم
فلنفترض أنني أسلم ولو بالإكراه هكذا قال لهم هكذا فأنا مسلم لم يحدث لأنه لا يصلح انظر كيف يعمل التأييد هو محمد كان يمسك بأخلاق الناس ويمسك بقلوبهم سيقول السفهاء من الناس لقد قالها فعلا لم يسكتوهم ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل حينئذ يعني عندما يقولون هكذا رد عليهم قال سيقول السفهاء ما لم يقل قال السفهاء قال حسنا يرد عليهم وقالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا قالوا هكذا
وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قالوا هكذا هذا ماض لكن هنا ماذا سيقول وسيقول السين تدخل على المضارع فتحوله إلى المستقبل أي تجعله دالا على المستقبل أي لم يقولوا لهم بعد شيئا عن قبلتهم التي كانوا عليها أي شيء جعلهم يتركون بيت المقدس ويتوجهون إلى الكعبة هو في الحقيقة سيدنا محمد لما كان في مكة وكان يصلي كان يقف فيجعل الكعبة أمامه يستقبلها بيت المقدس هذا يعني يبقى مستقبل
الكعبة وبيت المقدس ما هو في ركنين يمانيين اللذين فيهما الحجر الأسود والركن الآخر وفي ركنين شاميين يعني متوجهين إلى الشام اللذين فيهما حجر إسماعيل أو الحجر كما يقول بعضهم فيجعل يأتي عند الركنين اليمانيين ويصلي يجعل الكعبة في يده بين يديه هكذا هو يبقى متوجها إلى الكعبة فإلى بيت المقدس، فلما ذهب إلى المدينة حرم صلى الله عليه وسلم من ذلك من الجمع بين الحسنيين: التوجه إلى الكعبة التي هي محل نظر الله التي هي من بناء سيدنا إبراهيم، والتوجه إلى بيت المقدس الذي هو مهبط الرسالات
ومقصد الأنبياء والمقدس عند المسلمين فلما ذهب إلى المدينة فأصبحت الكعبة في الجنوب لأن المدينة شمال مكة فتبقى مكة جنوب المدينة وأصبح بيت المقدس في الشمال فتوجه إلى بيت المقدس لأنها القبلة الأصلية أولى القبلتين لكنه دعا ربه وأخذ وألح في الدعاء وسنرى الآن كيف كان ذلك حتى استجاب الله له فلما استجاب الله له حول القبلة فاستدبر بيت المقدس واستقبل الكعبة المشرفة المعظمة شرفها الله وعظمها أبد
الآبدين إلى يوم الدين وشرف من شرفها وزارها وعظمها ونظر إليها والنظر إلى الكعبة عبادة وزاده الله شرفا وتعظيما في الدنيا والآخرة سيقول السفهاء من الناس السفهاء جمع سفيه والعلماء قالوا جمع عليم وليس عالم انتبه وفعيل هذه صيغة مبالغة، سفه نفسه يصبح سافها، ولكن عندما يزداد في السفه يصبح سفيها، فقه أو فقه يصبح فاقها، ولكن عندما يصير الفقه له سجية يصبح فقيها، علم يصبح
عالما، ولكن عندما يصبح أي علاما كبيرا قويا يصبح عليما، وجمع عليم وفقيه فقهاء علماء، وجمع سفيه سفهاء عندما نرى كلمة السفهاء هذه ونحللها فإنها صيغة مبالغة لأنه سفيه أي فعيل وفعيل تطلق ويشتق منها اسم الفاعل سافه أيضا أي حسن ومن السفيه هذا لا عقل له إما نراه مبذرا وإما نراه بليدا وإما نراه غبيا وإما نراه يتبع أهواءه وانطباعاته سفيه
فالسفيه إذن ضد العاقل والعاقل خصم نفسه والعاقل يطلب البرهان والدليل والعاقل يبحث عن الحق هذا هو العاقل والعاقل منصف فيكون السفيه بعكس كل ذلك ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فيكون هذا السؤال سؤال سفيه أم سؤال عاقل هذا سؤال سفيه فتكون الأسئلة على نوعين أسئلة فيها سفه وأسئلة فيها عقل الأسئلة التي العقل هو السؤال الذي تريدون الإجابة
عنه من أجل المنفعة والمصلحة وعمارة الدنيا، أن تتطوروا وأن تتقدموا وأن تعلموا الحق، والسفه أن تجادلوا وأن تماروا وتعملوا هكذا منظرا، فهذا يحتاج إلى بيان، فإلى لقاء آخر نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته