سورة البقرة | حـ 154 | آية 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. اللهم اشرح صدورنا للإسلام وحبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين ومن المتقين ومع القوم الصادقين. مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى تشريفا وتكليفا للأمة وكذلك جعلناكم أمة وسطا جعلناكم أي أذنا لكم أن تكونوا أمة وسطا جعلناكم يعني كلفناكم بأن تكونوا كذلك إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم إن تنصروا الله في أنفسكم وعلى منهج النبوة ينصركم الله
ينصركم الله سبحانه وتعالى ويثبت أقدامكم ويثبت الإيمان في قلوبكم ولا تكونوا كسائر الأمم يطلبون الدنيا وينسون الله ويغفلون عن ذكره وكذلك جعلناكم أمة وسطا في أعلى الجبل لتكونوا شهداء على الناس فكلفنا بأن نكون شهداء على الناس، بعض الناس يعتقدون أن هذا نوع من التشريف فقط والأمر ليس كذلك والله أعلم بما هنالك، هذا تشريف وتكليف نعم كنتم خير أمة أخرجت للناس تشريف تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر
وتؤمنون بالله، تكليف يعني إذا اتبعتم هذا كنتم خير أمة أخرجت للناس، لا ترضون الظلم ولا الجور فتأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر، لا يضيع فيكم الضعيف ولا يضيع فيكم ذو الحاجة، فإذا ضاع الضعيف وذو الحاجة فلستم خير أمة، إنما قد رفضتم ورفضتم التشريف الذي قد أذن الله فيه ويكون الرسول عليكم شهيدا، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله
إن الله شديد العقاب، وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول من ينقلب على عقبيه أيضا ففيها إشارة لو ورد هذا السؤال ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها من قبل، المؤمنين يعلمنا ربنا أن الأعمال بالنيات وأن السؤال إذا سأله السفيه يكون له نية ولو سأله الفقيه تكون له نية أخرى،
هو السؤال واحد فما الحكمة يا رب أنك قد غيروا بدلا من ذلك، هم سفهاء يسألون استكبارا، يسألون تعاليا، يسألون إنكارا، يسألون طلبا للإفساد. ما عليه ولكن فعلا أصبح جاهلا قال نعم "وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه" هذا يدل على أن الأمر كان بيد الله وأن الله قد صلى الله عليه وسلم أن يتوجه إلى بيت المقدس، فإنه يعلم أن ذلك سيكون
مؤقتا في فترة مكة سيتوجه إلى الكعبة، وفي فترة المدينة ثمانية عشر شهرا يتوجه إلى بيت المقدس ثم يعود مرة أخرى إلى الكعبة، وكل ذلك مسطور في علم الله وبإذنه وليس في علم أحد ولا بإرادته الأمر كله لله إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه، الذي يتبع الرسول يتبعه مبلغا عن الله، فالله يقول توجه إلى بيت المقدس نقول سمعنا وأطعنا، يقول توجه إلى الكعبة نقول سمعنا وأطعنا، فيظهر من هذا أمران: الأمر الأول تصديق النبي في تبليغه عن ربه،
والأمر الثاني الطاعة. التامة لربنا سبحانه وتعالى لأنه فعال لما يريد ولأننا نريد وجه الله وحده ولأننا نطيعه سبحانه وتعالى من غير تردد بل نسارع إلى طاعته وننفر إليه سبحانه وتعالى لا إلى سواه فسيتحقق من هذا نوع من أنواع الابتلاء والامتحان في تصديق الوحي وتصديق الرسول ويتحقق من هذا أيضا نوع من أنواع المسارعة في الطاعة وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله، هذا امتحان قاس شديد يعني هذا الامتحان
كبير ولكن بالنسبة للمؤمنين ومن استقر إيمانه في قلبه أمر طبيعي تماما، نصلي إلى الكعبة أم جهة بيت المقدس حاضرون نصلي إلى البيت المقدس ولكن ما المانع أن نرجع سهل، فسيدنا رسول الله معنا مؤمنون بأنه يأتيه خبر السماء وأنه يترجم عن الله وأنه عنوان الوحي صلى الله عليه وآله وسلم، ليس فيها شيء، وإنما الذي يقعد الآن يبحث بطريقة أخرى من مدخل آخر، نعم هو إذا كان هذا بشرا من عند نفسه وليس من وحي الله فيبقى غير رأيه، طيب غير رأيه لماذا؟ طيب
ماذا سيستفيد؟ طيب ما هو أحسن كان أن يجعلها بيت المقدس لكي يؤلف اليهود والنصارى وفي الوقت نفسه حتى يوم المشركين لا يفهمون شيئا ولا يفرق معهم إذا كان ذهب هنا أو هناك فيبقى هو يريد ماذا أم هو راجع بسبب الكعبة عدد المشركين أكثر من العدد ويقعد يخلط هكذا هو سفهاء والسفاهة جاءت من أين منه غير مصدق أنه هذا من عند الله طيب وهو ما الحق يعني هكذا أنه من عند الله ما هو من عند الله واللف والدوران أوهام عمل أوهام انطباعات لا علاقة لها بالواقع وإن كانت لكبيرة على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع
إيمانكم، هذه تحتاج إلى كلام آخر، فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.