سورة البقرة | حـ 155 | آية 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 155 | آية 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله وفي سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وتعالى هذه الآية الكريمة العجيبة التي جمعت من المعاني ومن المناهج ومن التشريف ومن التكليف ومن الأنوار ومن الأسرار ما جمعت يقول وكذلك جعلناكم أمة وسطا ووسط الشيء أحلى وأعلى وأغلى، وكذلك جعلناكم أمة وسطا. كلام فيه مدح لهذه الأمة وفيه إيذان بتشريفها.
فماذا نفعل يا ربنا حتى نكون كما قلت؟ لتكونوا من أجل أن تكونوا، لتكونوا شهداء على الناس. فإذا تحققنا بقيادة البشرية وريادتها إلى ذكر الله وإلى عمارة الأرض وإلى تزكية النفس فقد أصبحنا شهداء لله وإذا قد تخلينا عن الريادة والقيادة فإننا نكون قد رفضنا البشرى كما رفضها بنو تميم كما ورد في البخاري وغيره ويكون الرسول عليكم شهيدا. تكليف آخر أن منهجكم في الحياة لا ينبغي أن يكون هكذا من عند
أنفسكم بل لا بد لكم من ضابط أسموه الضابط المعرفي ما هو الضابط المعرفي هذا؟ واحد يبين لي كيف أطبق ذلك الوحي المطلق الذي تجاوز الزمان والمكان في هذا الواقع المتغير الذي نعيشه ساعة بساعة ويوما بيوم، ومن هو ذلك الضابط المعرفي؟ لا بد أن يكون معصوما، ومن هو ذلك المعصوم؟ هو سيد الخلق أجمعين، هو نبي رب العالمين، هو ابن عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم ضابط معرفي يضبط إيقاع تطبيق المطلق على النسبي إذا أردنا أن نتكلم بكلام الفلاسفة
هذا كلام الله تجاوز الزمان والمكان وكأنه قد نزل الآن تجاوز الأشخاص والأحوال وكأنه قد خاطبنا كيف أطبقه كيف أفهمه أولا وأحلله ثانيا وأطبقه ثالثا لا بد لي مثال نتشبه به ومن هذا المثال رسول الله صلى الله عليه وسلم فحفظ الله لنا السنة وحفظ الله لنا القرآن من أجل أن نتمثل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله فالذين آمنوا بصدق الوحي والذين آمنوا بأن هذا رسول من عند الله سهل عليهم الأمر لأنه يبلغ عن الله ولكن أولئك الذين ترددوا مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فماذا حالهم مع الله كبيرة ويتيهون في التفسير وفي التحليل فيأمرنا ربنا أن ننطلق من حال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا نضل، ومن
ابتغى الهدى في غيره أضله الله. عندما نأتي لندرك الواقع ندركه من خلال معيار واضح وهو أن رسول الله كان منصفا، كان عادلا، كان دقيقا، كان واضحا، لم يتبع الهوى، طلب البرهان، بحث عن الحق وعلمنا كيف نبحث عنه.
هذا بالقبلة القديمة الله، ومن الذي أمر بالقبلة الجديدة؟ الله، والله سبحانه وتعالى لا يحاسبكم إلا على ما أمركم به. فرحم الله القاعدة مثل قاعدة "وما يظلم ربك أحدا" قاعدة "وما كان الله ليضيع إيمانكم" قاعدة. هكذا هو المبدأ القرآني "وما كان الله ليضيع إيمانكم" صلاتكم الأولى وإيمانكم. فهل تسمى الصلاة لماذا؟ لأن الصلاة ليست هي المقصودة، بل المقصود أنكم قد آمنتم بالرسول فاتبعتموه، هذا هو المقصود. فأطلق على الصلاة اسم ركنها الأهم وهو الإيمان بالرسول. وما
كان الله ليضيع إيمانكم، بالرسول حين اتبعتموه وصدقتموه في أن هذه القبلة مفروضة، رضي الله عنكم بتصديقكم له وبإيمانكم به صلى الله عليه يقرر ربنا مبدأ اتخذه الناس وهو أن القانون لا يسري بأثر رجعي، فعندما تذهب إلى القانونيين يقولون لك هذا، إن لدينا مبدأ مهما جدا للإنصاف والعدل، ما اسمه؟ لا قانون بأثر رجعي، فعندما يصدر القانون اليوم فليحاسب الناس من اليوم، أما الأمس فعلى القانون القديم وهذا ما هذا؟ اكتشاف؟ قالوا
إن هذا اكتشاف كبير جدا، ونحن اكتشفناه. حسنا، وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم. ها هو يقول إن القانون ليس له أثر رجعي. انظروا كيف يفعلون، عفا الله عما سلف إلا ما قد سلف. كل هذا معناه لا أثر رجعي للقانون، فعندما خاطبنا الله بأن لا نتزوج أكثر من أربع، كان في الماضي يتزوج حتى عشر وعشرين، قال له لا يكفي أربع، فماذا عن الباقي فماذا نفعل؟ قال عفا الله عما سلف، لكن من اليوم أربع فقط، فغيلان الثقفي طلق ستا من العشر اللواتي كان متزوجا بهن،
ليس هناك أثر للرجعة إلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته