سورة البقرة | حـ 156 | آية 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 156 | آية 143 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى نطلب منه الهدى والهداية في سورة البقرة يقول ربنا سبحانه وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا وهذه قد شرحناها في حلقة سابقة وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله إذا جعل القبلة الأولى
اختبارا وامتحانا لكلمة سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير فحقيقة التكليف أن يأمر الله سبحانه وتعالى عباده وأن يطيع هؤلاء العباد ربهم فيما أمرهم فلو قال لو قال لهم اتجهوا شرقا لاتجهوا شرقا، ولو قال لهم اتجهوا غربا لاتجهوا غربا، ولو قال لهم افعلوا لفعلوا، ولو قال لهم اصمتوا لصمتوا، أو تحدثوا لتحدثوا. هذه حقيقة الطاعة: سمعنا وأطعنا. سمعنا أي سمعنا الأمر أو النهي، وأطعنا أي امتثلنا فنفذنا. والله سبحانه وتعالى
لا يسأل عما يفعل وهم هذه حقيقة التوحيد أن الله يأمر وأن العبد يطيع، ولذلك فإن الإجابة على هذا السؤال ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ستكون أن الله أمر بذلك فأطعنا، هو الذي أمر بالقبلة الأولى وهو الذي أمر بالقبلة الثانية، وما كان الله ليضيع إيمانكم، وهنا يعلمنا الله سبحانه وتعالى أن من أدوات فهم كتابته وكلامه أن نفرق بين الحقيقة والمجاز لأنه هنا قد استعمل كلمة من الكلمات التي يستعملها العرب فيما
تدل عليه بالأساس وهي كلمة الإيمان فإنه أطلقها هنا ويريد الصلاة لأن السؤال كان من الناس فما بال إخواننا الذين سبقونا بالإيمان إلى ربهم وقد انتقلوا إلى رحمة الله تعالى وما بال صلاتهم وما موقفهم عند الله؟ الله سبحانه وتعالى قد فرض الصلاة إلى جهة بيت المقدس فصلوا وامتثلوا وماتوا، ثم تحولت القبلة إلى الكعبة، فهل كانت صلاتهم باطلة؟ يعلمنا ربنا سبحانه وتعالى من ناحية أدوات فهم كتابه أن هناك
في اللغة حقيقة ومجازا، أن هناك حقيقة ومجازا، ولذلك كلمة الإيمان يدل على الصلاة مجازا لأن الصلاة لا تصدر إلا من مؤمن، فأساس الصلاة هو الإيمان فأطلق الإيمان وأريدت النتيجة التي تكون منه وهي الصلاة مجازا. إذن وأنت تقرأ القرآن فاعلم أن الكلام على الحقيقة والمجاز مدخل من مداخل فهم القرآن ويعلمنا قاعدة العدل التي بها نسن القوانين وهي أن القانون لا يجوز أن يكون بأثر
رجعي، القانون يبدأ تنفيذه من حين صدوره لا قبل ذلك، والله يحب العدل ويأمر بالعدل، ويجب عليك إذا ما سننت قانونا أن تمتثل وتلتزم بالعدل لأن العدل هو أساس العمران، هو أساس الملك، وقالوا لا يكون العدل في الملك إلا بالرجال ولا يكون الرجال بالمال ولا يكون المال إلا بالعمران ولا يكون العمران إلا بالعدل فالعدل أساس الملك فمن صفة العدل أن يبدأ القانون في فعله وأثره منذ صدوره لا قبل ذلك فقد قال وما كان
الله ليضيع إيمانكم فالإيمان السابق ليس هناك أثر رجعي لإبطاله وإلا كان تكليفا بما لا يطاق وإلا كان جورا وظلما والله لا يظلم أحدا ولا يظلم ربك أحدا وهو العدل ومن أسمائه العدل وهو سبحانه وتعالى فوق ذلك يعلمنا العدل يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الظلم ظلمات يوم القيامة وما كان الله ليضيع عليكم صلاتكم التي أديتموها على ما أمركم به فإنه عادل ويجب عليكم أن تكونوا عادلين وأن تتخلقوا بأخلاق الله سبحانه وتعالى وصفات جماله، هذا الذي نسترشد به من هذه الآية،
نسترشد من هذه الآية بالأمر بالعدل، نسترشد من هذه الآية بكيفية فهم كتاب الله سبحانه وتعالى، كلمة في كتاب الله نتعامل معها، فإذا بنا قد تعلمنا كيف تكون الحياة وتعلمنا كيف يكون الفهم إلى سعادة الدارين إلى عبادة الله وعمارة الأرض وتزكية النفس إن الله بالناس لرؤوف رحيم يبقى إذا الفهم فيه رأفة والجهل وهو عدم إدراك الواقع وعدم إدراك الأمر على ما هو عليه
عذاب وضيق وحرج وجاءت الشريعة لطلب العلم ورفع الحرج ونفي العذاب الشريعة جاءت هكذا احذر أن تكون جاهلا قالت اقرأ باسم ربك الذي خلق، وهذه القراءة تكون بماذا؟ باسم ربك أي وأنت تبدأ باسم ربك فدعت إلى الإيمان، ولذلك فالعلم الصحيح يؤدي إلى الرأفة والرحمة والعدل يؤدي إلى الرأفة والرحمة، فما دام الله سبحانه وتعالى يرشدنا ويوجهنا إلى العدل وإلى الفهم فهو يؤدي بنا إلى الرأفة والرحمة وإلى لقاء آخر
نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته