سورة البقرة | حـ 158 | آية 144 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

سورة البقرة | حـ 158 | آية 144 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة - تفسير, سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة نقرأ هذه الآيات لعل الله سبحانه وتعالى أن يفتح علينا بمراده يقول ربنا قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها ونرى من أفعال العلم رأى كعلم وأفعال العلم تأخذ مفاعيل ثلاثة، تأخذ ثلاثة مفاعيل، علم
الأستاذ وهو الفاعل أن الطالب ذكي أو مجتهد، فهذان مفعولان، الطالب مفعول أول وذكيا مفعول ثان، فنرى أن علم تأخذ مفعولين وتأخذ ثلاثة مفاعيل، وهذا يجعل الرأي ليس قاصرا على الرؤية البصرية، ليس أبصر إطلاقا، تشمل الرؤية البصرية وتشمل الرؤية العلمية بمعنى علمه وتشمل الحضور والشهادة وتشمل
الرأي والفكر وتشمل المنام رأيت رؤية في المنام ما ليس بعينك هذا أنت رأيتها بخاطرك وبعقلك الباطن كما يقولون إذن نرى من أفعال العلم ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى عندما يقول إنه قد رأى أي قد علم علما من غير جارحة لأن الله منزه عن الجوار، قال تعالى "ولتصنع على عيني"، فالعين هنا ليست كعين المخلوقين وإنما العين هنا مجاز يدل
على أن الله عليم بكل شيء سبحانه وتعالى. قد نرى تقلب وجهك، والتقلب في الوجه معناه أنه كان في جهات مختلفة لأنه قلبه أي غيره، فسبحانه وتعالى لما جاء في الآية بأن قلبه يبقى معناها أنه نظر هنا ونظر هنا ونظر هنا وهذا يدل على تشوق النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يستجاب له الدعاء
وهذا يدل على شيء من التعلق في قلبه بالكعبة المشرفة وهي محل نظر الله وهي بيت الله العتيق وهي أول بيت وضع للناس الله بالأمن والأمان وجعل فيه آيات بينات فكلمة تقلب معناها تعدد الجهات التي نظر إليها واحد يقول لي حسنا ما يبقى انتهى يبقى هو هكذا دعا كثيرا ونحن مرة في حلقة سابقة قلنا أنه ليس من الشرط أن يكون دعا كثيرا بل قد يكون دعا كثيرا أو قليلا نقول له لا ما هو قد يكون في الدعاء الواحد قد قلب وجهه في السماء انظر هكذا يا رب يا رب يا رب يا رب وهكذا فيدل على شدة تعلقه وتشوقه
لاستجابة ذلك الدعاء وكلما تعلق قلب الإنسان باستجابة الدعاء وحمل همه في قلبه كلما كان دعاء أرجى للقبول فإذا كان لأحدكم شيئا فليجعل قلبه مهتما بها فإن الله سبحانه وتعالى من رأفته ورحمته يستجيب لها، فيبقى يعلمنا هنا ما هي آداب الدعاء وآداب الدعاء هذه ستعلمنا قوة الصلة بالله، كما أن لها فائدة حياتية وهي أننا ننال من خير الدنيا والآخرة، اللهم ارزقني فرزقك آه حلو ما هو، فيبقى مضيت هكذا أنجحني اللهم أسعدني اللهم استرها معنا إلى آخره
من أنواع الدعاء الذي يعود على الإنسان بالخير، كيف يستجاب الدعاء بالإلحاح فيه، كيف يستجاب الدعاء بتعلق القلب وحتى همه، اجعل هم الدعاء في قلبك في قلبك فإنك تكون من المستجابين لهم إن شاء الله تعالى، في السماء قالوا السماء قبلة الدعاء كما أن البيت قبلة الصلاة يبقى إذن، لماذا نرفع أيدينا إلى السماء هكذا، هل الله محصور في السماء؟ قالوا لا، إن السماء قبلة كما نسجد لله ولكن أمام البيت الحرام. يأتي شخص جاهل فيقول لك إن هؤلاء يسجدون للبيت، كلا إنهم يسجدون في اتجاه البيت، فالبيت يكون أمامنا هكذا ولكننا البيت ولا نعبد صنما
ولا وثنا، هذا نحن أهل التوحيد الخالص الذي أبرز الحقيقة حقيقة المرسلين منذ آدم إلى خاتمهم صلى الله عليه وسلم، فنحن في الغاية القصوى والعظمى من التوحيد، ولكن سجودنا إليه ليس سجود عبادة بل هو سجود اتجاه، سجود تعظيم ليس للبيت وإنما سجود عبادة لله سبحانه وتعالى وفي الوقت نفسه هو فيه تعظيم لشأن ذلك الذي نتوجه إليه كسجود أهل يوسف ليوسف سجدوا له سجود تحية وتعظيم وإجلال كسجود
الملائكة لآدم سجدوا له سجود تحية وتعظيم وإجلال وكذلك سجودنا إلى جهة البيت هو سجود عبادة لله وتعظيم وتحية للبيت فالسماء قبلة الدعاء كما أن البيت قبلة الصلاة فلنولينك قبلة ترضاها وهنا يطول الكلام في هذا المقام فإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته