سورة البقرة | حـ 165 | آية 150 | تفسير القرآن الكريم | أ.د علي جمعة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه مع كتاب الله في سورة البقرة حيث يقول الله سبحانه وتعالى مكررا مؤكدا نافيا للمجاز مقررا للحقيقة ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره كل كلام للنبي صلى الله عليه وسلم وكل أمر له في الكتاب خوطبت به أمته فلو أنه قال له وحده لكفى ولكنه يريد أن يقطع كل احتمال أن يكون هذا خاصا بالنبي والمسلمون يتفرقون على
قبلة كل فريق منهم يذهب إلى قبلة أبدا يؤكد ويؤكد لم يقتصر على الكلام مع النبي بالرغم أنه لو اقتصر لكفى ولكن لئلا يخرج أحد ويقول ما هذا أمر النبي فحسب وقال له ومن حيث خرجت فول وجهك وهذا وارد أن يجعل أحد شيئا خاصا بالنبي وارد في الشريعة هكذا وارد أنه يكون أمرا خاصا بالنبي ومفهوما من خلال النبي في حين أن أغلب الأوامر هي للنبي وللأمة من بعده ادعوا إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة له ولقومه وللمسلمين
فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين له لمن بعده فصلي لربك وانحر له ولمن بعده إنما عندما يأتي يقول أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قال أمرنا أم قال أمرت قلنا قل أمرت والناس هنا باتفاق المفسرين الشارحين جميع الناس أم المشركون من العرب أم المشركون من العرب تقرأ في التفسير وفي شروح الحديث تجد الناس هنا معناها مشركو العرب فلما حاربوه وآذوه وهددوه في حياته وحياة أهله وحياة أتباعه وأجبروه
على أن يهاجر الضعفاء إلى الحبشة صلى الله عليه وسلم أن يهاجر إلى المدينة وأحاطوا به في الشمال خيبر وفي الجنوب مكة قال أمرت أنا أمرت أن أقاتل هؤلاء الذين يحيطون بي ولو ضحيت بحياتي حتى أبلغ عن ربي فيأخذها أعداء الإسلام يقول لك انظر أنت ها هو يقول له سنجعلها دما لا لن نجعلها دما الحديث يقول أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا، وليس أمرتم، وليس أمرنا. واحد يقول لي حسنا ألست تقول إن كل شيء وجه للنبي يكون موجها لأمته، غالبا وليس
دائما، ولأجل غالبا هذه ربنا يعلمنا أنه غالبا قوم يقول ماذا ومن حيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره، أتعلم لو كانت كل واحدة لا بد أن تسري من خطاب النبي إلى خطاب الأمة، ما كان يبقى لديه ضرورة فلماذا جاء بها؟ جاء بها لكي يبين أن هذا ليس من الصنف الذي فيه خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما يخاطب به الأمة كلها "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك" فيقول ما له وقول الله تعالى "ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن"
فيصبح الحجاب لأهل النبي وبناته فقط، ولكنه يقول "ونساء المؤمنين"، فيأتي أحد الآن من غير الفاهمين فيقول: لا، هذا كان لأيام النبي فقط، كان لبنات النبي فقط، أتعلم لو لم يقل "ونساء المؤمنين" لكان ربما، ولكنه قال "ونساء المؤمنين يكون لا يمكن وهكذا نفهم النصوص أن غالب الأوامر التي وجهت إلى النبي والأحكام التي تعلقت به انتقلت إلى أمته، غالبها وليس كلها، يكون هناك مساحة اختصت به. ما رأيك؟ هذا الدين جميل، هذا الدين جميل حقا، دين عقل، يجعلك تفكر، يجعلك تفهم، حتى لو اختلفت في الرأي يجعلك أنك تفهم الذي أمامك وترد عليه وتقول له لا أنا غير مقتنع بكلامك هذا، هو هذا يمكن كذا، فيرد عليك ويقول كذا وتأخذه وتعطي في الكلام،
ما فيه هيمنة وسيطرة وإنما فيه علم، ومن كان قد استوفى العلم يبقى له وجه يقول لي لا أنا رأيي كذا وأنا أقول له رأيي كذلك فتتسع الأمور وكلها من خلاف التنوع إلى خلاف التضاد والحمد لله الذي بلغنا دينه قال ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني إذن فإن ربنا يرشدنا إلى سنة كاملة لن يتركوك لن تقتنع هكذا بعض
الناس يظن أنه لو شددنا عليه الأرض كلها ستصبح مسلمة لا الدعوة لا يقصد بها أن تحول الناس من غير الإسلام إلى الإسلام الدعوة هي أن تبلغ الناس بصورة لافتة للنظر حقيقة الإسلام وكلمة تقولها وتقول لهم السلام عليكم وما أرسلناك عليهم أي حفيظا، إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وما أنت عليهم بمسيطر. قل الكلمة وخذ نفسك وامض، أد الدعوة. ولذلك لا يتصورن أحد من الناس أن المسلمين في تقصير وقصور وأنهم لماذا لم يصبح العالم كله مسلما، لا
هذه سنة الله في كونه. غير ذلك ولكن القصور والتقصير الخاص بالمسلمين في أنهم لم يقيموا الإسلام الصحيح في أنفسهم ويكونوا شهداء على الناس هذا المطلوب منا، أما الذي يخلق الهداية في قلوب العباد فهو الله وما أرسلك عليهم حفيظا وما أرسلك عليهم مسيطرا، وإلى لقاء آخر نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.